تعثر مانشستر يونايتد وسان جيرمان يثبت فشل سياسة الاعتماد على «الأسماء الرنانة»

أظهر نادي يانغ بويز السويسري شجاعة كبيرة أمام مانشستر يونايتد في دوري أبطال أوروبا في منتصف الأسبوع الماضي وتغلب عليه بهدفين مقابل هدف وحيد. وكانت هذه هي أول مباراة يلعبها النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو في دوري أبطال أوروبا بعد عودته إلى «أولد ترافورد». وتشير الأرقام والإحصاءات إلى أن يانغ بوينز لم ينفق أكثر من ثلاثة ملايين جنيه إسترليني على ضم أي لاعب سوى مرة واحدة فقط. لكن الفريق ظهر بشكل مميز للغاية أمام مانشستر يونايتد المدجج بالنجوم، والذي أنفق مبالغ مالية طائلة على تدعيم صفوفه.
وينطبق نفس الأمر أيضا على نادي كلوب بروج البلجيكي، الذي قدم مستويات جيدة للغاية أمام باريس سان جيرمان، الذي دخل تلك المباراة بخط هجومه المرعب المكون من ليونيل ميسي ونيمار وكيليان مبابي. وانتهت تلك المباراة بالتعادل بهدف لكل فريق، وهي النتيجة التي جاءت في الوقت المناسب تماما لكي تذكرنا جميعا بأن كرة القدم هي لعبة جماعية في الأساس.
لقد صور الكثيرون في وسائل الإعلام الرياضية البريطانية عودة رونالدو إلى مانشستر يونايتد وكأنها انتصار للنادي الإنجليزي العريق، وأشارت إلى أن هذه الصفقة سيكون لها مفعول السحر من الناحية التجارية وبيع القمصان أيضا. ومع ذلك، فمن الواضح أنها خطوة غريبة للغاية على المستوى الرياضي. لقد أحرز مانشستر يونايتد 83 هدفا في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، وهو ما يظهر أن النادي لم يكن يعاني من مشكلة هجومية، فهل نظر مسؤولو هذا النادي إلى الفريق وقالوا إنه بحاجة إلى قلب هجوم طاعن في السن لكي يزيد الفاعلية الهجومية؟
وهل اعتقد مسؤولو مانشستر يونايتد أن التعاقد مع لاعب لا يقوم بأدواره الدفاعية ولا يضغط على لاعبي الفريق المنافس هو ما يحتاجه الفريق حقا لكي يصبح فريقا قويا ومكتملا ويمكنه المنافسة على البطولات والألقاب؟ لكن الحقيقة هي أن عودة رونالدو لم تكن أبدا تتعلق بكرة القدم، بغض النظر عما يقوله اللاعبون السابقون والمحللون عن أهميته للفريق، لكن مسؤولي مانشستر يونايتد تعاقدوا مع النجم البرتغالي من أجل تهدئة الجماهير، التي كانت تحتج وتحاصر النادي في أوائل الصيف!
وفي مواجهة هذا التمرد، تعاقد مانشستر يونايتد مع رونالدو وكأنه مدير تنفيذي في منتصف العمر يشتري لزوجته قلادة ثمينة ليرضيها بعد ستة أشهر من اكتشافها إرساله رسائل غرامية لسكرتيرته، وكأنه يقول لزوجته استمتعي بهذا الشيء اللامع والمغري ولا تفكري في أي شيء آخر! في الحقيقة، تبالغ وسائل الإعلام كثيرا فيما يتعلق بما يمكن لرونالدو أن يقوم به مع مانشستر يونايتد، وتصوره على أنه بطل خارق يمكنه القيام بأشياء إعجازية، رغم أن مسيرته الكروية أوشكت على الانتهاء ولم يعد قادرا على تقديم نفس المستويات التي كان يقدمها في السابق.
لقد شاهدنا هذا الأسبوع غاري نيفيل وجيمي كاراغر وهما يتجادلان على شاشة «سكاي سبورتس» حول من الأفضل: رونالدو أم ميسي؟ ها! من المؤكد أن نيفيل وكاراغر محللان رائعان ولديهما خبرات هائلة، لكن مع بداية ظهور رونالدو لأول مرة بقميص مانشستر يونايتد، بدا نيفيل مقتنعاً حقاً بأن النشاط قد دب في أوصال مدينة مانشستر بأكملها، بل والشعب الإنجليزي كله، من خلال ظهور نجم إنستغرام البالغ من العمر 36 عاما!
لكن الحقيقة أن رونالدو في هذه المرحلة من حياته الرياضية قد تحول إلى شخصية محيرة، وكأنه نجم يحتضر لكن لا يزال ينبعث منه الضوء والحرارة! وكانت هناك لمحة عن هذا الارتباك أمام يانغ بويز، عندما ترك المدير الفني لمانشستر يونايتد، أولي غونار سولسكاير، رونالدو على أرض الملعب عندما كان الفريق يلعب بعشرة لاعبين بعد طرد الظهير الأيمن آرون وان بيساكا، وهو الأمر الذي كان يعكس قوة النجوم أصحاب الأسماء الكبيرة وعدم قدرة المديرين الفنيين على الاقتراب منهم.
صحيح أن هذا الأمر موجود في كرة القدم دائما، لكن ينبغي التوقف عن القيام به لأنه شيء سيئ ويشوه المشهد الكروي برمته. وينطبق نفس الأمر إلى حد ما على النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي وانتقاله إلى باريس سان جيرمان. من الواضح للجميع أن ميسي لديه ما يكفي من التألق والقدرات والإمكانيات التي تؤهله لكي يجعل أي فريق في العالم ينحني لإرادته. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: هل كان باريس سان جيرمان حقا بحاجة إلى نجم جديد في خط الهجوم؟ وهل يمكن لأي فريق في كرة القدم الحديثة أن ينجح في الوقت الذي لا يقوم فيه أي لاعب من الثلاثة لاعبين في الخط الأمامي بواجباته الدفاعية؟
لقد تعاقد باريس سان جيرمان مع ميسي لأن النادي الفرنسي لم يفز بدوري أبطال أوروبا ويشعر بالإحباط والملل. لقد تعاقدوا مع ميسي وكأنه سلعة رفيعة المستوى أو يخت بشري خارق للنادي الباريسي. وكما هو الحال مع رونالدو، هناك شعور بالحزن من أن يتم تشويه هذا التألق وهذا الحب من خلال الآلة الدعائية للشركات والمؤسسات الرياضية. في الواقع، هناك شعور بأن هناك معركة تدور حاليا بين من يمكنه امتلاك مثل هؤلاء النجوم. لكن جاء فوز يانغ بويز على مانشستر يونايتد، وتعادل كلوب بروج مع مانشستر سيتي، في الوقت المناسب تماما لإثبات أن كرة القدم هي لعبة جماعية في المقام الأول والأخير، وأن التعاقد مع نجوم قرب نهاية مسيرتها الكروية بمبالغ مالية طائلة ليس قرارا سليما.