السودان: عضو في «السيادة» يحذر من « تغيير التركيبة السياسية»

الفكي خلال كلمته أمس في الخرطوم (سونا)
الفكي خلال كلمته أمس في الخرطوم (سونا)
TT

السودان: عضو في «السيادة» يحذر من « تغيير التركيبة السياسية»

الفكي خلال كلمته أمس في الخرطوم (سونا)
الفكي خلال كلمته أمس في الخرطوم (سونا)

حذر عضو مجلس السيادة الانتقالي في السودان محمد الفكي سليمان، من أن محاولات تعديل المعادلة السياسية الحالية «من أجل كسب نقاط لأي طرف» تفتح الباب أمام «احتمالات محفوفة بالمخاطر تضيع الجهد الذي بذل في العامين الماضيين»، فيما واصل كيان يضم عدداً من القبائل قطع الطرق وإغلاق الموانئ شرق البلاد.
وكانت «الشرق الأوسط» نقلت عن مصادر مطلعة أن اجتماع المجلس الأعلى للسلام يوم الجمعة الماضي، شهد مشادات حادة بين الأطراف المدنية والعسكرية في الحكومة، ووجهت اتهامات لأطراف داخله باستخدام ملف أمن شرق السودان لتحقيق مكاسب سياسية، وذلك مع اقتراب نقل رئاسة مجلس السيادة من العسكريين إلى المدنيين المقرر في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. وألقى المكون المدني باللوم على الأجهزة الأمنية والعسكرية، واتهمها بالفشل في حسم التفلتات الأمنية التي تشهدها البلاد. وردت المكونات العسكرية والأمنية بأن قوات الأمن «تريد تفويضاً قوياً يحمي أفرادها من الملاحقات لتقوم بدورها في حسم التفلتات الأمنية كافة»، لكن المدنيين تمسكوا بحق التظاهر السلمي، وبأن «القوانين تكفل للأجهزة الأمنية السلطات الكافية لحسم عمليات التفلت».
وقال الفكي إن المرحلة الانتقالية «أصبحت مهددة بفلول النظام المعزول داخل أجهزة الدولة وخارجها». وحذر خلال حديثه في ورشة خاصة في الخرطوم، أمس، لتفكيك وتصفية آثار النظام المعزول، من مغبة هذه التحركات، مشدداً على ضرورة التعامل معها بحسم حتى لا تفتح الباب أمام الطامعين والمغامرين في تغيير المعادلة السياسية للفترة الانتقالية التي صيغت بصعوبة بالغة.
في غضون ذلك، حرض زعيم أهلي في شرق السودان المكون العسكري الشريك في السلطة الانتقالية على إطاحة الحكومة المدنية التي يرأسها عبد الله حمدوك، فيما استمر أنصاره بإغلاق ميناء بورتسودان المنفذ الرئيسي للبلاد على ساحل البحر الأحمر، وقطع الطريق القومي الذي يربط شرق البلاد بالعاصمة وبقية الولايات الأخرى لليوم الثالث على التوالي. وتحدى محمد الأمين ترك الذي يتزعم قبيلة الهدندوة، إحدى قبائل البجا، بإقامة عرض عسكري كبير من قوات قبيلته، ملوحاً بخيار قيام «دولة منفصلة» في شرق السودان، فيما لم تتخذ الحكومة أي إجراء في مواجهة إغلاق الميناء الذي يتوقع أن يؤثر على انسياب حركة البضائع والتجارة بدرجة كبيرة في عموم البلاد.
وقال ترك لدى مخاطبته حشداً جماهيرياً في منطقة سنكات شرق البلاد، إنه لن يقبل بأي تفاوض أو حوار إلا مع العسكريين في مجلس السيادة، وإنه لا يعترف بشرعية الحكومة التي يقودها المدنيون.
وتعارض مكونات قبلية مؤثرة وذات نفوذ وثقل اجتماعي وسياسي في إقليم شرق السودان بشدة خطوات زعيم الهدندوة التصعيدية في مواجهة الحكومة الانتقالية، وحذرت من تداعياتها على التعايش السلمي في الإقليم.
وفي موازاة ذلك، كونت الحكومة الانتقالية لجنة مكلفة بالتواصل مع المجموعات القبلية في شرق السودان، كان من المقرر أن تتوجه إلى الإقليم، أمس، إلا أن تطورات الأوضاع أدت إلى تأجيل الزيارة.
ودعا ترك المعروف بانتمائه إلى حزب «المؤتمر الوطني» المنحل، رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان وبقية العسكريين إلى إطاحة الحكومة المدنية، وتشكيل مجلس عسكري انتقالي في أقاليم البلاد. وأشاد بـ«المؤتمر الوطني» الذي سبق أن رشحه للمجلس التشريعي في انتخابات 2010، قائلاً إن له «إيجابيات كثيرة».
ويطالب ترك الذي يتزعم كياناً يسمى «المجلس الأعلى لنظارات شرق السودان»، بإلغاء مسار الاتفاقية التي عالجت قضايا الإقليم الشرقي ضمن اتفاقية جوبا للسلام الموقعة بين الحكومة الانتقالية وفصائل الجبهة الثورية المتمردة، بحجة أن الاتفاق لم يشمل كل مكونات الإقليم.
ورهن الزعيم القبلي إنهاء إغلاق ميناء بورتسودان ورفع المتاريس من الطريق القومي، بحل الحكومة الانتقالية، وتسلم الجيش السلطة «لتصحيح مسار الثورة».
وكانت الحكومة أكدت أن حل الأزمة في شرق البلاد «يتم عبر الحوار وليس الحلول الأمنية، بمعادلة سياسية تشارك فيها جميع المكونات الاجتماعية والسياسية في الإقليم».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».