المعارضة التركية تشكك في نزاع إردوغان - أرينج: تبادل أدوار قد يهدف إلى كسب أصوات القوميين في الانتخابات

استمر التراشق الكلامي بين نائب رئيس الحكومة التركية والناطق باسمها بولند أرينج وبين رئيس الجمهورية رجب طيب إردوغان، بينما تواصل «الصمت المعبر» لرئيس الحكومة أحمد داود أوغلو حيال هذا التراشق الإعلامي، موحيا بموافقته على كلام أرينج، وكاشفا عن أزمة عميقة بينه وبين الرئيس إردوغان، رجل تركيا القوي.
وبينما وضعت مصادر تركية هذا السجال في «إطاره الديمقراطي»، رفضت مصادر قريبة من داود أوغلو التعليق لـ«الشرق الأوسط» على موقف أرينج، مشيرة إلى أن الأمر «قيد المعالجة بالطرق المناسبة». لكن مصادر المعارضة التركية شككت في إمكانية أن يكون هذا الجدل «جزءا من مخططات إردوغان لزيادة شعبيته»، مشيرة إلى أنه «بات معروفا لدى الرأي العام أنه يزيد باستمرار من أصواته بفضل الخطوات التي يتخذها في إطار مخطط له وباستراتيجيات التوتر». ورأى رئيس تحرير صحيفة «حريات دايلي نيوز» مراد يتكين أنه إن لم تكن هذه «المشاحنات والمهاترات حملة ثنائية لكسب أصوات الأتراك القوميين والأكراد المحافظين في الانتخابات البرلمانية»، وكانت حقيقة مثل واقعة رئيس المخابرات خاقان فيدان الذي استقال وعاد لرئاسة الجهاز مرة أخرى مؤخرا، فعند ذلك يمكن القول إن آرينتش قد يكون أقدم على خطوة سيكون ثمنها وضحيتها مشواره السياسي. ويرى يتكين أن سهام الانتقادات التي يوجهها رئيس الجمهورية الحالي رجب طيب إردوغان، الذي أوعز عندما كان رئيسا للوزراء لرئيس المخابرات خاقان فيدان بالتفاوض مع عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني ومفوضين عن الحزب في عام 2012، تؤدي إلى تشتيت الأذهان والعقول لدى الرأي العام.
وأوضحت مصادر تركية لـ«الشرق الأوسط» أن أرينج ألغى أكثر من ظهور إعلامي مقرر لتجنب تصعيد الموقف، لكنها أكدت أن الأخير عبر عن واقع مفاده أن ثمة حكومة من صلاحياتها الدستورية إدارة أمور البلاد. وتم إلغاء البرامج التي كان من المقرر أن يشارك فيها آرينتش كضيف أول من أمس وقبله بصورة مفاجئة. كما تراجع آرينتش عن المشاركة في احتفالات عيد النوروز في برنامج تلفزيوني حكومي، كذلك ألغى برنامجه في ندوة العالم الإسلامي المنظم أمس في قاعة حاجي بيرام للاجتماعات من قبل وقف العالم الجديد.
وكان أرينج دعا إردوغان إلى عدم التدخل بشؤون الحكومة، بعد تصريحات للأخير رفض فيها مشروع للحكومة لتشكيل لجنة لمواكبة عملية حل الأزمة الكردية، مكذبا إردوغان الذي نفى علمه بوجود اتفاق مسبق على تشكيل هذه اللجنة، فردّ الأخير مؤكدا أن إردوغان ألقى كلمة مرة أخرى عقب كلمة آرينتش قال فيها إنه سيعرب بطبيعة الحال عن آرائه في موضوع عملية السلام الداخلي مع الأكراد وإنه ليس مجرد دمية في هذا الموضوع.
وأوضح أرينج في تصريح أدلى به أمس أنه ليس هناك من داعٍ للحديث عن خلافات في وجهات النظر بين الحكومة التركية ورئاسة الجمهورية في ما يتعلق بعملية السلام الداخلي، مشيرا إلى أن الحكومة تولي أهمية لما يقوله رئيس الجمهورية، وما يصدر عنه من إشارات وإرشادات. وشدد أرينج في تصريحه على أن الحكومة مسؤولة أمام البرلمان من جهة، وأمام الشعب أثناء الانتخابات من جهة أخرى، موضحا: «بما أن الحكومة هي التي تتولى إدارة البلاد فيجب أن تكون قوية في قراراتها وإجراءاتها، وأن يعلم الشعب ذلك، وعليه فنحن بلا شك بحاجة دائما إلى تنبيهات وإرشادات ومقترحات رئيس الجمهورية، وانتقاداته إذا تطلب الأمر، ونحن على يقين بالخدمات الخيرة التي سيقدمها لبلدنا، ولكن لا تنسوا أن في البلد حكومة ذاهبة إلى الانتخابات، وإن شاء الله ستواصل مسيرتها بعد السابع من يونيو (حزيران) المقبل (موعد الانتخابات البرلمانية) بقوة أكبر، وهذه القوة ينبغي أن تكون معلومة للجميع».
وكرر إردوغان أمس مجددا موقفه الرافض لوجود شيء اسمه «قضية كردية»، معتبرا أن مفهوم «القضية الكردية»، انتهت صلاحيته مع اعتراف الدولة بالمشكلات، وتوجهها نحو الحل. وأكد إردوغان أن هناك من يحاولون تحميل تصريحاته -التي قال خلاها إنه لم يعد هناك قضية كردية- معاني مختلفة، انطلاقا من سوء نياتهم، مضيفا: «في الحقيقة ما أقوله واضح للغاية، لم تعد هناك قضية كردية في تركيا، بل هناك مشكلات لأشقائنا الأكراد». وتطرق إردوغان إلى تكرار زعيم تنظيم «حزب العمال الكردستاني»، عبد الله أوجلان، دعوته قيادات المنظمة لعقد مؤتمر لإقرار التخلي عن العمل المسلح، في رسالته بمناسبة عيد النوروز، مؤخرا، إذ أكد الرئيس التركي ضرورة رؤية النتائج على الأرض، مضيفا: «لا يمكن تحقيق السلام في ظل الأسلحة، خصوصا مع تكرر عدم الإيفاء بالوعود، لا يمكننا التقدم إلى الأمام دون رؤية خطوات ملموسة، في جو تزعزعت فيه الثقة». وأضاف مبررا: «إذا كنت أنتقد فإني أفعل ذلك في سبيل وطني وأمتي، ومن أجل التسوية والأخوة والسلام»، في إشارة إلى تحفظاته على بعض النقاط في ما يتعلق بمسيرة السلام الداخلي، في مقدمتها عدم ترحيبه بتشكيل لجنة تضم أسماء من شرائح مختلفة لمتابعة المسيرة، واحتمال زيارتها أوجلان في سجنه.