الرئيس الأفغاني يتعهد بأن تكون بلاده «خط الدفاع الأول للحريات في العالم»

أوباما يستقبل غني اليوم في انطلاقة جديدة للعلاقة بين البلدين

كيري يصطحب غني وخلفهما عبد الله في كامب ديفيد أمس (أ.ف.ب)
كيري يصطحب غني وخلفهما عبد الله في كامب ديفيد أمس (أ.ف.ب)
TT

الرئيس الأفغاني يتعهد بأن تكون بلاده «خط الدفاع الأول للحريات في العالم»

كيري يصطحب غني وخلفهما عبد الله في كامب ديفيد أمس (أ.ف.ب)
كيري يصطحب غني وخلفهما عبد الله في كامب ديفيد أمس (أ.ف.ب)

أكد الرئيس الأفغاني أشرف غني أمس في مقر وزارة الدفاع الأميركية البنتاغون أن بلاده لن تكون عبئا على الولايات المتحدة بعد الآن، فيما ترغب واشنطن في الانطلاق بالعلاقات بين البلدين على أسس جديدة رغم الكثير من الملفات الشائكة. وتعهد غني في كلمة ألقاها أمام البنتاغون بالتصدي للعنف في بلاده، وقال: «نموت ولا نُهزم. الإرهاب تهديد. أنه شيطان. لكننا نحن شعب أفغانستان نرغب في التحدث بالحقيقة للإرهاب بقولنا لا.. لن تتغلب علينا.. لن تُخضعنا. سننتصر». وأضاف الرئيس الأفغاني: «سنمثل خط الدفاع الأول للحريات في العالم».
ووقف إلى جانب غني على المنصة وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر ووزير الخارجية جون كيري.
ومن جانبه، قال كارتر: «الرئيس غني قال بوضوح للشعب الأفغاني إنه بمساعدة الولايات المتحدة.. مستقبل أفغانستان بيد الأفغان وحدهم وهم الذين يقررونه».
وبدأ غني أمس مع رئيس الهيئة التنفيذية الأفغانية عبد الله عبد الله 4 أيام من المحادثات واللقاءات المكثفة في واشنطن تشكل بحسب الإدارة الأميركية مناسبة للتشجيع على «انطلاقة جديدة» في العلاقات الأميركية الأفغانية.
واستقبل أمس كيري غني مع عبد الله عبد الله في منتجع «كامب ديفيد» بولاية ماري لاند الأميركية بعد زيارتهما إلى مقر البنتاغون لعقد مباحثات في الوقت الذي تدرس فيه الولايات المتحدة إبطاء خروج قواتها العسكرية من أفغانستان.
وسيستقبل الرئيس الأميركي باراك أوباما نظيره الأفغاني اليوم تأكيدا على الرغبة في الانطلاق بالعلاقات بين البلدين على أسس جديدة رغم الملفات الشائكة التي لا تزال مطروحة ومنها الجدول الزمني لانسحاب القوات الأميركية والمساعدة المالية والمصالحة مع حركة طالبان.
ومن المقرر أن يلقي غني كلمة يوم الأربعاء المقبل أمام الكونغرس الذي سينعقد لهذه المناسبة بمجلسيه عشية توجهه يوم الخميس إلى نيويورك لعقد لقاءات في الأمم المتحدة.
ويشدد البيت الأبيض بمناسبة هذه الزيارة الأولى لغني بعد نحو 6 أشهر من توليه مهام الرئاسة على تغيير الذهنية السائدة في كابل، مؤكدا على اختلاف الرئيس الحالي عن سلفه حميد كرزاي.
ورغم الملفات الشائكة ومنها الجدول الزمني لانسحاب القوات الأميركية والمساعدة المالية والمصالحة مع حركة طالبان، يشدد البيت الأبيض على التغير في كابل مؤكدا على الفرق بين إدارة غني وسلفه حميد كرزاي.
وقال مستشار الرئيس الأميركي لشؤون أفغانستان وباكستان جيف ايغيرز أن «العلاقات أفضل بشكل واضح، ولم يعد هناك تعاون». وغني الذي يعرف واشنطن جيدا لأنه عمل على مدى 15 عاما لدى البنك الدولي، كثف الإشارات الإيجابية مع اقتراب هذه الزيارة. وتعهد أمام مجموعة من الجنود الأميركيين ومسؤولين كبار في البنتاغون في واشنطن أن بلاده ستبقى ممتنة لهم ووعد بألا تكون أفغانستان «عبئا» على الولايات المتحدة. وأشار مرارا إلى التضحيات التي قدمها أكثر من 850 ألف جندي أميركي انتشروا في أفغانستان منذ اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001 في الولايات المتحدة.
وقال الرئيس الأفغاني إنه يزور الولايات المتحدة لكي «يعبر عن امتنان الأمة للأشخاص في هذا المبنى وبشكل أوسع المجتمع الأميركي، نظرا لتضحياتهم المتواصلة منذ 11 سبتمبر لكي يوفروا لنا الحرية والأمل».
وتختلف هذه التصريحات عن تلك التي كان يدلي بها سلفه حميد كرزاي الذي غالبا ما كان يبدي استياءه في الجلسات العامة والخاصة مع محادثيه الأميركيين.
وأكد غني يوم الأحد الماضي على «المصالح المشتركة» بين البلدين ووجه تحية حارة للدور الذي قام به العسكريون الأميركيون على الأرض خلال 13 عاما.
وتعهد أوباما بسحب القوات الأميركية بحلول نهاية 2016 مع انتهاء ولايته الرئاسية الثانية غير أن الكثير من المسؤولين الأفغان يدعون في اللقاءات الخاصة إلى إبقاء الجنود الأميركيين البالغ عددهم حاليا نحو 10 آلاف إلى ما بعد هذا التاريخ.
وبات البيت الأبيض يتحدث عن «ليونة» في وتيرة الانسحاب خلال الأشهر المقبلة وعلى الأخص فيما يتعلق بالجدول الزمني لإغلاق القواعد الأميركية في أفغانستان غير أن جون إيرنست المتحدث باسم الرئيس أكد أن استحقاق «نهاية 2016 مطلع 2017.. لم يتغير».



إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
TT

إندونيسيون ضحايا «عبودية حديثة» بعد وقوعهم في فخ شبكات جرائم إلكترونية

صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)
صورة عامة للعاصمة جاكرتا (أرشيفية - رويترز)

كان بودي، وهو بائع فاكهة إندونيسي، يبحث عن مستقبل أفضل عندما استجاب لعرض عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات في كمبوديا، لكنّه وجد نفسه في النهاية أسير شبكة إجرامية تقوم بعمليات احتيال رابحة عبر الإنترنت.

يقول الشاب البالغ 26 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، مفضلاً عدم ذكر كنيته: «عندما وصلت إلى كمبوديا، طُلب مني أن أقرأ سيناريو، لكن في الواقع كنت أعد لعمليات احتيال».

داخل مبنى محاط بأسلاك شائكة وتحت مراقبة حراس مسلّحين، كانت أيام بودي طويلة جداً، إذ كان يقضي 14 ساعة متواصلة خلف شاشة، تتخللها تهديدات وأرق ليلي.

وبعد ستة أسابيع، لم يحصل سوى على 390 دولاراً، بينما كان وُعد براتب يبلغ 800 دولار.

وفي السنوات الأخيرة، اجتذب آلاف الإندونيسيين بعروض عمل مغرية في بلدان مختلفة بجنوب شرقي آسيا، ليقعوا في نهاية المطاف في فخ شبكات متخصصة في عمليات الاحتيال عبر الإنترنت.

أُنقذ عدد كبير منهم وأُعيدوا إلى وطنهم، لكنّ العشرات لا يزالون يعانون في مصانع الاحتيال السيبراني، ويُجبرون على البحث في مواقع وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقاتها عن ضحايا.

تروي ناندا، وهي عاملة في كشك للأطعمة، كيف سافر زوجها إلى تايلاند في منتصف عام 2022 بعد إفلاس صاحب عمله، وانتهز فرصة كسب 20 مليون روبية (1255 دولاراً) شهرياً في وظيفة بمجال تكنولوجيا المعلومات نصحه بها أحد الأصدقاء.

لكن عندما وصل إلى بانكوك، اصطحبه ماليزي عبر الحدود إلى بورما المجاورة، مع خمسة آخرين، باتجاه بلدة هبا لو، حيث أُجبر على العمل أكثر من 15 ساعة يومياً، تحت التهديد بالضرب إذا نام على لوحة المفاتيح.

وتضيف المرأة البالغة 46 عاماً: «لقد تعرض للصعق بالكهرباء والضرب، لكنه لم يخبرني بالتفاصيل، حتى لا أفكر بالأمر كثيراً».

ثم تم «بيع» زوجها ونقله إلى موقع آخر، لكنه تمكن من نقل بعض المعلومات بشأن ظروفه إلى زوجته، خلال الدقائق المعدودة التي يُسمح له فيها باستخدام جواله، فيما يصادره منه مشغلوه طوال الوقت المتبقي.

غالباً ما تكون عمليات التواصل النادرة، وأحياناً بكلمات مشفرة، الأدلة الوحيدة التي تساعد مجموعات الناشطين والسلطات على تحديد المواقع قبل إطلاق عمليات الإنقاذ.

«أمر غير إنساني على الإطلاق»

بين عام 2020 وسبتمبر (أيلول) 2024 أعادت جاكرتا أكثر من 4700 إندونيسي أُجبروا على إجراء عمليات احتيال عبر الإنترنت من ثماني دول، بينها كمبوديا وبورما ولاوس وفيتنام، بحسب بيانات وزارة الخارجية.

لكن أكثر من 90 إندونيسياً ما زالوا أسرى لدى هذه الشبكات في منطقة مياوادي في بورما، على ما يقول مدير حماية المواطنين في وزارة الخارجية جودها نوغراها، مشيراً إلى أنّ هذا العدد قد يكون أعلى.

وتؤكد إندونيسية لا يزال زوجها عالقاً في بورما أنها توسلت إلى السلطات للمساعدة، لكنّ النتيجة لم تكن فعّالة.

وتقول المرأة البالغة 40 عاماً، التي طلبت إبقاء هويتها طي الكتمان: «إنه أمر غير إنساني على الإطلاق... العمل لمدة 16 إلى 20 ساعة يومياً من دون أجر... والخضوع بشكل متواصل للترهيب والعقوبات».

ويقول جودا: «ثمة ظروف عدة... من شأنها التأثير على سرعة معالجة الملفات»، مشيراً خصوصاً إلى شبكات مياوادي في بورما، حيث يدور نزاع في المنطقة يزيد من صعوبة عمليات الإنقاذ والإعادة إلى الوطن.

ولم تتمكن الوكالة من التواصل مع المجلس العسكري البورمي أو المتحدث باسم جيش كارين الوطني، وهي ميليشيا تسيطر على المنطقة المحيطة بهبا لو، بالقرب من مياوادي.

وتشير كمبوديا من جانبها إلى أنها ملتزمة باتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المحتالين، لكنها تحض أيضاً إندونيسيا والدول الأخرى على إطلاق حملات توعية بشأن هذه المخاطر.

وتقول تشو بون إنغ، نائبة رئيس اللجنة الوطنية الكمبودية للتنمية، في حديث إلى الوكالة: «لا تنتظروا حتى وقوع مشكلة لتوجيه أصابع الاتهام إلى هذا البلد أو ذاك. هذا ليس بحلّ على الإطلاق».

وتضيف: «لن نسمح بانتشار مواقع الجرائم الإلكترونية هذه»، عادّة أن التعاون الدولي ضروري لوقف هذه المجموعات، لأنّ «المجرمين ليسوا جاهلين: ينتقلون من مكان إلى آخر بعد ارتكاب أنشطتهم الإجرامية».

«جحيم»

تقول هانيندا كريستي، العضو في منظمة «بيراندا ميغران» غير الحكومية التي تتلقى باستمرار اتصالات استغاثة من إندونيسيين عالقين في فخ هذه الشبكات: «الأمر أشبه بعبودية حديثة».

وتمكّن بودي من الفرار بعد نقله إلى موقع آخر في بلدة بويبيت الحدودية الكمبودية.

لكنه لا يزال يذكر عمليات الاحتيال التي أُجبر على ارتكابه. ويقول: «سيظل الشعور بالذنب يطاردني طوال حياتي».