إقالة 7 قيادات أمنية تونسية إثر هجوم باردو الإرهابي

بطاقة إيداع بالسجن ضد عنصر أمني مكلف بحراسة مدخل المتحف

رجال الشرطة في شارع الحبيب بورقيبة بوسط العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
رجال الشرطة في شارع الحبيب بورقيبة بوسط العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
TT

إقالة 7 قيادات أمنية تونسية إثر هجوم باردو الإرهابي

رجال الشرطة في شارع الحبيب بورقيبة بوسط العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)
رجال الشرطة في شارع الحبيب بورقيبة بوسط العاصمة التونسية أمس (أ.ف.ب)

أقال الحبيب الصيد رئيس الحكومة التونسية 7 قيادات أمنية مكلفة بالأمن في منطقتي تونس العاصمة وباردو بعد أيام من هجوم مسلح على متحف باردو قتل خلاله 20 سائحا أجنبيا. واتخذ الصيد هذا القرار بعد أن لاحظ «ثغرات» في حماية منطقة المتحف بعد 5 أيام من الهجوم الإرهابي الأكثر دموية بعد الثورة.
كما أصدر القضاء التونسي بطاقة إيداع بالسجن ضد أحد أعوان الأمن المكلفين بحراسة مدخل متحف باردو، فيما تستعد تونس لتنظيم مسيرة دولية للتنديد بالإرهاب، وكذلك لاحتضان الدورة 13 للمنتدى الاجتماعي العالمي.
وبشأن القرارات الحكومية المتعلقة بإقالة مسؤولين أمنيين، قال مفدي المسدي المستشار لدى رئيس الحكومة المكلف بالإعلام والاتصال لـ«الشرق الأوسط» إن «الإقالات شملت مدير وحدات الطريق العمومي، ورئيس منطقة سيدي البشير، ومدير إقليم الأمن بتونس، ورئيس منطقة الأمن، ورئيس المركز ورئيس فرقة الإرشاد بباردو، بالإضافة للمدير عام الأمن السياحي».
وأضاف المسدي أن الصيد أدى زيارة ليلية إلى محيط متحف باردو ووقف على عدد كبير من الثغرات الأمنية، وقرر على الفور اتخاذ إجراء عاجل بإقالة المسؤولين أمنيين في منطقتي تونس وباردو.
وأشارت مصادر أمنية تونسية لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الحبيب الصيد رئيس الحكومة التونسية اتخذ قراره بإعفاء القيادات الأمنية عند منتصف الليلة قبل الماضية ليجري تعيين قيادات أمنية جديدة في حدود الساعة الواحدة من صباح أمس ولم يغادر المكان إلا بعد حصول عمليتي الإقالة والتعيين.
في السياق ذاته، أصدر أمس قاضي التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس المختصة في النظر بالقضايا الإرهابية، بطاقة إيداع بالسجن في حق عون أمن كان من بين المكلفين بحراسة مدخل متحف باردو. واستمع القضاء التونسي إلى عدد من الشهادات الأمنية حول الهجوم الإرهابي الأخير في نطاق بحث قضائي فتحته النيابة العامة لتحديد المسؤوليات. واستمع قاضي التحقيق المتعهد بالقضية إلى شهادة عدد من المسؤولين الأمنيين بمنطقة الأمن بباردو من بينهم رئيس منطقة الأمن بباردو ورئيس مركز الأمن المكلف بحراسة المتحف. وكان محمد ناجم الغرسلي وزير الداخلية التونسية قد أشار إثر العملية الإرهابية إلى فتح بحث تحقيقي في الغرض لتحديد المسؤوليات والإخلالات التي أدت إلى فظاعة الحادث.
وفي نطاق الاستعداد للمسيرة الدولية للتنديد بالإرهاب المزمع تنظيمها يوم الأحد 29 مارس (آذار) الحالي، عقد محمد الناصر رئيس البرلمان التونسي أمس بمقر البرلمان مؤتمرا صحافيا أكد من خلاله أن شعار المسيرة الدولية المذكورة سيكون «بوحدتنا ننتصر على الإرهاب». وأضاف أن الرؤساء التونسيين الثلاثة (رئيس الدولة ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان) سيقودون المسيرة التي دعي لها رؤساء دول وحكومات إلى جانب منظمات دولية وبرلمانات وطنية. وأشار الناصر إلى اعتزام السلطات التونسية تدشين نصب تذكاري في متحف باردو يضم أسماء كل ضحايا العمل الإرهابي الأخير.
وبشأن مشروع قانون مكافحة الإرهاب وغسل الأموال، قال الناصر إن البرلمان في انتظار إحالته على الأعضاء من قبل رئاسة الحكومة التي ما زالت بصدد دراسته على حد تعبيره. وصرح في المقابل بأن البرلمان سيصدر عما قريب أمرا بإحداث صندوق لمكافحة الإرهاب توجه موارده لدعم الوسائل الدفاعية للمؤسستين الأمنية والعسكرية.
من ناحية أخرى، تعرضت آلية مصفحة تابعة للجيش التونسي الليلة قبل الماضية إلى انفجار لغم أرضي مما أدى إلى انقلابها ومقتل رقيب بالجيش لا يزيد عمره على 26 سنة وهو أصيل مدينة سيدي بوزيد (مهد الثورة التونسية) بالإضافة إلى إصابة جنديين آخرين بجراح.
ووفق رواية قدمتها المؤسسة العسكرية التونسية، فإن صورة الحادثة تتمثل في تعمد عناصر إرهابية زرع لغم أرضي في طريق فرعية بمنطقة الكاف (شمال غربي تونس)، وأثناء مرور دورية الجيش تم تفجير اللغم الذي استهدف الآلية الثالثة المكونة لهذا الرتل وهو ما رجح فرضية التحكم عن بعد في عملية التفجير. قوة الانفجار الهائل في انقلاب حاملة الجنود المصفحة.
ورجحت المصادر ذاتها أن تكون عناصر خلية «ورغة» الإرهابية وراء هذه العملية خاصة عقب التضييقات الكبيرة التي لحقت عناصرها بعد تفكيك كل شبكات الدعم اللوجيستي الداعمة لها.
وفي تحد للمد الإرهابي القوي الذي ضرب تونس، تستعد البلاد بداية من اليوم لاستقبال أكثر من 5 آلاف جمعية ومنظمة من مختلف دول العالم في نطاق المنتدى الاجتماعي العالمي في دورته 13، وسيتم تنظيم مسيرة الافتتاح بداية من الساعة الرابعة من مساء اليوم انطلاقا من ساحة باب سعدون باتجاه متحف باردو تحت شعار «شعوب العالم موحدة ضد الإرهاب»، على أن يتواصل المنتدى إلى غاية 28 من نفس الشهر.
وفي هذا الشأن، قال عبد الرحمن الهذيلي رئيس المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لـ«الشرق الأوسط» إن «كل الوفود العالمية أكدت مشاركتها المبرمجة ولم تجر أي تغيير وهو ما يؤكد على حد تعبيره». حجم التضامن الفعلي لمناضلي حركة العولمة البديلة مع تونس وشعبها ومع عائلات الضحايا من مختلف الجنسيات ومدى التزامها بمبادئ السلام والتضامن بين الشعوب من أجل الحرية والديمقراطية.
وسيعرف المنتدى تنظيم 3 مناظرات فكرية من 25 إلى 27 مارس (آذار) الحالي. فيما سيخصص اليوم الختامي للتضامن مع الشعب الفلسطيني. ويتناول المنتدى عدة مواضيع اجتماعية شائكة من بينها الهجرة والبطالة والعدالة الاجتماعية والمساواة والبيئة والتوجهات الاقتصادية العالمية.
وأعلنت لجنة الإشراف على الدورة 13 للمنتدى الاجتماعي العالمي عن تشكيل لجنة خاصة من داخل المجلس الدولي للمنتدى الاجتماعي العالمي ستوكل لها مهمة صياغة «ميثاق باردو» الدولي لحركة العولمة البديلة لمناهضة الإرهاب، وكذلك الدعوة إلى تجمع عام يوم 26 مارس بالمركب الجامعي فرحات حشاد بداية من منتصف النهار لتلاوة مبادئ الميثاق.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم