«من اللحم إلى الخبز الجاف»... الأفغان يبيعون كل ما يمتلكونه لشراء الطعام

نساء وأطفال أفغان يتلقون تبرعات من الخبز في أفغانستان (أ.ب)
نساء وأطفال أفغان يتلقون تبرعات من الخبز في أفغانستان (أ.ب)
TT

«من اللحم إلى الخبز الجاف»... الأفغان يبيعون كل ما يمتلكونه لشراء الطعام

نساء وأطفال أفغان يتلقون تبرعات من الخبز في أفغانستان (أ.ب)
نساء وأطفال أفغان يتلقون تبرعات من الخبز في أفغانستان (أ.ب)

في أحد الأيام الأخيرة، وقف المواطن الأفغاني محمد أكبر إسحاق زاده على ضفة نهر في كابل، يبيع الغالبية العظمى من ممتلكات أسرته، وذلك بعد أن فقد وظيفته منذ أشهر عندما أنهت شركة الخدمات اللوجيستية الأميركية التي كان يعمل فيها حارس أمن، أعمالها في أفغانستان.
وحسب شبكة «فوكس نيوز» الأميركية، فقد شعر زاده أن الأعباء عليه وعلى أسرته أصبحت لا تُحتمل بعد أن أطاحت «طالبان» بالجمهورية الأفغانية في 15 أغسطس (آب)، الأمر الذي دفع البلاد إلى حافة الانهيار الاقتصادي حيث جمّدت الولايات المتحدة ودول غربية أخرى أكثر من 9 مليارات دولار من أصول البنك المركزي الأفغاني وعلّقت معظم المساعدات.
وفي محاولة أخيرة لتأمين النقود لإعالة زوجته وأطفاله الستة، جرّد زاده منزله في كابل من كل شيء باستثناء عدد قليل من البطانيات للنوم عليها. وبعد ذلك، انطلق إلى سوق على ضفة أحد الأنهار ليبيع جميع الممتلكات.
وقال زاده: «منذ اليوم الذي انهارت فيه الحكومة، ساء كل شيء. لا بد أن أبيع كل شيء فقط لشراء الطعام».
ويتفق معارضو «طالبان» وأنصارها على حد سواء على أن التحدي الأكثر إلحاحاً الذي تواجهه البلاد في الوقت الحالي هو أزمة اقتصادية حادة قد تدفع الملايين إلى براثن الفقر المدقع.
إن كيفية التعامل مع هذه الأزمة تشكل معضلة ملحّة للمجتمع الدولي. فقد يؤدي رفض الإفراج عن الأصول الأفغانية وحجب المساعدات المباشرة إلى نزوح جماعي للاجئين إلى أوروبا، في حين أن السماح بتدفق بعض من هذه الأموال إلى أفغانستان قد يؤدي في النهاية إلى تعزيز نظام «طالبان»، الذي لا يزال كثير من قادته تحت العقوبات الدولية بسبب صلاتهم المزعومة بالإرهاب.
وجمعت الأمم المتحدة في وقت سابق من هذا الشهر تعهدات بتقديم نحو مليار دولار للمساعدات الإنسانية لأفغانستان. ومن المفترض أن يتم تسليم معظم تلك المساعدة من المنظمات غير الحكومية ووكالات الأمم المتحدة لضمان وصولها للمواطنين بعيداً عن إدارة «طالبان».
ومع ذلك، فإن هذه الأموال لن تفي إلا بجزء بسيط من احتياجات الأفغان.
وقال شاه مهرابي، العضو البارز في مجلس إدارة البنك المركزي الأفغاني: «إذا أراد المجتمع الدولي منع حدوث انهيار اقتصادي، فعليه السماح للبنك المركزي بالوصول بشكل محدود ومراقب لاحتياطياته التي جمّدتها الولايات المتحدة. هذه احتياطيات تخص الشعب الأفغاني، وهذه ليست مساعدة».
وأضاف مهرابي: «إذا لم يتم الإفراج عن هذه الأموال، فقد تنفد الأدوية والكثير من المواد الغذائية في أفغانستان قريباً».
ويختلف الاقتصاديون الأفغان البارزون الآخرون مع رأي مهرابي. وقال وزير المالية السابق خالد بايندا، الذي استقال وغادر البلاد قبل أيام من سقوط كابل، إن الأموال الوحيدة التي يجب على الدول الغربية إرسالها إلى أفغانستان هي المساعدات الإنسانية التي تصل إلى الشعب مباشرةً دون أن تمر بحركة «طالبان»، مؤكداً ضرورة حجب الغرب للأموال المجمدة لإجبار «طالبان» على الالتزام بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان في معاملتها للشعب الأفغاني.
وقال السيد بايندا: «هذا هو النفوذ الوحيد الذي يمتلكه المجتمع الدولي. سيعاني الناس ولكن آمل أن تدرك (طالبان) أن الناس قد ينتفضون».
وبعد استيلاء «طالبان» على السلطة مباشرةً، ارتفعت أسعار السلع الأساسية، وتوقفت شحنات الدولارات الأميركية، وتم إغلاق البنوك لأسابيع، وبمجرد إعادة فتحها قامت «طالبان» بتقييد عمليات السحب بشكل صارم لحماية الاحتياطيات النقدية المستنزفة في البلاد.
ولم يتقاضَ الموظفون الحكوميون رواتبهم منذ شهور، وعاد القليل منهم إلى وظائفهم، فرجال الشرطة السابقون وغيرهم من المسؤولين الأمنيين، على وجه الخصوص، لا يثقون بوعود «طالبان» بالعفو، والكثير منهم لا يزالون مختبئين.
ومع ذلك، فقد اضطر بعض الضباط إلى اتخاذ قرارات لا تتوافق مع مبادئهم لكسب المال.
فقد قرر بيسار لاي، ضابط الشرطة السابق، بيع أعلام عدوه السابق «طالبان»، على جانب أحد الطرق الرئيسية.
وقال لاي إنه يكسب ما يعادل 3 إلى 4 دولارات في اليوم من بيع الأعلام، مقارنةً بـ150 دولاراً شهرياً كان يكسبها في وظيفته السابقة.
وأضاف: «لم يكن هناك عمل جيد آخر أمامي. يجب أن أبيع الأعلام لكسب المال مقابل الطعام».
أما باز محمد، وهو ضابط سابق في القوات الخاصة في جهاز المخابرات الوطني الأفغاني البائد، فقد أشار إلى أن أخاه الأكبر يقوم الآن بإطعامه هو وأسرته ويتحمل مسؤوليتهم بالكامل.
وقال محمد: «في الماضي كنا نأكل التفاح واللحوم. أما الآن فنحن نأكل البطاطس والخبز الجاف والشاي».
ولم تقم «طالبان» بعد بصياغة سياسة لإنقاذ الاقتصاد، لكنها تؤكد حاجة المجتمع الدولي لاستئناف المساعدات ومنح حكومتها الاعتراف الدبلوماسي.
وسبق أن توقعت شركة الاستشارات الاقتصادية العالمية «فيتش سوليوشنز»، في تقرير نشرته مطلع الشهر الجاري، انهيار الاقتصاد الأفغاني على المدى القريب.
وتوقعت «فيتش» أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي للبلاد بنسبة 9.7% مع انخفاض آخر بنسبة 5.2% العام المقبل.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».