«أرسينوي»... منصة تنقل المنتجات التراثية المصرية إلى أوروبا

بعض المنتجات التي تقدمها المنصة
بعض المنتجات التي تقدمها المنصة
TT

«أرسينوي»... منصة تنقل المنتجات التراثية المصرية إلى أوروبا

بعض المنتجات التي تقدمها المنصة
بعض المنتجات التي تقدمها المنصة

باتت المنتجات المحملة بروائح التاريخ قوة جاذبة للأجيال العصرية. ربما يكون التشبث بالجذور وسيلة لمواجهة مستقبل أصبح مُجهّلاً بسبب الوباء. لذلك تحظى سوق الصناعة الفولكلورية بزخم وثقل حتى في أوقات الركود التي تسببت فيها الجائحة، بيد أنّ هذا شجع المغتربين إلى الاستثمار في إرث الأجداد من خلال نقل ملامح من حضارات بلادهم إلى عوالم مختلفة، ومن بين هؤلاء الشابة المصرية سارة عرب، التي تركت عملها في الاقتصاد من أجل بناء جسر جديد بين الحضارة المصرية ودول أوروبا.
أطلقت سارة عرب منذ قرابة عام منصة إلكترونية تحت اسم «أرسينوي» لنقل منتجات مستوحاة من التراث المصري ومصنوعة يدوياً بسواعد حرفيين مصريين إلى المجتمعات الأوروبية بشكل عام وألمانيا بشكل خاص.
ببعد ثقافي وتاريخي وحس وطني غير عابئ بالربحية، تروي الشابة المصرية تجربتها لـ«الشرق الأوسط» وتقول: «بعد أكثر من تسع سنوات في مجال الاقتصاد، البنوك تحديداً، شعرت بأنّ ثمة مسؤولية مجتمعية ووطنية تقع على عاتق الجيل الشاب، لا سيما هؤلاء الذين اغتربوا حاملين بلادهم في قلوبهم، قررت وقتها أن أستغل خبرتي في التسويق والاقتصاد للترويج إلى كنوز مصر من صناعات يدوية باتت مهددة بالاندثار بسبب عدم مواكبة سُبل التسويق العصري».
وتردف سارة عرب: «بعد انتقالي للاستقرار في ألمانيا لمست كم يتوق الأوروبيون لمنتجات مصر الفلكلورية. هنا تضافرت الخبرة والتجربة وحب الوطن لتخرج منصة أرسينوي بهدف بناء جسر لنقل الحضارة المصرية، وفي الوقت عينه تعد هذه المنصة سبيلاً لحماية الصناعات اليدوية المصرية من الاندثار».
وعن المنصة المصرية - الألمانية تقول مؤسستها: «لا نقدم منتجات مبتورة الهوية، بينما تجربة شاملة، من خلال الإبحار في الثقافة المصرية، كل قطعة مُرفقة بتفاصيل عن الصناعة والتاريخ والثقافة التي تشكل جذورها. ومصر بلد لها تاريخ ثري لن تنتهي حكاياته وأسراره».
من ناحية أخرى، ثمة أهداف بعيدة انطلقت منها «أرسينوي»، حسب سارة عرب، التي تقول: «بدافع المسؤولية المجتمعية، تحاول المنصة دعم الحرفيين المصريين والنساء المعيلات اللواتي يعملن في حرف يدوية وتعتشن منها، وذلك من خلال تحمل مهمة تسويق منتجاتهم، وكذلك تخصص المنصة جزءاً من اهتمامها لذوي الهمم، بعرض وتسويق أعمال يدوية خالصة صُنعت بسواعدهم».
وتمضي سارة عرب بالقول: إنّ «المسؤولية المجتمعية للمنصة تمتد لتشمل مجال البيئة، فقد خصصنا جزءاً للمنتجات الصديقة للبيئة المعاد تدويرها، لأنّ الوقت قد حان ليتصدى الجميع إلى التغيرات المناخية التي تهدد الحياة على كوكب الأرض».
وعن تسمية المنصة بهذا الاسم الذي يعود لإحدى الملكات المقدونيات اللواتي حكمن مصر، توضح سارة: «كنت أبحث عن سيرة ملكة بارزة في تاريخ مصر، يكون لها اسم رنان يعلق بسهولة في الذهن. وقرأت تاريخ الملكة المقدونية أرسينوي، فوقع الاختيار عليها لأنّها حلقة وصل بين الحضارة المصرية والأوروبية».
وتشير سارة عرب إلى أنّ هناك «ثمة إصرار من القائمين على المنصة على أن تحمل اسم امرأة، دلالة على أنّ أغلب العاملين في الصناعات اليدوية من النساء ذوات حرفة فريدة وأنامل ذهبية».
وعن الحرف اليدوية التي تعرضها المنصة، تقول سارة عرب: إنّ «المنصة تضم عدداً من الحرف المصرية القديمة، التي تمتاز بالصناعة اليدوية الأصيلة، مثل الحُلي المنزلي المصممة من الخشب والنحاس والفضة، وكذلك الزجاج الملون. كما تعرض المنصة أزياءً من نوع خاص لأنّها بالكامل مستوحاة من حضارات مصر المتتالية، وبالطبع الحُلي المصري أحد الحرف المطلوبة، لا سيما تلك القطع المحفورة برموز مصرية قديمة».
تبحر المنصة في محافظات مصر لتقدم كنوزها التي ربما لا يعرفها العالم، فتجد مثلاً حكايات عن قماش «التلّي» المنسوج بأنامل نساء أسيوط، ليحمل تراثهم وحكاياتهم إلى العالم. ومن أبرز المعروضات وأكثرها مبيعاً هو «الكليم» الموشى بزخارف مصرية تروي قصصاً من أصالة الماضي وحرفية صُناع الحاضر.
وتشير سارة عرب في نهاية الحديث، إلى أنّ النجاح الذي حققته المنصة من دون أي دعم حكومي سواء من مصر أو ألمانيا يدحض فكرة أنّ التكنولوجيا تمحو الهوية، وتعتبر أنه ليس أدل على ذلك من حب الأوروبيين وإقبالهم على المنتجات التراثية المصرية، وتختتم قائلة: إنّ «التجربة أثبتت أنّ كل ما هو أصيل لا يمكن أن يزعزع بسهولة، ولكن ما أتمناه أن يتم دعم المنصة من قبل المجتمع الدبلوماسي سواء في مصر أو ألمانيا بغية خلق مستقبل أفضل للصناعات اليدوية».



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.