اشتباكات غرب درعا بين «أجهزة أمنية» تابعة لدمشق

«الخريطة الروسية» تواصل التمدد جنوب سوريا

عربات روسية غرب درعا جنوب سوريا (تجمع أحرار حوران)
عربات روسية غرب درعا جنوب سوريا (تجمع أحرار حوران)
TT

اشتباكات غرب درعا بين «أجهزة أمنية» تابعة لدمشق

عربات روسية غرب درعا جنوب سوريا (تجمع أحرار حوران)
عربات روسية غرب درعا جنوب سوريا (تجمع أحرار حوران)

وقعت اشتباكات عنيفة على حاجز مساكن جلين بريف درعا الغربي، بعد ساعات من زيارة الشرطة الروسية واللجنة الأمنية التابعة للنظام الحاجز، وتغير الضابط المسؤول عنه، تنفيذا لطلب اللجنة المركزية للتفاوض في ريف درعا الغربي للجانب الروسي ولجنة النظام السوري سبب قيامهم بأفعال ضد المدنيين وانتهاكات واعتقالات ضد أهالي البلدة.
وإذ تضاربت الأنباء عن حقيقة الاشتباكات التي وقعت بشكل مفاجئ ليلة الاثنين - الثلاثاء، قال ناشطون إنها جاءت بعد استمرار انتهاكات الحاجز بحق الأهالي. وأفاد أبو محمود الحوراني الناطق باسم «تجمع أحرار حوران» لـ«الشرق الأوسط» أن «الاشتباكات وقعت بين عناصر المخابرات الجوية والفرقة الخامسة، وبين عناصر حاجز دوار مساكن جلين التابع للأمن العسكري، وتطور إلى حد إطلاق قذائف هاون، سقطت إحداها ضمن الأراضي الأردنية القريبة من بلدة تل شهاب الحدودية، وأخرى سقطت بين حاجز مساكن جلين الذي شهد الاشتباكات وبين حاجز الشيخ سعد الذي انطلق منه الهجوم».
وزاد أن الحاجز شهد صباح الاثنين خلافا بين الضابط المسؤول عنه التابع للفرقة الخامسة، وبين الشرطة الروسية ورئيس فرع الأمن العسكري جنوب سوريا لؤي العلي، حيث أطلق الضابط المسؤول عن الحاجز النار على رئيس فرع الأمن العسكري والشرطة الروسية، الذين زاروا الحاجز بعد مطالب من لجان التفاوض في الريف الغربي بتغير عناصره لاستمرارهم بارتكاب انتهاكات بحق أبناء البلدة.
وأضاف نقلاً عن أحد الحاضرين على الحادثة أن الضابط المسؤول عن الحاجز قال للضابط الروسي ولرئيس فرع الأمن العسكري إنه يأخذ أوامره من الرئيس بشار الأسد وليس منه، ثم أطلق عناصر الحاجز النار على سيارة العميد لؤي العلي والشرطة الروسية، ما دفع الضابط الروسي إلى إعطاء أوامر لعناصر الشرطة الروسية بالانتشار محيط الحاجز وتصويب البنادق الآلية نحو عناصر الحاجز، ثم انسحبت لجنة النظام الأمنية الممثلة برئيس فرع الأمن العسكري والشرطة الروسية من المكان، وانتهى الأمر بتغيير الضابط المسؤول عن الحاجز مع العناصر، بعد عصر يوم الاثنين واستبدال ضابط تابع لفرع الأمن العسكري به.
وكانت قوات النظام السوري قد أرسلت قبل أسبوع عشرات العناصر وعددا من الآليات الثقيلة، وأعادت تمركزها في حاجز «الدوار» في مساكن جلين بريف درعا الغربي بعد أن انسحبت منه العام الفائت.
ويعد حاجز دوار مساكن جلين نقطة وصل بين مدينة طفس وبلدات منطقة حوض اليرموك غرب درعا.
وقال أحد أعضاء اللجنة المركزية للتفاوض في ريف درعا الغربي لـ«الشرق الأوسط» إن الشرطة العسكرية الروسية واللجنة الأمنية التابعة للنظام واللجنة المركزية في ريف درعا الغربي دخلت صباح الثلاثاء بلدة «تل شهاب» بريف درعا الغربي لتنفيذ بنود الخارطة الروسية الجديدة لمناطق التسويات جنوب سوريا، ومتابعة عملية التسوية وتسليم الأسلحة الخفيفة والمتوسطة في بلدات الريف الغربي، وأنشأت مركز للتسوية في إحدى مدارس البلدة لتسليم السلاح وتسوية أوضاع عناصر الفرقة الرابعة من عناصر فصائل التسويات الذين انشقوا عنها مؤخراً وتسليم سلاحهم وبطاقاتهم الأمنية، إضافة لتسوية أوضاع الراغبين من أبناء البلدة المدنيين والعسكريين الفارين والمتخلفين عن الخدمة الاحتياطية والإلزامية، وأن الاتفاق سوف تتم متابعته في بلدات زيزون والعجمي ونهج خلال الأيام القادمة.
وأضاف أنه تم تطبيق كامل الاتفاق في مدينة طفس خلال الأيام الثلاثة الماضية، وأعاد النظام السوري تفعيل النقاط العسكرية الثلاث التي كانت موجودة في المدينة، بحسب الاتفاق الذي توصلت إليه الأطراف في المدينة مع الجانب الروسي واللجنة الأمنية التابعة للنظام السوري.
ونفى عضو اللجنة المركزية للتفاوض في ريف درعا الغربي ما تم تناقله في بعض وسائل الإعلام عن دفع مبالغ مالية لضباط النظام السوري فيما يخص اتفاق مدينة طفس والمناطق في الريف الغربي، وأن الاتفاق تم بعد مشاورات مع وجهاء مدينة طفس واللجنة المركزية ومفاوضات مع الجانب الروسي ولجنة النظام الأمنية، وتم تطبيق كامل بنود الاتفاق من تسليم السلاح الخفيف والمتوسط، ودخول قوة عسكرية وأمنية لتفتيش بعض منازل المدينة بحضور وجهاء المدينة واللجنة المركزية، وانسحبت بعد انتهاء مهمتها، وتثبيت ثلاث نقاط عسكرية في المدينة مهمتها حماية المنشآت الحكومية، كما تم تفعيل وفتح مخفر الشرطة المدنية في مدينة طفس.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.