أميركا تطمئن إسرائيل بعد فشل تمويل القبة الحديدية

القرار في الكونغرس يشعل نار الصراع في تل أبيب

رئيس الوزراء الإسرائيلي يتحدث مع جنود من «القبة الحديدية» في غزة خلال أغسطس الماضي (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي يتحدث مع جنود من «القبة الحديدية» في غزة خلال أغسطس الماضي (د.ب.أ)
TT
20

أميركا تطمئن إسرائيل بعد فشل تمويل القبة الحديدية

رئيس الوزراء الإسرائيلي يتحدث مع جنود من «القبة الحديدية» في غزة خلال أغسطس الماضي (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي يتحدث مع جنود من «القبة الحديدية» في غزة خلال أغسطس الماضي (د.ب.أ)

أرسلت جهات أميركية رسمية في البيت الأبيض إشارات طمأنة إلى الحكومة الإسرائيلية، تؤكد فيها أن القرار الذي اتخذ في الكونغرس بإسقاط البند الذي يخصص مليار دولار لتمويل منظومة «القبة الحديدية»، هو قرار تقني، وأن إقرار البند سيتم عبر قانون منفرد، في غضون بضعة أسابيع أو أشهر قليلة.
ومع ذلك، فإن صراعاً نارياً اشتعل في هذا الموضوع، ما بين الحكومة، برئاسة نفتالي بنيت ويائير لبيد، والمعارضة، برئاسة بنيامين نتنياهو.
وكانت مجموعة من أعضاء الحزب الديمقراطي في الكونغرس الأميركي، بقيادة النواب ألكساندريا كورتيز ورشيدة طليب وإلهان عمر وأيانا بريسلي وبراميلا جايابال، قد رفضت إقرار تمويل القبة الحديدية، لأنها تستخدم كسلاح يحمي الاحتلال الإسرائيلي ويشجع على تخليده، وتم سلخ البند المتعلق بهذا الموضوع عن الموازنة، ما يعني أن المساعدة التي وعد بها الرئيس جو بايدن باتت مجمدة. وسارع مسؤولون في البيت الأبيض إلى طمأنة إسرائيل، بالقول: «هناك أغلبية داخل مجلسي الشيوخ والنواب لإقرار المساعدات الطارئة لإسرائيل. ورغم أن الجناح التقدمي داخل الحزب الديمقراطي أصبح بيضة القبان ويعارض بشدة هذا البند، فإن الإدارة واثقة من أنها ستتغلب على المشكلة، وستعيد طرح الموضوع كقرار مستقل في وقت لاحق هذا الأسبوع».
وعلى أثر هذا القرار، اتصل لبيد، رئيس الحكومة البديل ووزير الخارجية، مع زعيم الأغلبية في مجلس النواب الأميركي، ستيني هوير، مستوضحاً، فأخبره هوير أنه مع مجموعة من مؤيدي إسرائيل في «الكونغرس»، مثل تيد دويتش وكاثي مانينغ وجوش غوتهايمر وريتشي توريس وبراد شنايدر وآخرين، سيطرحون مشروع قانون خاص بتمويل القبة الحديدية بالكامل، وأنه واثق من النجاح في ذلك.
وخرج لبيد بتصريحات حادة، أمس (الأربعاء)، يتهم فيها نتنياهو بهدم العلاقات مع الحزب الديمقراطي. وقال: «منذ سنوات طويلة وحكومة نتنياهو تتعامل بغطرسة مع حلفائنا في الولايات المتحدة من الحزب الديمقراطي، وتهمل الكونغرس، وتسبب ذلك بالأضرار التي نجنيها اليوم. لكن حكومتنا تحدث تغييراً جوهرياً في التعامل، وتبني من جديد هذه العلاقات، وتعيد الثقة بيننا وبين الأميركيين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي».
وقال وزير الشتات في الحكومة، نحمان شاي، إن إسرائيل بحاجة إلى الاستثمار في إصلاح طويل الأمد للعلاقات مع الحزب الديمقراطي، بعد الشقاق الكبير الذي أحدثته الحكومة السابقة مع الجالية اليهودية في الولايات المتحدة. وأضاف: «قضية الفصل العنصري تتغلغل، ويُنظر إلينا على أننا عنصريون تجاه العرب. ومع أن إدارة بايدن صديقة جداً لإسرائيل، فإنني قلق بشأن المستقبل البعيد».
ورد حزب الليكود على هذه الاتهامات ببيان عنيف، قال فيه إن بنيت ولبيد يكشفان عن «جهل مذهل»، وعن محاولة لتغطية على فشلهما. وأضاف الليكود: «رئيس الوزراء السابق نتنياهو هو الذي اتفق مع إدارة أوباما على أكبر برنامج أميركي للمساعدة الأمنية على الإطلاق لدولة إسرائيل، بمبلغ 38 مليار دولار خلال عشر سنوات. ولكي ينجح في ذلك اجتمع نتنياهو مع مئات النواب الديمقراطيين في الكونغرس وسخرهم لهذا الدعم ولصالح إسرائيل وفوق كل شيء الأمن. وفي عهده لم يحصل ولو مرة واحدة أن اتخذ قرار ضد إسرائيل في الكونغرس».
يُذكر أن القيادات الإسرائيلية رحبت، أمس، بتصريحات الرئيس بايدن في الأمم المتحدة، خصوصاً في الموضوع الفلسطيني والموضوع الإيراني. وحسب مصدر سياسي في تل أبيب، فإن مضمون هذا الخطاب لم يفاجئ الحكومة التي كان لها دور في توصل واشنطن إلى الاستنتاج، بأن «حل الدولتين غير قابل للتطبيق حالياً». وقال مصدر رفيع مقرب من بنيت إن «تصريح بايدن مهم لجهتين، أولاً لأنه يطيل عمر الحكومة الإسرائيلية ويخفف الضغوط عليها من جانب الأحزاب داخل الائتلاف، وثانياً لأنه يخفف ضغط المجتمع الدولي لتنفيذ خطوات سياسية تجاه الفلسطينيين».
وادعى هذا المصدر أنه «حتى السلطة الفلسطينية أدركت أنها لن تحقق شيئاً حالياً في اتجاه التسوية الدائمة، فبدأت تتعاون في البحث عن تحسينات اقتصادية. وقدمت لائحة مطالب من إسرائيل والولايات المتحدة لدفع خطوات ومشاريع اقتصادية في المناطق الفلسطينية. وفي هذا الإطار جاءت مصادقة الحكومة الإسرائيلية على زيادة عدد تصاريح العمل في إسرائيل لعمال فلسطينيين بـ15 ألفاً، كما صادقت على بناء بضع مئات الوحدات السكنية في قرى فلسطينية في مناطق «C»، وهو ما تعتبره إسرائيل، «بادرة نية حسنة» تجاه الفلسطينيين.
لكن المصدر المذكور، أضاف أن إعلان بايدن فتح صفحة جديدة بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة، تثير قلقاً في إسرائيل، إذ إنها تعتبر الأمم المتحدة منحازة ضدها، وتخشى من أن «يؤدي عناق بايدن الحار للأمم المتحدة، إلى منح وزن لإشكاليات قراراتها العديدة المناهضة لإسرائيل».



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.