يوسف خازم يوارى الثرى اليوم في لندن

بعد رحلة صحافية لأكثر من 35 عاماً في مؤسسات عربية ودولية

الزميل الراحل يوسف خازم
الزميل الراحل يوسف خازم
TT

يوسف خازم يوارى الثرى اليوم في لندن

الزميل الراحل يوسف خازم
الزميل الراحل يوسف خازم

يوارى الثرى صباح اليوم (الجمعة) في مقبرة كاربندرز بارك التابعة لبلدية برنت في العاصمة البريطانية الزميل يوسف خازم الذي غيّبه الموت عن 63 عاماً في لندن مساء أول من أمس (الأربعاء) بعد صراع مع مرض عضال استمر نحو 3 سنوات.
والزميل الراحل صحافي وباحث ومستشار إعلامي لبناني، خبير في تأسيس وإعادة هيكلة مؤسسات إعلامية وتطويرها. عمل في هذا المجال مستقلاً ومع هيئة الـ«بي بي سي»، و«ورلد سرفيس تراست» البريطانية، و«المجلس الثقافي البريطاني»، و«المعهد السويدي لتعليم الصحافيين»، و«أنترنيوز يوروب» في كل من مصر، والأردن، وعمان، والسعودية، وسوريا، ولبنان، والمغرب، وليبيا، والسودان، وأوغندا، وبريطانيا، و«المحكمة الدولية في لاهاي» هولندا. عمل صحافياً لأكثر من 35 سنة في مؤسسات إعلامية عدة، من بينها «السفير» في بيروت، و«الحياة» و«الشرق الأوسط» في لندن، و«الوطن» و«آراب نيوز» في جدة، وصحيفة «الوسط» الإلكترونية في القاهرة. غطى حروباً وأحداثاً ميدانية في أكثر من 16 بلداً، وله أبحاث ومؤلفات، أبرزها كتابه «عبد الكريم الخليل: مشعل العرب الأول 1884 - 1915» (دار الفارابي) الصادر عام 2017. وهو حاصل على الماجستير في وسائل الاتصال الجماهيري من جامعة ليستر البريطانية.
والخسارة وألم فراق الزميل يوسف لم يصيبا أسرته الصغيرة (زوجته ديمة الخليل وولداه كريم ونور)، بل طالا الأسرة الصحافية الكبيرة في كل المؤسسات التي عمل فيها من بيروت إلى لندن وجدة والقاهرة وغيرها.
في ربيع 2018، عاد يوسف إلى لندن من سنوات عمله الطويلة في الدول العربية، وما كاد يحل الصيف حتى اكتشف الأطباء وجود خلية سرطانية في أمعائه وأخرى في كبده. وبدأ عندها في خوض معركة جديدة ومختلفة... وسمح لنفسه بأن يخبر الأعزاء من أصدقائه بهذه التفاصيل، وكان كلما اطمأن أحدهم عليه، يخبره عن ألمه مقدماً اعتذاره؛ لأنه قد يتسبب في حزن أو إزعاج للمتصل به. هذا هو يوسف. أمضى عمره مسالماً وديعاً لا يعرف الأذى، وتكاد الأرض لا تشعر بوقع خطاه عليها حين يمشي وإن كان طوله يقارب المترين.
بعد سنة وشهرين من العلاج كان يوسف فرحاً وأفرح أحبته بأن الصور المقطعية والإشعاعية أظهرت تجاوباً كبيراً للأورام مع الكيميائي... لكن الحال تبدل لاحقاً إثر فترة توقف لعلاج القسرية الناتجة من وباء كورونا. وفي الأشهر الأخيرة أمضى فترات علاج في المستشفى إلى أن حل الخبر الذي أحزن كل من عرف يوسف، خلافاً لما كان يحب ويرضى.
نقابة المحررين
وفي بيروت، نعت نقابة محرري الصحافة اللبنانية الزميل خازم، قائلة في بيان، إنها تبلغت «بأسى وحزن نبأ وفاة الزميل يوسف خازم في لندن بعد صراع طويل مع المرض، وهو الصحافي الذي عمل لعقود طويلة في جريدتي (الحياة) و(السفير) وكان كاتباً ومؤرخاً وباحثاً مشهود له بالكفاءة والثقافة العالية». وقال النقيب جوزف القصيفي في نعيه:
رحم الله الزميل يوسف خازم رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، وأفسح له بين الأبرار الصالحين من عباده، وألهم آله وذويه وأصدقاءه وعارفيه جميل الصبر والعزاء». وأضاف «لقد كان الزميل يوسف خازم قامة فكرية، ثقافية، ومؤرخاً وباحثاً، كتب العديد من المؤلفات وأضاء على موضوعات متنوعة، وشكّل بإسهاماته في عدد من الصحف والمجلات إضافة نوعية في عالم المهنة، فاستحق تقدير متابعيه الكثر، وكان مثار إعجاب أهل العلم والثقافة والناقدين الموضوعيين. كان عمله في جريدة (الحياة) ومن قبل في جريدة (السفير) يتسم بالجدية والحرفية والتزام الحقيقة، والمعايير العلمية الصارمة. كما كان ودوداً، وحريصاً على نسج علاقات تواصل مع زملائه عمادها الاحترام. وها هو يمضي إلى ملاقاة وجه ربه بعيداً عن الوطن الذي حمله في طوافه الدائم، أيقونة وموالاً جنوبياً، ولكن شاءت الأقدار أن يعانق جثمانه تراب الغربة مبللاً بدمع الحزن على الغياب المر الذي خلفه، ولم يتبق منه سوى الذكرى والذكريات».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.