هناء عطية: أستدعي في أعمالي شخصيات حقيقية لأحقق الانسجام بين المتخيّل والواقعي

الكاتبة المصرية تقول إن الشعر {سرّي الكبير... وليس من الضروري نشره أو كشفه للآخرين}

هناء عطية
هناء عطية
TT

هناء عطية: أستدعي في أعمالي شخصيات حقيقية لأحقق الانسجام بين المتخيّل والواقعي

هناء عطية
هناء عطية

ترى الكاتبة المصرية هناء عطية أن الكتابة عمل روحي بالدرجة الأولى، ثم تأتي بعد ذلك القيم الجمالية المختلفة، كما أن الشعر الذي شكل تجربتها الأولى مع الكتابة ولم تنشره إلا أخيراً، تعتبره أيضاً أمرا شخصيا روحيا. كتبت القصة والرواية وقدمت للسينما سيناريو فيلمي «خلطة فوزية» و«يوم للستات». هنا حوار معها:

> في مجموعتك القصصية «هي وخادمتها» تظهر معظم الشخصيات مجهولة الاسم وبلا ملامح تتحرك في أماكن وأزمنة ضبابية... ماذا وراء ذلك؟
- أكتب في منطقة بين الواقع والمتخيل، وهي تخصني كإنسان يرى العالم ضبابيا، وكأنه يقف وراء جدار من الزجاج، هكذا أرى الأشياء، حيث لا شيء يكون محددا أو واضحا، فالكوب مثلا لا تراه كوبا، بل تراه محاطا بمجموعة من التفاصيل والعناصر، تغير من صورته وتضيف لها كثيرا، من هنا يمكنك أن ترى شخصياتي القصصية والروائية كأنها تتحرك في عالم سرمدي، وهذه النظرة للأشياء تكون محكومة بالطبع بإيقاعي الخاص، وروحي كمبدعة.
> لم تتوقف كتاباتك عند حدود القصة والرواية والسيناريو، لكنك أيضاً تكتبين القصيدة النثرية وقد نشر لك منذ أعوام ديوان «آخر القلب» ماذا أضافت لك كتابة الشعر؟
- الشعر أكتبه منذ البدايات تقريبا في المرحلة الثانوية، وحين كبرت شعرت أنه لصيق بذاتي بل إنه سري الكبير، وليس من الضروري نشره أو كشفه للآخرين، وكأنه مسألة شخصية، لذلك لم أقم بنشرة إلا مؤخراً عندما أشار لي البعض بأنه قد يضيف لي كمبدعة، ورغم كثرة إنتاجي به إلا أنني ما زلت أعتبره أمرا شخصيا وروحيا.
> في بعض قصصك في مجموعتك «عن الأذى» تظهر الشخصيات في مراحل متأخرة من العمر فبعضها في الثمانين، أو على حافة الموت، أو مصابة بإمراض الشيخوخة، أو بعاهات جسدية... ما دلالات ذلك على مستويي الرمز والرؤية؟
- ليست هي الدلالة بالضبط؛ ولكنها الإشكالية الأكثر رعبا بالنسبة للكل. الموت ذلك المأزق الوجودي وتجلياته ومنها الشيخوخة. فهي إحدى مرادفاته القاتلة والأشد قسوة وسخرية. يظل الإنسان في دائرة من العبث والألم والعدم أيضاً، وأظن أن البشرية لم تجب عن تلك الأسئلة بما يكفي لحدوث بعض السلام الحقيقي بعيدا عن الغيبيات، وبخصوص ذلك المأزق أستطيع أن أقول إن الألم هو جوهر الوجود، أما العجز والحيرة والقسوة فذلك ما يشغلني عندما أكتب.
> تتسم قصصك بالتكثيف والقصر الشديد والمشهدية. كيف ترين هذا النوع من الكتابة بعالمها الذي يتكئ على ما هو مقبض وخانق في تفاصيل حياة شخصياتها؟
- الكتابة في نظري عمل روحي بالدرجة الأولى، ثم تأتي بعد ذلك القيم الجمالية المختلفة، أما عن التكثيف فهو انعكاس لروحي، والطرق الخاصة التي ترى بها الأشياء هي مسألة إيقاع لتلك الروح، بما فيها انتقائي لموضوعات بعينها، وكيفية التماس معها والشعور بها ودرجة التقمص أيضاً، المقبض والخانق هو روح تلك الشخصيات بعوالمها، وفي ذلك تكمن الأسئلة وأرواح معذبة أو ضائعة مثلا.
> للجسد الأنثوي حضور واضح في قصصك ورواياتك، لكنه يظهر بين ميت ومتغضن ومصاب بالشيخوخة... هل تشيرين بذلك لما تتعرض له المرأة من ضغوط دائمة؟
- الجسد ذلك المشكل الأكثر تعقيدا في الحياة، ألست معي في أن الروح تخطت مراحل في رحلتها أكبر كثيرا من محدودية الجسد، حتى المتع الحسية مثل الطعام والجنس يظلان مهددين بالمرض أو الموت. ذلك ليس له علاقة بالجنس وحده، والذي أشرت به إلى المرأة وإن كنت أحيانا أشير إلى الأعباء التي كبتلها بها تفسيرات مغالية ومتطرفة فكريا ودينيا، ساهمت في تهميشها، بجانب تقاليد المجتمعات البالية وتلك قضية أخرى، لكن يظل معنى الوجود يشغلني، ومعه القيم الزائفة في أحيان كثيرة، والتي أسستها البشرية منذ القدم فهي تستحق قلقي الخاص، من هنا أكرر أن الكتابة فعل روحي بالدرجة الأولى.
> قلت من قبل إن العمل الأدبي كلما ارتفعت قيمته الأدبية قل عدد قرائه، وأصبح تحويله للسينما صعباً... لماذا وما هي الأسباب؟
- لا أحد ينكر أن العمل الأدبي حين يكون منتشرا يصبح أكثر شعبوية، وهذا يرجع لبساطته وسهولة التعامل معه، وهي بالطبع بعض من الأسباب التي تفسر رواج نوع من الروايات في زمن قصير. فمثلا «عمارة يعقوبيان» للكاتب علاء الأسواني، أرى أنها عمل بسيط، تخاطب عقليات الناس ببساطة، دون حيل أو تعقيدات في السرد أو تكنيك الكتابة، وهو ما جعل القراء يقبلون عليها، لأنه لا يحتاج لأي مجهود للتعاطي معها، وفهمه ومعرفة شخصياتها، والتواصل معها، وربطها بالواقع. أما الكتاب الذين تتسم أعمالهم بلغة خاصة، وتلجأ إلى نوع من السرد المعقد، والأحداث المركبة، فلا يجدون بالطبع قراء كثيرين، وهو ما يؤثر على نسبة الإقبال على قراءة إبداعاتهم، والسبب يكمن في انخفاض مستوى الوعي لدى قطاعات كثيرة في المجتمع، وهي بالطبع تبحث عن أعمال بسيطة تناسب مستوياتها الثقافية وقدراتها البسيطة في الفهم.
> لكن هذا يعني أنه يمكن تحديد ملامح خاصة للقراء وذائقتهم وطبيعة تلقيهم للعمل؟
- يظل القارئ غامضاً بالنسبة لأي كاتب، فلا أحد يعرف من يقرأ له، ولا يمكن لأي مبدع أن يدرك مزاج القراء الخاص ولا تفضيلاتهم، لكن مع ذلك أظن مع تراكم خبرات الكاتب تتكون لديه فكرة افتراضية عن القارئ الذي يسعى للوصول له، وهكذا يبدأ المبدع محاولاته وجهوده الإبداعية للتواصل مع قرائه المجهولين الغامضين، وأنا أعتقد أن شهرة ماركيز جاءت من قدرته على الحكي، ولو أنه لجأ لوسائل أخرى في السرد ما حقق هذا الانتشار.
> لكن ماذا عن الأسباب التي تقف وراء معوقات تحويل الأعمال الإبداعية الصعبة للسينما؟
- الأعمال الجيدة تتطلب زخما من الخيال أكثر منها معلومات، لا بد لكاتب السيناريو أن يقرا ما بين السطور، حتى يستطيع تحويلها إلى أحداث، ويضيف رؤيته لرؤية الكاتب، هناك بالطبع بعض كتاب السيناريو يقدمون عمل الكاتب كما هو، لكن أنا أرى السيناريو إعادة إنتاج للعمل بحيث تحافظ على رؤية الكاتب أو الأديب، وهذا يحتاج إلى سيناريست على مستوى عال من الثقافة، وزخم في الخيال وفهم كبير للكاتب وعمله.
> هناك حضور لشخصيات حقيقية في رواياتك، مثل الفنان أنور كامل، والممثلة محسنة توفيق، والكاتبة أروى صالح وغيرهم... ما هي الرؤية التي تحكم حضور هؤلاء في الحدث القصصي؟
- لا توجد فروق بين ما أكتبه وما يحدث في الحياة التي نعيشها، وهذا ينسحب أيضاً على الشخوص الروائية، بمعنى أنه لا توجد فروق بين الشخصيات المكتوبة والشخصيات التي نراها في الواقع، أما عن استدعاء بعض الشخصيات الحقيقية في عمل أدبي فيأتي من رغبتي لخلق نوع من الانسجام والتجانس بين ما هو متخيل وما هو واقعي، وهناك شخصيات في الحياة أراها وأتعامل معها لا تختلف كثيرا عما نقرأ عنهم في الروايات والقصص، وهذا يعني أنه لا توجد فروق بينهما، من هنا كان سعيي للدمج بينهما من أجل تقليل المسافة بين ما نراه من شخصيات تتحرك بيننا، وبين ما ننسج من شخصيات في الأعمال الأدبية.
> في عمليك السينمائيين «خلطة فوزية» و«يوم للستات» تبدو شخصيات الرجال هامشية، بينما يتجلى نموذج المرأة التي تسكن العشوائيات فهي تتزوج أربع مرات وقادرة دائما على الطموح رغم بؤس وقسوة الواقع، هل تعتقدين أنك عبرت عن واقع نساء العشوائيات بهذا الشكل المتخيل في إطار كاريكاتيري ساخر؟
- ليس هناك إطار كاريكاتيري بالمرة، لكن هناك من النقاد من تحدثوا عن شاعرية الحدث، لم يقل أحد إن هناك أسلوبا كاريكاتيريا، أما الحديث عن زواج المرأة بأكثر من رجل فمن حقها أن تتزوج، عندما تفشل في زواجها، وأنا أعتقد أن فوزية بطلة الفيلم من حقها أن تعبر عن مشاعرها ورغباتها مثل الرجل تماما، وهي بالمناسبة لم تسع للزواج من أي رجل من أجل المال، فهي لا تحتاج لمن يصرف عليها، لأنها متحققة ماليا، لكنها عندما تتزوج تبحث فقط عن الحب والمشاعر.



غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر
TT

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

غازي القصيبي يحضر في أول ملتقى سعودي للأدب الساخر

تشهد منطقة الباحة، جنوب السعودية، انطلاقة الملتقى الأول للأدب الساخر، الذي يبدأ في الفترة من 22-24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وينظمه نادي الباحة الأدبي.

وأوضح رئيس النادي، الشاعر حسن الزهراني، أن محاور الملتقى تتناول «الأدب الساخر: المفهوم، والدلالات، والمصادر»، و«الاتجاهات الموضوعية للأدب الساخر، والخصائص الفنية للأدب الساخر في المملكة»، وكذلك «مستويات التأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظيراتها العربية»، و«حضور الأدب الساخر في الصحافة المحلية قديماً وحديثاً»، و«أثر القوالب التقنية الحديثة ومواقع التواصل في نشوء أشكال جديدة من الأدب الساخر محلياً»، و«سيميائية الصورة الصامتة في الكاريكاتير الساخر محلياً».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وشارك في صياغة محاور الملتقى لجنة استشارية تضم: الدكتور عبد الله الحيدري، والدكتور ماهر الرحيلي، والقاص محمد الراشدي، ورسام الكاريكاتير أيمن يعن الله الغامدي.

وكشف الزهراني أن النادي تلقى ما يزيد على 40 موضوعاً للمشاركة في الملتقى، وأقرت اللجنة 27 بحثاً تشمل؛ ورقة للدكتورة دلال بندر، بعنوان «حمزة شحاتة... الأديب الجاد ساخراً»، والدكتور محمد الخضير، بعنوان «الخصائص الفنية في الأدب الساخر عند حسن السبع في ديوانه ركلات ترجيح - دراسة بلاغية نقدية»، والدكتور صالح الحربي، بعنوان «المجنون ناقداً... النقد الأدبي في عصفورية القصيبي»، والدكتور عادل خميس الزهراني، بعنوان «الصياد في كمينه: صورة الحكيم في النكت الشعبية بمواقع التواصل الاجتماعي»، والدكتور حسن مشهور، بعنوان «الكتابة الساخرة وامتداداتها الأدبية... انتقال الأثر من عمومية الثقافة لخصوصيتها السعودية»، والدكتورة بسمة القثامي، بعنوان «السخرية في السيرة الذاتية السعودية»، والدكتورة كوثر القاضي، بعنوان «الشعر الحلمنتيشي: النشأة الحجازية وتطور المفهوم عند ابن البلد: أحمد قنديل»، والدكتور يوسف العارف، بعنوان «الأدب الساخر في المقالة الصحفية السعودية... الكاتبة ريهام زامكة أنموذجاً»، والدكتور سعد الرفاعي، بعنوان «المقالة الساخرة في الصحافة السعودية... الحربي الرطيان والسحيمي نموذجاً»، والدكتور عمر المحمود، بعنوان «الأدب الساخر: بين التباس المصطلح وخصوصية التوظيف»، والدكتور ماجد الزهراني، بعنوان «المبدع ساخراً من النقاد... المسكوت عنه في السرد السعودي»، والمسرحي محمد ربيع الغامدي، بعنوان «تقييد أوابد السخرية كتاب: حدثتني سعدى عن رفعة مثالاً»، والدكتورة سميرة الزهراني، بعنوان «الأدب الساخر بين النقد والكتابة الإبداعية... محمد الراشدي أنموذجاً». والدكتور سلطان الخرعان، بعنوان «ملخص خطاب السخرية عند غازي القصيبي: رؤية سردية»، والدكتور محمد علي الزهراني، بعنوان «انفتاح الدلالة السيميائية للصورة الساخرة... الرسم الكاريكاتوري المصاحب لكوفيد-19 نموذجاً»، والكاتب نايف كريري، بعنوان «حضور الأدب الساخر في كتابات علي العمير الصحافية»، والدكتور عبد الله إبراهيم الزهراني، بعنوان «توظيف المثل في مقالات مشعل السديري الساخرة»، والكاتب مشعل الحارثي، بعنوان «الوجه الساخر لغازي القصيبي»، والكاتبة أمل المنتشري، بعنوان «موضوعات المقالة الساخرة وتقنياتها عند غازي القصيبي»، والدكتور معجب الزهراني، بعنوان «الجنون حجاباً وخطاباً: قراءة في رواية العصفورية لغازي القصيبي»، والدكتور محمد سالم الغامدي، بعنوان «مستويات الأثر والتأثير بين تجارب الكتابة الساخرة محلياً ونظرياتها العربية»، والدكتورة هند المطيري، بعنوان «السخرية في إخوانيات الأدباء والوزراء السعوديين: نماذج مختارة»، والدكتور صالح معيض الغامدي، بعنوان «السخرية وسيلة للنقد الاجتماعي في مقامات محمد علي قرامي»، والدكتور فهد الشريف بعنوان «أحمد العرفج... ساخر زمانه»، والدكتور عبد الله الحيدري، بعنوان «حسين سرحان (1332-1413هـ) ساخراً»، ويقدم الرسام أيمن الغامدي ورقة بعنوان «فن الكاريكاتير»، والدكتور يحيى عبد الهادي العبد اللطيف، بعنوان «مفهوم السخرية وتمثلها في الأجناس الأدبية».

بعض المطبوعات الصادرة بمناسبة انعقاد أول ملتقى للأدب الساخر (الشرق الأوسط)

وخصص نادي الباحة الأدبي جلسة شهادات للمبدعين في هذا المجال، وهما الكاتبان محمد الراشدي، وعلي الرباعي، وأعدّ فيلماً مرئياً عن رسوم الكاريكاتير الساخرة.

ولفت إلى تدشين النادي 4 كتب تمت طباعتها بشكل خاص للملتقى، وهي: «معجم الأدباء السعوديين»، للدكتورين عبد الله الحيدري وماهر الرحيلي، وكتاب «سامحونا... مقالات سعد الثوعي الساخرة»، للشاعرة خديجة السيد، وكتاب «السخرية في أدب علي العمير» للدكتور مرعي الوادعي، و«السخرية في روايات غازي القصيبي» للباحثة أسماء محمد صالح.