البرهان: الانقلاب على الحكومة الانتقالية خط أحمر

إثر حرب تصريحات في السودان بين المدنيين والعسكريين

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (د.ب.أ)
رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (د.ب.أ)
TT

البرهان: الانقلاب على الحكومة الانتقالية خط أحمر

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (د.ب.أ)
رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (د.ب.أ)

تراجع رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان سريعاً عن تصريحات غاضبة أعقبت المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها البلاد منتصف الأسبوع، وذلك إثر حرب تصريحات بين المدنيين والعسكريين، وانتقادات عنيفة من الأحزاب السياسية لتصريحات البرهان التي كان قد هاجمهم فيها واتهمهم بالفشل. وأكد رئيس مجلس السيادة عدم وجود خصومة بين القوات المسلحة والشركاء المدنيين في الحكومة الانتقالية، والعمل المشترك مع قوى إعلان الحرية والتغيير لإكمال الفترة الانتقالية.
وشن البرهان عقب المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها البلاد الاثنين الماضي، حملة عنيفة على شركائه في الحكومة الانتقالية تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير»، وحملهم المسؤولية عن تكرار المحاولات الانقلابية، التي أرجعها إلى الأزمات الاقتصادية والسياسية والأمنية التي تشهدها البلاد، وتوعد فيها بعدم ترك من سماهم فئة قليلة للاستئثار بحكم البلاد.
وقال البرهان في مقابلة مع فضائية «العربية» مساء أول من أمس، إن الشباب هم أمل الثورة وعماد مستقبل الأمة، وإن الجيش لا يخاصم الطرف المدني، وإن تحالف قوى إعلان الحرية والتغيير، والذي يمثل المرجعية السياسية للحكومة الانتقالية شريك أساسي، وإن الطرفين يعملان لإبعاد شبح الفرقة، وفي الوقت نفسه أكد دعمه لمبادرة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك الموسومة بـ«الطريق إلى أمام».
وجدد البرهان التأكيد على التزامه بالشراكة القائمة، واحترامها، لكنه عاد ليقول: «انقسامات داخل القوى السياسية زادت من ضبابية الفترة الانتقالية».
واعتبر البرهان الانقلاب على الانتقال خط أحمر، وتعهد بحماية الفترة الانتقالية، بقوله: «نحرص على إكمال الفترة الانتقالية كقوة وطنية موحدة ومتناغمة»، وحشد الإرادة لاستكمال الترتيبات الأمنية التي نصت عليها اتفاقية سلام جوبا بين الحكومة وحركات الكفاح المسلح، وتابع: «السلام واحد من المتطلبات الأساسية في البلاد»، وتابع: «نستشعر الخطر والانقلابات خط أحمر في المرحلة الانتقالية». وأرجع البرهان عدم إنفاذ الترتيبات الأمنية إلى أسباب اقتصادية، وأن الأموال اللازمة لها لا تتوفر في خزينة الدولة، ونفى أن تكون المؤسسات الاقتصادية المملوكة للجيش منفصلة، وقال: «المؤسسات الاقتصادية التابعة للقوات المسلحة تعمل في شفافية».
وكان رئيس الوزراء عبد الله حمدوك قد ذكر في تصريحات سابقة أن المؤسسة العسكرية والأمنية تسيطر على نسبة 80 في المائة من جملة النشاط الاقتصادي في البلاد، وأن وزارة المالية والاقتصاد لا تسيطر إلاّ على النسبة المتبقية، وأن الاتفاق على أيلولة المؤسسات التجارية والاقتصادية لوزارة المالية باستثناء مؤسسات الصناعة الدفاعية، لم يواجه تعقيدات.
ورفض البرهان تدخل القوات العسكرية في فض الاحتجاجات في شرق السودان المستمرة منذ أكثر من أسبوع، وقطعت الطريق البري الرابط بين موانئ البلاد، وإغلاق الميناء والمطار، وقال إن الحل سياسي وإن الجيش يتدخل في ظروف معينة ومعروفة.
وتحتج مجموعات قبلية في شرق البلاد على قسمة السلطة والثروة وفقا لاتفاقية سلام جوبا، وتطالب بمعالجة قضايا إقليمها، وفي سبيل ذلك عزلت شرق البلاد بشكل شبه كامل من بقية أنحائها، وهو ما اعتبرته الحكومة المدنية ماسا بالأمن القومي للبلاد. وقال البرهان ردا على سؤال عدم تدخل الجيش لفتح الطرق والموانئ، إن إغلاق الطرق أصبح إحدى سمات الاحتجاج، ولابد من تدخل السياسيين، مضيفا أنه لابد من الجلوس مع أطراف سياسية لحل مشكلة شرق السودان.
ويجيء ذلك في إشارة للمتاريس التي استخدمها ثوار ديسمبر لقطع لإعاقة آليات القمع التي كان النظام المعزول يستخدمها في تفريق الاحتجاجات والتي كانت لا يسمح بقيامها، بيد أن الحكومة الانتقالية كانت قد كفلت حق التظاهر والتعبير السلمي، وهو ما جعل الكثيرين يرون في تتريس الطرقات لم يعد أسلوباً سلمياً.
وقال قائد التجمع القبلي «الناظر» محمد محمد الأمين ترك، أول من أمس، إن احتجاجهم تحت حماية «القوات المسلحة»، بيد أن البرهان قطع بعدم وجود أية علاقة بين المكون العسكري في السلطة الانتقالية واحتجاجات شرق السودان. وأكد البرهان المضي قدما في الشراكة لإنجاح الفترة الانتقالية، والعبور بالبلاد لانتخابات حرة ونزيهة، وقال إن وزارة العدل تعمل على وضع تصور للانتخابات والدستور وإعداد القوانين اللازمة، واشترط إعداد دستور يعالج المشاكل السودانية المزمنة، مضيفاً «التحضير للانتخابات يحتاج إلى عمل كبير بدعم من أصدقاء السودان، مع اقتراب موعد إجراء الانتخابات الذي لم يتبق منه سوى عامين».
ودعا البرهان لفتح المجال أمام القوى السياسية المؤمنة بالثورة والتغيير كافة، وفتح المجال أمامها، بيد أنه عاد وقال إن نهج الشراكة التي نصت عليها الوثيقة الدستورية لم يتغير، بيد أن التحالف السياسي تعرض لانقسامات تستوجب إعادة توحيده. وبشأن المحاولة الإنقلابية قال البرهان للمرة الأولى منذ إحباطها، إن لدى استخباراته معلومات عن أفعال من حاولوا الانقلاب من عسكريين ومدنيين، وتعهد بتقديم العسكريين منهم لمحاكمات عسكرية، وتقديم المدنيين للمحاكمة أمام القضاء.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.