واشنطن تتهم «حزب الله» بتقويض استقرار لبنان

الخزانة الأميركية تفرض عقوبات على أشخاص تابعين له ولإيران

TT

واشنطن تتهم «حزب الله» بتقويض استقرار لبنان

فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على أفراد في لبنان والكويت اتهمتهم بتوفير التمويل لـ«حزب الله» وتأسيس شركات تعمل كواجهة لدعمه ولـ«فيلق القدس»، التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني، وإطالة حالة عدم الاستقرار في لبنان وتقويض مؤسساته السياسية.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في بيان، إن «حزب الله» يستغل عوائد الشركات لتمويل الأنشطة الإرهابية وتكريس عدم الاستقرار في لبنان، داعياً الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى اتخاذ خطوات لضمان أن «حزب الله» والجماعات الإرهابية الأخرى لا تستغل أراضيها ومؤسساتها المالية.
وأدرجت الخزانة الأميركية كلاً من حسيب محمد حدوان المعروف باسم «الحاج زين»، وهو مسؤول كبير في الأمانة العامة لـ«حزب الله». ويعد من المقربين للأمين العام للحزب حسن نصر الله، ومسؤول عن جمع الأموال من المانحين ورجال الأعمال خارج لبنان.
كما أدرجت علي الشاعر «لدوره في تقديم الدعم المادي والتكنولوجي للحزب». واتهمت واشنطن كلاً من طالب حسين علي جارك إسماعيل وجمال حسين عبد الرحمن الشطي بتحويل ملايين الدولارات إلى «حزب الله» من الكويت. وأشارت إلى قيام طالب حسين علي جارك إسماعيل بالسفر إلى لبنان للقاء مسؤولي «حزب الله» للتبرع بالمال للمجموعة.
وأدرجت الخزانة الأميركية كلاً من ميغاد أميني وعلي قصير التابعين لـ«فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» على قائمة العقوبات. وقالت إنهما قاما بتشكيل شبكة تضم ما يقرب من 20 فرداً وشركة في دول عدة كواجهة لتسهل حركة وبيع ما قيمته عشرات الملايين من الدولارات من الذهب والإلكترونيات والعملات الأجنبية لدعم «حزب الله» و«فيلق القدس».
وقالت الوزارة إن علي قصير «عمل مع مسؤولي (حزب الله) لإدارة الحسابات المصرفية للمجموعة في إيران ويتعاون مع مسؤولي (الحرس الثوري) الإيراني لإدارة المعاملات المالية لصالح كل من (حزب الله) و(فيلق القدس)».
وأوضحت الخزانة الأميركي أن علي قصير ساعد في تحويل مئات الملايين من الدولارات لصالح «حزب الله» وإيران. وأشارت إلى أنه كوّن شبكة من المساعدين لتهريب الذهب والعملات من إيران إلى تركيا عبر الرحلات الجوية التجارية التي تديرها شركة الطيران الإيرانية «ماهان إير» التي تخضع للعقوبات الأميركية ويقوم أحد مساعديه وهو محمد رضا كاظمي ببيع الذهب في تركيا وإرجاع عائد البيع إلى إيران.
وأدرجت الخزانة شبكة المساعدين التي تضم أوميد يزدانباراساد، ومحمد علي داميرشيلو، وسمانة داميرشيلو، لدورها في العمل المالي، كما أدرجت رستم قاسمي المسؤول الرفيع في «فيلق القدس» الذي يشرف على شبكة واسعة تشرف على مبيعات النفط نيابة عن «الحرس الثوري» الإيراني.
وأشارت الخزانة، في بيان، إلى أن «هذه الشركات قامت بعمليات غسل أموال بعشرات الملايين من الدولارات من خلال الأنظمة المالية الإقليمية وقامت بعمليات تبادل للعملات وتجارة الذهب والإلكترونيات لصالح (حزب الله) و(فيلق القدس) الإيراني». وشدد البيان على أن «حزب الله» استغل القطاع التجاري المشروع للحصول على الأموال تمكنه من تنفيذ عمليات إرهابية وتقويض المؤسسات السياسية اللبنانية.
وقال مدير مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بالخزانة الأميركية أندريا جاشكي في بيان: «لن تتردد الولايات المتحدة في اتخاذ إجراءات لتعطيل الشبكات التي تقدم الدعم المالي لـ(حزب الله) و(فيلق القدس) و(الحرس الثوري) الإيراني».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.