للمرة الأولى... العراق لن يفرض حظر تجول يوم الانتخابات

الاتحاد الأوروبي يشرح مهام بعثته في المراقبة والتحليل

130 خبيراً دولياً يشاركون في مراقبة الانتخابات العراقية الشهر المقبل (إ.ب.أ)
130 خبيراً دولياً يشاركون في مراقبة الانتخابات العراقية الشهر المقبل (إ.ب.أ)
TT

للمرة الأولى... العراق لن يفرض حظر تجول يوم الانتخابات

130 خبيراً دولياً يشاركون في مراقبة الانتخابات العراقية الشهر المقبل (إ.ب.أ)
130 خبيراً دولياً يشاركون في مراقبة الانتخابات العراقية الشهر المقبل (إ.ب.أ)

في مؤشر على تحسن الأوضاع الأمنية في عموم مناطق البلاد بعد سنوات من أعمال العنف والإرهاب، أعلنت قيادة العمليات المشتركة، أمس (السبت)، أنّها لن تفرض حظراً على التجوال في اليوم المخصص لإجراء الانتخابات النيابية العامة المقرر في 10 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. وإذا صمد قرار إلغاء الحظر فستكون المرة الأولى التي تجرى فيها الانتخابات من دون ذلك، فغالباً ما لجأت السلطات العراقية إلى فرض حظر شامل للتجوال لتلافي الهجمات الإرهابية على الناخبين ومراكز الاقتراع منذ الدورة الانتخابية الأولى عام 2005، وقد نجحت الجماعات الإرهابية في أكثر من مرة في شن هجمات والقيام بتفجيرات ضد التجمعات والمراكز الانتخابية في تلك الأيام.
وجاء قرار إلغاء حظر التجوال لـ«تسهيل وصول الناخبين إلى مراكز الانتخابات»، طبقاً لتصريحات صحافية أدلى بها المتحدث باسم قيادة العمليات اللواء تحسين الخفاجي، أمس. وأكد الخفاجي أن «خطة العمليات المتعلقة بالانتخابات تتضمن تشديد الحماية على المراكز وطرق وصول الناخبين وصناديق الاقتراع أثناء عمليات النقل والخزن بما يحول دون تعرضها إلى الضرر أو الاحتراق». وأضاف أن «القرار هدفه وصول أكبر عدد ممكن من الناخبين إلى المراكز الانتخابية كون التصويت إلكترونياً، والأجهزة تغلق بشكل نهائي وموحد في عموم المحافظات عند السابعة مساء».
من جهتها، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» إن «الأشخاص ذوي الإعاقة في العراق يواجهون عقبات كبيرة أمام مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة، بسبب التشريعات التمييزية وعدم مواءمة أماكن الاقتراع مع احتياجاتهم». ورأت أنه «من دون تغييرات عاجلة، قد لا يتمكن مئات آلاف الأشخاص (المعاقين) من التصويت».
وذكر تقرير مطول للمنظمة نشرته، أول من أمس، أن «لجنة الانتخابات تستخدم بشكل حصري تقريباً المباني المدرسية، التي لا يمكن الوصول إلى كثير منها، لأماكن الاقتراع، حيث يحدد مواقع كثير من صناديق الاقتراع في الطابق الثاني في المباني التي لا توجد فيها مصاعد». وأضاف أنه «ليست هناك محطات اقتراع متنقلة، أو تصويت إلكتروني، أو تصويت بريدي، ربما بسبب ضعف النظام البريدي في العراق».
ونقل تقرير المنظمة الحقوقية عن سهى خليل (44 عاماً) وتستخدم كرسياً متحركاً في تنقلها ولم تشارك سابقاً في الانتخابات، قولها: «كل يوم انتخابي هو أكثر الأيام كآبة بالنسبة لي، الجميع يذهب للتصويت وأنا عالقة في المنزل في انتظار نهاية اليوم». كما نقل التقرير عن أشخاص ذوي إعاقة، قولهم: «إنهم يجب أن يعتمدوا في بعض الأحيان على المساعدة للوصول إلى مكان الاقتراع وعندما تأتي هذه المساعدة من أعضاء الأحزاب السياسية، فإنهم يحاولون أحياناً التأثير في كيفية تصويت الشخص».
وقال مدير «جمعية صوت المعوقين العراقيين»، أحمد الغزي، إن «استطلاع مجموعته للانتخابات البرلمانية لعام 2018 وجد أن 200 عضو فقط من أصل نحو 5000 قالوا إنهم تمكنوا من التصويت».
ويتنافس نحو 3500 مرشح، ينتمون لعشرات الأحزاب والكتل السياسية لشغل 329 مقعداً نيابياً في البرلمان الاتحادي، وسيكون بإمكان أكثر من 25 مليون ناخب الإدلاء بأصواتهم من مجموع نحو 40 مليون مواطن. لكن التوقعات تشير إلى عدم ذهاب أكثر من نصف الناخبين إلى مراكز الاقتراع، وأعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، أمس (السبت)، أنها تمكنت من توزيع نحو 14 مليون بطاقة «بايو مترية» للناخبين التي تتطلبها عملية التصويت الإلكتروني من أصل 17 مليوناً.
بدورها، أعلنت رئيسة المراقبين في بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات العراقية، فيوال فون كرامون، أن البعثة لن تتدخل أو تؤثر في العملية الانتخابية، وإنما ستقوم بتحليل مستقل وشامل للعملية. وافتتحت كرامون في مؤتمر صحافي ببغداد، أمس، بعثة الاتحاد الأوروبي لرصد الانتخابات البرلمانية العراقية.
ونقل البيان للبعثة عن كرامون قولها إن «البعثة تعد أول رصد من الاتحاد الأوروبي العراق، ويمكن اعتبارها تأريخية بالنسبة وعلامة واضحة على التزام الاتحاد الأوروبي الجاد بدعم انتخابات سلمية وذات مصداقية وشفافة في البلاد». وأعربت عن فخرها بـ«مرافقة شعب العراق طوال العملية».
وأكدت كرامون: «إننا لن نتدخل أو نؤثر على العملية بأي شكل من الأشكال، هذه انتخابات الشعب العراقي، ونحن هنا للمتابعة والتحليل، مهمة الاتحاد تتمثل في إجراء تحليل مستقل وشامل للعملية الانتخابية، وستقوم البعثة أيضاً بتقييم مدى توافق العملية مع القانون العراقي والمعايير الدولية والإقليمية للانتخابات الديمقراطية التي وافق عليها العراق».
وكشف بيان البعثة عن «وصول الفريق الأساسي المكون من 12 محللاً في 28 أغسطس (آب)، وفي أوائل سبتمبر (أيلول)، انضم إليهم 20 راصداً طويل الأمد، وسيتم تعزيز البعثة براصدين معينين محلياً لفترات قصيرة، من السلك الدبلوماسي ووفد من البرلمان الأوروبي، وبذلك يرتفع عدد راصدي الاتحاد الأوروبي في يوم الاقتراع إلى نحو 80 راصداً من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وكذلك من كندا والنرويج».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.