الكاظمي: استرداد الأموال المنهوبة أولوية

تحدث عن دور الفساد في الصراع الطائفي وإضعاف أجهزة الدولة

الكاظمي خلال كلمته في افتتاح المؤتمر في بغداد أمس (رئاسة الحكومة العراقية)
الكاظمي خلال كلمته في افتتاح المؤتمر في بغداد أمس (رئاسة الحكومة العراقية)
TT

الكاظمي: استرداد الأموال المنهوبة أولوية

الكاظمي خلال كلمته في افتتاح المؤتمر في بغداد أمس (رئاسة الحكومة العراقية)
الكاظمي خلال كلمته في افتتاح المؤتمر في بغداد أمس (رئاسة الحكومة العراقية)

شدد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي على أن استرداد الأموال المنهوبة من الخارج ومكافحة الفساد، أولويتان لحكومته. ورأى أن الفساد «توأم تنظيم (داعش) وظهيره، وهو يبطش بالعراقيين»، مشيراً إلى دوره في الصراع الطائفي وإضعاف أجهزة الدولة.
تصريحات الكاظمي جاءت خلال تدشينه مؤتمر استعادة الأموال المنهوبة بالفساد، أمس، مع الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط. وتختتم أعمال المؤتمر الذي يقام برعاية الحكومة العراقية اليوم، ويشارك فيه عدد من وزراء العدل العرب ورؤساء مجالس القضاء والأجهزة الرقابية، إلى جانب جمعيات منظمات وشخصيات قانونية وأكاديمية وإعلامية عربية.
وقال الكاظمي، في كلمة الافتتاح، إن «الفساد وتهريب الأموال مرض خطير يصيب المجتمع... ونعترف بأن هذا الداء أصاب دولتنا لعقود، فهناك مليارات من الدولارات تمت سرقتها وتهريبها في عهد النظام الديكتاتوري السابق، وللأسف ما بعد العام 2003. سمحت الأخطاء التأسيسية في تفاقم الفساد وبنحو أكثر خطورة، واستغل البعض الفوضى الأمنية والثغرات القانونية في سرقة أموال الشعب ونقلها إلى خارج العراق».
وأكد أن «مواجهة الفساد واسترداد أموال الشعب العراقي المهربة إلى خارج العراق، يمثلان أولوية للحكومة الحالية»، لافتاً إلى أن «الفساد والإرهاب وجهان لعملة واحدة». وأوضح أن «الفساد كان حاضراً عندما تمت محاولة الزجّ بالمجتمع في صراع طائفي مزيف، هدفه الأول والأخير هو نهب الأموال، وكان الفساد حاضراً في إضعاف مؤسسات الدولة، وفي اختيار الشخص غير المناسب في المكان المناسب في كل المؤسسات، مثلما كان الفساد توأم تنظيم (داعش) وظهيره وهو يبطش بالعراقيين».
وذكر الكاظمي، في معرض حديثه عن أعمال «اللجنة الخاصة لمكافحة الفساد» التي شكّلها العام الماضي، أنها «كشفت خلال عام واحد ملفات فساد لم تكشف طوال 17 عاماً، واستردت أموالاً منهوبة من الخارج، وفي المقابل تعرضت اللجنة إلى هجوم واتهامات باطلة، كان الهدف منها إحباطها وإحباط عملها».
ورأى أن «على الفاسدين أن يدركوا جيداً أن هذه الأموال ستعود إلى أصحابها، مهما طال الوقت وبعُدت المسافة، وسيواجهون القانون بما ارتكبت أيديهم من جرائم، بإصرارنا على إعادة الأموال المهربة».
بدوره، أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية في كلمته أن «هذا المؤتمر يعد فرصة مهمة لمكافحة الفساد واسترداد الأموال، وهذه الظاهرة الخطيرة تشكل تهديداً للاستقرار». وأضاف أن «الأخطر من الفساد هو شيوع ظاهرة الفساد، وهذه الثقافة مشاعة في بلادنا».
وأشار أبو الغيط إلى أن «أهم إنجاز تحقق يتمثل باتفاقية عربية بمكافحة الفساد عام 2010... الجامعة العربية تولي اهتماماً كبيراً بمكافحة الفساد وتنسيق المواقف المشتركة، والاتفاقية العربية لمكافحة الفساد تعزيز لاتفاقية الأمم المتحدة، وصادقت 14 دولة عربية على الاتفاقية».
وتتوقع مصادر مقربة من أعمال المؤتمر أن يشهد جلساتٍ نقاشية وبحوثاً موسعة بشأن كيفية استعادة الأموال المنهوبة بالفساد والعقبات التي تواجهها، ليخرج بمجموعة من المقررات والتوصيات والنتائج والمبادرات التي تحضُّ البلدان المشاركة على التعاون وإبداء المساعدة القانونية فيما بينها، لاسترداد الأموال المهربة وتأليف تحالفات وجماعات ضغط ضد البلدان التي توفر البيئات الآمنة لها على المستويين العربي والدولي.
وتعد قضية الفساد من بين أكبر التحديات التي واجهها العراق منذ أكثر من عقد ونصف العقد، ولم تحقق الحكومات المتعاقبة وأجهزتها الرقابية النجاح المطلوب في إيقاف عمليات النهب المنظم لأموال الدولة نتيجة الانقسامات السياسية والطائفية والإثنية الحادة وشبكات المصالح ذات النفوذ المدعومة عن قوى وشخصيات سياسية.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.