«الملعقة» تتحول لرمز لعملية فرار المعتقلين الفلسطينيين من «جلبوع»

غرق الفلسطينيون في نشوة «الانتصار» بعد فرار ستة معتقلين من سجن «جلبوع» الإسرائيلي الشديد الحراسة، ولم يصدقوا ما حصل، وتداولوا حول الرواية قصصاً لتمجيد «بطولة الأسرى الفارين»، لعل أبرزها أن هؤلاء استخدموا «الملعقة» لحفر النفق الذي خرجوا منه إلى الحرية، قبل أن يُعتقل أربعة منهم مجدداً، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وتحوّلت الملعقة إلى رمز لعمية الفرار، وإلى رمز للنضال، وألهمت رسامين وفنانين وشعراء وصحافيين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي.
ولم يُعرف تماماً من أطلق رواية الملعقة ولم يتم التأكد من دقتها، لا سيما في ظل غياب رواية رسمية لتفاصيل العملية وفي ظل قرار إسرائيلي رسمي بمنع النشر.

وقال المحامي رسلان محاجنة، لوكالة الصحافة الفرنسية في 15 سبتمبر (أيلول) بعد إعادة توقيف المعتقل الفار محمود العارضة «قال لي إن عملية الحفر بدأت في ديسمبر (كانون الأول)»، مضيفاً أنه تم استعمال «كل ما هو صلب خلال عملية الحفر من ملاعق وصحون وحتى يد الغلاية».
وفي مقال أوردته صحيفة «جيروزالم بوست» الإسرائيلية في الثامن من سبتمبر، ذكرت، أن السجناء «حفروا النفق باستخدام ملعقة صدئة... وهربوا عبر نظام الصرف الصحي».
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي في الأراضي الفلسطينية وفي دول عربية، تحوّلت فجأة الملعقة إلى رمز بطولي، وكتب شخص يدعى توفيق المسوري عبر حسابه على «تويتر»، «ملعقة خلفها أبطال وعزيمة... تفوقت بقوتها على الأمن الإسرائيلي».
وفي الأردن، جسّد مصمم الغرافيك رائد القطناني عملية الفرار عبر تصوير المعتقلين مسلحين وقد استخدموا يد الملعقة جسراً نحو الحرية وكتب على الرسم باللون الأحمر «يا حرية».
ونشر الرسم على موقع «ملتقى فلسطين» وحصد إعجاب الآلاف من متابعيه عبر حسابيه على «فيسبوك» و«إنستغرام».

ويقول القطناني «لا يوجد مصدر موثوق يؤكد استخدامهم الملعقة»، مضيفاً «هي تصوّر فني بحت، لم يقصد به الحالة بحد ذاتها وإنما رمزيتها»، وتابع «اعتمدنا الملعقة كأداة تحرّر، خصوصاً أنها استخدمت كثيراً في معركة الأمعاء الخاوية»، في إشارة إلى الإضراب عن الطعام كخطوة احتجاجية يخوضها المعتقلون الفلسطينيون بين الفينة والأخرى احتجاجاً على ظروف اعتقالهم في السجون الإسرائيلية.
في عام 1996، نجح الأسير الفلسطيني السابق غسان مهداوي وأسير ثان في الفرار من سجن كفار يونا، ويقول إنها كانت أول عملية فرار تنفذ عبر نفق بطول 11 متراً تقريباً باستخدام مسمار.
ويبدي مهداوي (48 عاماً) الذي قضى ما مجموعه 19 عاماً في الاعتقال ويعيش اليوم في مدينة طولكرم في الضفة الغربية، إعجابه بعملية الفرار الأخيرة، ويقول «الأسرى قادرون على كل شيء، حتى الحفر بالأظافر».
ويرى مهداوي، أن الملعقة «رمز للعمل الشاق الذي بذلوه... لا يستطيعون أن يحفروا بواسطة ملعقة، فالإسمنت يحتاج إلى أدوات حادة حديثة»، خصوصاً في معتقل مثل «جلبوع» أو ما يسمى بـ«الخزنة».
ويرجّح الأسير السابق أن يكون المعتقلون الفارون نجحوا في «تهريب منشار صغير بحجم خمسة سنتيمترات، أو ربما مسمار أو مطرقة صغيرة حصلوا عليها خلال أعمال ترميم داخل المعتقل»، على غرار ما حدث معه في عملية هروبه.
ويضيف مهداوي الذي اعتقل ضمن خلية تابعة لحركة «فتح» خلال الانتفاضة الأولى «ربما هرّبوها الأداة خلال نقل أحدهم إلى سجن آخر أو إلى المحكمة أو العيادة».
وفي التجمعات والمظاهرات التي عمّت الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس الشرقية وبلدات عربية إسرائيلية، حمل متظاهرون ملاعق في أيديهم وهم يحيون «بطولة» المعتقلين الفارين.

وعبر صفحته على موقع «فيسبوك»، نشر المتحف الفلسطيني في الولايات المتحدة عملاً بصرياً لملعقة معدنية ثبتت بشريط لاصق باللون الأسود على سطح أبيض. وكتب في منشوره «عمل فني جديد، المزايدة تبدأ بمليون دولار».
كما وجد كثيرون في الملعقة مادة دسمة لإطلاق النكات، فنشر شاب مقطع فيديو لم يظهر فيه وجهه أثناء اتصاله بخدمة الطوارئ الإسرائيلية ليخبرهم أنه «شاهد ستة مشبوهين بالمنطقة عندنا وكل واحد منهم يحمل معلقة، أحدهم اسمه محمود والآخر زكريا»، ومن بين «الهاشتاغ» التي أطلقت عبارة «الملعقة المعجزة».
ويقول مهداوي الذي أعيد اعتقاله وأفرج عنه في عام 2009 «الفرار من المعتقلات الإسرائيلية فكرة تلازم كل أسير»، معتبراً أن عملية الفرار الأخيرة «سيخلدها التاريخ».