«دانتي 700»... أمسيات افتراضية بين لبنان وإيطاليا

ينظمها «بيروت للأفلام الوثائقية»

تتناول احتفالية «دانتي 700»  تأثُره بالثقافات العربية والإسلامية
تتناول احتفالية «دانتي 700» تأثُره بالثقافات العربية والإسلامية
TT

«دانتي 700»... أمسيات افتراضية بين لبنان وإيطاليا

تتناول احتفالية «دانتي 700»  تأثُره بالثقافات العربية والإسلامية
تتناول احتفالية «دانتي 700» تأثُره بالثقافات العربية والإسلامية

التقاء الثقافات وتناولها من نواح مختلفة إن بالأعمال السينمائية أو الشعرية والموسيقية تحضر في لبنان، وهذه المرة يستضيفها تحت عنوان «دانتي 700»، من خلال مهرجان بيروت للأفلام الوثائقية (باف). وفي أمسيات متتالية بينها ما يدور مباشرة على أرض منزل آل داغر التراثي في الجميزة، وأخرى افتراضية، انطلقت فعاليات المهرجان في بيروت لتستمر لغاية 26 سبتمبر (أيلول) الجاري.
تسلط هذه الأمسيات الضوء على الشعر الملحمي لدانتي صاحب لقب «أبو اللغة الإيطالية» التي شكلت أبرز الإنجازات في الأدب الإيطالي.
ويتضمن برنامج الاحتفالات سهرات فنية موسيقية وشعرية ووثائقية، من تنظيم مديرة المهرجان أليس مغبغب وبالتعاون مع المركز الثقافي الإيطالي في بيروت.
وتشير مغبغب في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه كان لا بد من هذا اللقاء بين بيروت ودانتي خصوصاً أنه يأتي في ذكرى مرور 700 عام على رحيله. وتتابع: «لا يمكننا أن لا نتوقف أمام هذه المحطة الثقافية العالمية بامتياز وأمام فيلسوف قرأ لأبي العلاء المعري وعرف أسرار الشرق الثقافية، وغاص بها إلى أبعد حدود. فالثقافة هي في النهاية القلاع التي تحمي حريات البلدان وكراماتها وتحميها من الانهيار والزوال».
ومع هذا الحدث تشهد بيروت إعادة افتتاح منزل آل داغر التراثي في الجميزة، بعد أن طاله انفجار المرفأ في 4 أغسطس (آب) من العام الفائت. ويستضيف هذا المكان الذي شكل عنوانا لمشغل مصمم الأزياء العالمي ربيع كيروز قبيل دماره بفعل الانفجار، أمسيات فنية مختلفة. فيعزف الموسيقي نداء أبو مراد مقاطع على آلة الكمان ترافق أشعار دانتي. ويوضح أبو مراد لـ«الشرق الأوسط»: «يسرني أن أشارك في احتفالية «دانتي 700» ضمن عمل موسيقي جديد لي تحت عنوان «دانتي وبياتريتشي: إنشادية روحية إيطالية مشرقية». اخترت في هذا الصدد أبياتاً (بالنص الإيطالي الأصلي وفي ترجمتها العربية) من ملحمة دانتي أليغيري (1265 - 14 أيلول 1321)، بالإضافة إلى أبيات لأبي العلاء المعري (973 - 1057)، وهو أحد ملهمي تحفة دانتي، ولحنتها على نسق ألحان إيطالية من القرن الرابع عشر وألحان مشرقية من العصر العباسي ومن عصر النهضة العربية». ويتابع نداء أبو مراد في سياق حديثه: «تتبع هذه الإنشادية مسار الملحمة التدربي، مع مقدمة وثلاثة فصول: الجحيم، المطهر، الجنة. يتركز الموضوع على الإرشاد الذي تمارسه بياتريتشي (محبوبة دانتي التي ماتت باكراً والتي تظهر هنا في شكل ملائكي) على دانتي. يؤدي هذا الإنشاد مجموعة الجامعة الأنطونية لموسيقى العصر الوسيط، وأعزف فيها على الكمان مقطوعات فارسية وأخرى من العصر الوسيط الأوروبي والكمان المشرقي، إضافة إلى قيادة المجموعة التي ترافقني. وتغني رفقا رزق فيما كريستو علماوي يعزف على آلة العود وينشد بعض الأغاني. أما غسان سحاب فيقدم عزفا على آلة القانون».
وتستضيف أمسية 26 سبتمبر، أستاذة اللغة العربية في جامعة «لويس» الإيطالية فرنشيسكا ماريا كوراو، والشاعر والناقد الثقافي عبده وازن، فيتحدثان عن الثقافة العربية في ملحمة دانتي.
وتعلق أليس مغبغب: «هناك نقاط تشابه كثيرة بين دانتي واللبنانيين. فهو هاجر من مدينته فلورانس بعد اضطهاد حكامها له. تعذب وتشرد وشهد الكثير من الويلات إلى حين استقراره في مدينة رافين الإيطالية. وفي هذه السهرة الافتراضية سيتحدث ضيفينا عن تأثير الشعر والفلسفة والحضارة العربية في شعر دانتي. وسيشرحانها ضمن أبيات الملحمة الموزعة على 33 بيت شعر تحكي عن جهنم و33 أخرى تحكي عن المطهر و34 ثالثة تتناول النعيم وقد دونها دانتي جميعها بالإيطالية».
ومن الأمسيات التي تتضمنها الاحتفالية في 17 الجاري واحدة تجمع ما بين الشعر والمسرح والموسيقى في منزل آل داغر في الجميزة. ويشارك فيها الفنان الإيطالي الفرنسي سيزار كابيتاني الذي سيقرأ بالفرنسية والإيطالية مقتطفات من ملحمته. وكذلك عازف القانون غسان سحاب الذي سيقدم مقطوعات من نوع التقسيم ترافق عملية إلقاء الشعر لكابيتاني.
ومن الأفلام الوثائقية التي تعرض عبر وسائل التواصل الاجتماعي من ضمن برنامج الاحتفالية ثلاثة أفلام وثائقية لنيكولا خوري، يتطرق فيها إلى جهنم التي يعيشها اللبنانيون من خلال الهندسة المعمارية والرقص والفن. فيتناول في «نييمير إلى الأبد» معرض رشيد كرامي المدمر في طرابلس. وفي «مدينة وامرأة» يحكي عن انفجار بيروت، فيما يحكي في «انفرنو رسائل إلى لارا» عن قصة مأساوية جرت في لبنان. وسيعرض أيضاً افتراضياً فيلم «بوتيتشيللي –انفرنو» مساء 21 سبتمبر للمخرج رالف لو، وهو وثائقي يسلط الضوء على الوجه الآخر للرسام العالمي.
وفي حديث مع مديرة المركز الإيطالي في لبنان مونيكا زيكا أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أن البرنامج الذي تتضمنه الاحتفالية منوع وغني. وعن أهم الأمسيات فيه تقول: «جميعها أمسيات ثقافية رائعة، ولكنني أميل نحو السهرة الموسيقية للدكتور نداء أبو مراد التي نظمت خصيصاً للمناسبة. وكذلك الأمسية التي يحييها الفنان الإيطالي الفرنسي سيزار كابيتاني وسيقرأ خلالها مقتطفات من شعر دانتي».
وعن المشاريع المستقبلية بين لبنان وإيطاليا تقول: «هناك عدة مشاريع نعمل على تحضيرها في المجال الثقافي الفني وبينها معارض تستضيفها جامعات لبنانية لفنانين إيطاليين ولبنانيين محورها بورتريهات عن دانتي. كما سننظم مؤتمراً خاصاً عن علم الآثار، نحضر له منذ نحو ثلاث سنوات. فهناك إيطاليون كثر يعملون في هذا المجال في لبنان منذ فترة طويلة. ويستضيف المؤتمر بعضاً من هؤلاء الأشخاص إضافة إلى لبنانيين يعملون في المجال نفسه. وهدفنا الأول كمركز ثقافي إيطالي، هو الإبقاء على هذا التعاون بين البلدين. وقد اخترنا هذه المهمات بالذات لأنها تطال الشعبين بشكل مباشر».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».