دريان: خيار لبنان سيبقى وطنياً وعربياً بعيداً من المحاور

ميقاتي يعِد بأن تكون حكومته في خدمة المواطن... ووزراء يعلنون خطط عملهم

دريان مستقبلاً ميقاتي في دار الفتوى أمس (الوكالة الوطنية)
دريان مستقبلاً ميقاتي في دار الفتوى أمس (الوكالة الوطنية)
TT

دريان: خيار لبنان سيبقى وطنياً وعربياً بعيداً من المحاور

دريان مستقبلاً ميقاتي في دار الفتوى أمس (الوكالة الوطنية)
دريان مستقبلاً ميقاتي في دار الفتوى أمس (الوكالة الوطنية)

أكد مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان أن «خيار لبنان كان وسيبقى وطنياً عربياً بعيداً عن المحاور التي تتناقض مع مصالحه الوطنية»، وذلك خلال لقائه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الذي قام بزيارة بروتوكولية إلى دار الفتوى، بموازاة استكمال مراسم التسلم والتسليم في عدد من الوزارات، حيث أعلن الوزراء عن خطط عمل في وزاراتهم ضمن قوائم أولويات ضمن المرحلة المقبلة.
وأفاد بيان صادر عن «دار الفتوى» أمس (الأربعاء) بأن دريان شدد على «تعزيز الوحدة الإسلامية والوطنية». وأكد أن «خيار لبنان كان وسيبقى خياراً وطنياً عربياً بعيداً من المحاور التي تتناقض مع مصالحه الوطنية». وحث دريان، ميقاتي على «الإسراع في إيجاد الحلول للأزمات التي يعانيها الناس والبدء بالخطوات العملية للنهوض بالدولة ومؤسساتها لاحتضان قضايا الشعب ومتطلباته الحياتية وكل ما له علاقة بتوطيد مكانة الدولة وهيبتها ودورها الراعي لشؤون أبنائها من دون تفريق بين منطقة وأخرى ليسود العدل بين اللبنانيين جميعاً».
وسبق الخلوة بين ميقاتي ودريان، لقاء موسع مع مسؤولين في الدار استمع خلالها العلماء إلى رؤية الرئيس ميقاتي لإيقاف الأزمات الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية المتعددة التي يعانيها الشعب اللبناني»، حسبما أفاد المكتب الإعلامي في «دار الفتوى»، لافتاً إلى أن ميقاتي «أكد أن حكومته لن تكون إلا في خدمة المواطن اللبناني وتطلعاته المستقبلية ليعود لبنان كما كان وأفضل».
في غضون ذلك، استُكملت مراسم التسلم والتسليم بين عدد من الوزراء. وقال وزير الاتصالات جوني قرم، بعد تسلمه الوزارة من الوزير طلال حواط، إنه أرسل إلى مجلس الوزراء ثلاث نقاط لتنمية قطاع الاتصالات وإعادته إلى ما كان عليه قبل الأزمة، آملاً أن يتضمنها البيان الوزاري، وشدد على «أننا في الوزارة سنكون دائماً على السمع لشكاوى المواطنين واقتراحاتهم». وقال إن «الوزير في الولايات المتحدة الأميركية يسمونه secretary أي إنه خادم عند الشعب، ومن هذه التسمية سأنطلق بعملي لأكون في خدمة الشعب وفي خدمة كل فرد لبناني، إذ إن الوزير كُلِّف ليخدم»، مضيفاً: «تركتُ عملي ومصالحي لأخدم المواطن الذي هو الملك وصاحب الحق، وسيكون توجهنا، من رأس الهرم إلى كل العاملين، في هذا الاتجاه».
وفي وزارة العدل، تسلم الوزير هنري الخوري من الوزيرة السابقة ماري كلود نجم الوزارة، وقال إن «هناك استحقاقات داهمة منها إكمال عقد مجلس القضاء الأعلى»، إضافةً إلى «تثبيت التشكيلات والمناقلات بما فيها محاكم التمييز وانتداب القضاة»، وذلك كي تستعيد العدلية نشاطها كما يجب.
وأكد: «إنني كوزير للعدل سأكون إلى جانب مجلس القضاء الأعلى ومكتب مجلس شورى الدولة، ضمن الحدود التي يسمح بها الدستور والقوانين المرعية الإجراء»، مضيفاً: «سأتمسك بهذه الصلاحيات كوزير عدل وسأمارسها، وفي المقابل آمل من الجسم القضائي بذل جهده في المرحلة المقبلة للتعويض عن فترات الإقفال الطويلة التي عشناها خلال السنتين المنصرمتين والتي أثرت على إنتاجية القضاء نوعاً ما». ووعد بمتابعة «مشكلات وصعوبات أتت على ذكرها الوزيرة نجم، وهي أبسط قواعد ومستلزمات ومتطلبات الحياة من مياه وكهرباء وتنظيفات في قصور العدل في بيروت والمحافظات خصوصاً في بعبدا، كل ذلك بهدف تحسين العمل القضائي وخدمة للقانون والحق».
وفي وزارة الإعلام، حيث تسلم الوزير جورج قرداحي من الوزيرة السابقة منال عبد الصمد، قال قرداحي: «إنني أشعر بمعاناة الإعلام بشكل عام وزملائي الإعلاميين ومعاناة المؤسسات الإعلامية الخاصة، وأتمنى أن أتمكن خلال تولي مهام الوزارة إنجاز مشاريع جديدة». وأشار إلى أنه سيطّلع على القوانين والمشاريع التي تحدثت عنها الوزيرة عبد الصمد وسيدرسها ويتابعها ويعمل على إنجازها، «لا سيما التي تصب في مصلحة لبنان والإعلام في لبنان بشكل خاص، فالمسؤولية استمرارية».
وفي وزارة الزارعة، تعهد الوزير عباس الحاج حسن، بعد أن تسلّم من سلفه الوزير عباس مرتضى المهام الوزارية، بأن «ورشة عمل داخل الوزارة ستنطلق منذ اليوم الأول لتتحول إلى خلية نحل فاعلة»، ولفت إلى أن «الجهود ستتركز على أكثر من صعيد خارجي وداخلي»، لجهة التواصل «مع المنظمات والهيئات الدولية والمانحين في سبيل دعم هذا القطاع ومزارعيه، وسنعمل على تعزيز أفضل العلاقات مع الأشقاء العرب وكل الدول الصديقة والدول الأوروبية وغيرها من دول العالم لما فيه مصلحة الزراعة اللبنانية وصادراتها»، وشدد على «حماية الإنتاج الزراعي الوطني وتسويقه وتشكيل توازن بين الصادرات والواردات الزراعية بما يضمن تعزيز القطاع على مساحة البلاد»، عادّاً هذا الأمر «ملحاً وضرورياً».
وفي وزارة البيئة، حيث تسلم الوزير ناصر ياسين من سلفه الوزير دميانوس قطار الوزارة، أعلن ياسين عن سبع أولويات تنبع من صلب عمل الوزارة وبرامجها، تبدأ من حماية مصادر المياه من كل أنواع التلوث، واعداً بأنه سيولي موضوع معالجة تلوث نهر الليطاني من المنبع إلى المصب وبحيرة القرعون أهمية قصوى مع التشديد على تطبيق القانون، كما تعهد بالعمل على استراتيجية وطنية لإدارة النفايات الصلبة إدارة متكاملة، والخروج من خطط الطوارئ والحلول المؤقتة إلى الإدارة السليمة والمستدامة؛ لافتاً إلى أن هذا الأمر «يتطلب سنوات لكننا سنقوم بخطوات سريعة في هذا الاتجاه».
وقال: «إننا سنضع استراتيجية متكاملة لإدارة ملف المقالع والكسارات والمرامل وشركات الإسمنت أساسها تعزيز النزاهة في هذا القطاع»، فضلاً عن «إعادة النظر بقانون الصيد البري وتعديله»، و«حماية الغابات من الحرائق والتعديات». وأضاف: «إننا سنقوم بوضع الأطر المطلوبة للتخفيف من الانبعاثات وحماية الهواء من التلوث»، و«سنسهم، بالتعاون مع الوزارات والإدارات المعنية، في وضع الأسس لعملية إنتاج الطاقة المتجددة وتوطين التكنولوجيا الصديقة للبيئة، والتوجه نحو دعم الاقتصاد الأخضر حيث نحقق النهوض المجتمعي والتعافي الاقتصادي من دون الإخلال بالأنظمة البيئية».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.