تونسيون يحتجون ضد «التدابير الاستثنائية» لرئيس الجمهورية

اتهموه بـ«الاستحواذ على السلطة وخرق الدستور»

جانب من المظاهرة المناهضة لقرارات الرئيس سعيد وسط العاصمة التونسية أمس (رويترز)
جانب من المظاهرة المناهضة لقرارات الرئيس سعيد وسط العاصمة التونسية أمس (رويترز)
TT

تونسيون يحتجون ضد «التدابير الاستثنائية» لرئيس الجمهورية

جانب من المظاهرة المناهضة لقرارات الرئيس سعيد وسط العاصمة التونسية أمس (رويترز)
جانب من المظاهرة المناهضة لقرارات الرئيس سعيد وسط العاصمة التونسية أمس (رويترز)

نظم تونسيون أمس وقفة احتجاجية أمام مقر المسرح البلدي بالعاصمة، نددوا فيها بالإجراءات الاستثنائية التي أقرها رئيس الجمهورية قيس سعيد في 25 من يوليو (تموز) الماضي، مطالبين بالعودة لما وصفوها بـ {الشرعية الدستورية}، وتخلي الرئيس عن إحكام قبضته على السلطة، وهو ما أدى، حسبهم، لأزمة دستورية، واتهامات بحدوث انقلاب.
وتجمع المحتجون في وسط العاصمة وأخذوا يهتفون «يسقط الانقلاب»، و«نريد العودة للشرعية»، بينما نظم عشرات من أنصار سعيد احتجاجاً آخر هتفوا فيه «الشعب يريد حل البرلمان». وصاحب الاحتجاج انتشار كثيف للشرطة، وهو الأول منذ إعلان سعيد عزل رئيس الوزراء، وتعليق عمل البرلمان، والسيطرة على السلطات التنفيذية. كما ندد المحتجون بتواصل توقيف النائب البرلماني ياسين العياري، رئيس حركة «أمل وعمل»، وملابسات استدعاء النائب سيف الدين مخلوف، رئيس حزب «ائتلاف الكرامة»، منتقدين بشدة ما اعتبروه «انقلاباً واستحواذاً على السلطة، وخرقاً للدستور وتعطيلا لسير الدولة»،. كما رفع المحتجون شعارات ضد رئيس الجمهورية، وعبروا عن رفضهم الشديد لـ«المحاكمات العسكرية واستهداف الخصوم السياسيين، وإرساء دعائم الحكم الفردي».
وجاءت هذه الوقفة الاحتجاجية تلبية لدعوة أحزاب سياسية، ومنظمات المجتمع المدني للتظاهر في الشارع الرئيسي بالعاصمة، بهدف التعبير عن رفضهم للمسار الدستوري والسياسي، الذي اتبعه رئيس الجمهورية بعد قرارات 25 يوليو الماضي، ولقرار تجميد عمل البرلمان، ورفع الحصانة عن أعضائه، وتجميع كل السلطات بيد الرئيس. في المقابل، شهد الشارع نفسه وقفة نفذها عدد كبير من أنصار الرئيس سعيد، وسط المسيرة المندّدة بالإجراءات الاستثنائية لرئيس الجمهورية، والمنسوبة لأنصار حركة النهضة وحزب ائتلاف الكرامة.
وصرخت محتجة وسط جموع من الشباب المؤيد لسعيد: «يا قيس فعل القانون... لا غنوشي لا عبير نحن حددنا المصير»، فيما كال آخرون الشتائم لرئيس البرلمان راشد الغنوشي، مرددين عبارات «ارحل». ونشرت وزارة الداخلية تعزيزات أمنية كبيرة تحسباً للمناوشات التي قد تحدث بين الطرفين المحتجين بالشارع الرئيسي للعاصمة نفسه.
ومن أبرز الأحزاب التي دعت للاحتجاج حركة النهضة، بزعامة راشد الغنوشي، و«ائتلاف الكرامة، وبعض منظمات المجتمع المدني، ونشطاء سياسيون، أبرزهم الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي. وطالبت الأحزاب المناهضة للرئيس سعيد باستئناف أشغال البرلمان، ورفع قرار تجميد كل اختصاصاته، وطالبت أنصارها بالتظاهر للضغط بشدة على رئيس الدولة، وإجباره عن إنهاء التدابير الاستثنائية.
وبالموازاة مع ذلك، نظمت صباح أمس وقفة احتجاجية أمام قنصلية تونس بفرنسا، شارك فيها عدد من أبناء الجالية التونسية، تعبيراً عن رفضهم للإجراءات الاستثنائية التي أعلنها سعيد. وشارك في هذه الوقفة نشطاء سياسيون، ومن بينهم وزيرة المرأة السابقة سهام بادي، ومستشار رئيس الجمهورية سابقاً محمد هنيد.
وفي هذا الشأن، قال سرحان الشيخاوي، المحلل السياسي التونسي، إن معارضي الرئيس سعيد «انقسموا إلى معارضين مباشرين، وآخرين من خلف الستار. وهناك عدة وجوه سياسية باتت تقود التمرد في وجه مؤسسة الرئاسة. لكن كل هذه التحركات تقودها قيادات حركة النهضة من وراء ستار».
وفي هذا السياق، أكد الشيخاوي اعتماد «النهضة» على «المعارضة الافتراضية»، مؤكداً تجنيدها عدة صفحات للتحريض على قرارات 25 يوليو الماضي، التي عمدت بعد تسجيل بطء شديد في تشكيل الحكومة، وتجسيد المطالب الشعبية، إلى تحريك دعوات الاحتجاج في الشارع.
وتضم قائمة المتمردين على قرارات الرئيس سعيد، الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، وأحمد نجيب الشابي أحد أهم معارضي نظام بن علي، وحمة الهمامي زعيم الأحزاب اليسارية. علاوة على لطفي لمرايحي رئيس حزب الاتحاد الشعبي الجمهوري، والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية.
وبهذا الخصوص، قال المرزوقي في حوار تلفزيوني إن الرئيس الحالي «أصبح يشكل خطراً على البلاد، ويقودها إلى الكارثة والإفلاس»، داعياً إياه إلى الاستقالة، أو إقالته على حد تعبيره. في غضون ذلك، استبق الرئيس سعيد دعوة الأحزاب والمنظمات للتظاهر بإسداء تعليمات إلى الوزير المكلف بتسيير وزارة الداخلية بعدم منع أي شخص من السفر، إلا إذا كان موضوع استدعاء، أو إيداع بالسجن أو تفتيش، مؤكداً على تطبيق ذلك في كنف الاحترام الكامل للقانون، والحفاظ على كرامة الجميع، ومراعاة التزامات المسافرين بالخارج. واعتبر سعيد أن ما يروج له من سوء معاملة «هو محض افتراء من لم يكفهم الافتراء في الأرض».
يذكر أن الرئيس سعيد قد أصدر منذ نحو شهرين قراراً بإعفاء رئيس الحكومة من منصبه، وتجميد كل أنشطة البرلمان، ورفع الحصانة عن جميع النواب. كما تولى السلطة التنفيذية وترؤس النيابة العامة. معتبراً أن هذه الإجراءات ضرورية لحماية الدستور والمحافظة على مصالح الشعب، وتعهد بالكشف عن ملفات الفساد.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.