باحث سعودي: المؤسسات الدينية عاجزة عن مواجهة الإرهاب لجهلها باستخدام أسلحته الجديدة

المستشار العمري طالب بإقرار استراتيجيات وخطط دائمة لمواجهة الانحرافات الفكرية

الباحث سلمان العمري
الباحث سلمان العمري
TT

باحث سعودي: المؤسسات الدينية عاجزة عن مواجهة الإرهاب لجهلها باستخدام أسلحته الجديدة

الباحث سلمان العمري
الباحث سلمان العمري

يرى المستشار والباحث الاجتماعي السعودي سلمان بن محمد العُمري، المتخصص في حركات التطرف والتنظيمات الإرهابية، ضرورة توجيه بوصلة محاربة الإرهاب إلى أهم وسائل انتشاره وهي الوسائل الإلكترونية، معتبرا أن كثرة ممن يتصدون للإرهاب لم يسمعوا بها، ناهيك عن استخدامها. وخلال حوار مع «الشرق الأوسط» اعتبر العمري أن مجابهة التنظيمات المتطرفة في ساحة الإعلام لا تقل أهمية عن الحرب العسكرية، بل هي أقوى، حيث يصبح العدو داخليا وخارجيا بدلا من أن يكون خارجيا فقط. وحذر من أن معظم جهود هذه التنظيمات موجهة إلى المملكة العربية السعودية ولشبابها، وهذا أمر تجاهر به هذه التنظيمات.
واعتبر محمد العُمري، أن تنظيم داعش هو المنظمة الأولى من نوعها التي تعي وتدرك أهمية وسائل التواصل الاجتماعي، وأن التنظيم لديه وصولا مُذهلا من خلال قنابل «تويتر» ورسائله بكل اللغات، واستخدامه لوسائل التواصل المغمورة نسبيا مثل «دياسبورا».
وحول ما جاء في البيان الختامي لمؤتمر «الإسلام ومحاربة الإرهاب» الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي أخيرا، يقول العمري ان من المؤكد ان يسهم في توعية الأمة بواجباتها نحو دينها وأوطانها وقضاياها، وفي دحض الشبهات والأباطيل الموجهة ضد الإسلام وحضارته ومقدساته.
وأضاف، لقد توجه العلماء المشاركون في المؤتمر بهذا البلاغ الذي تضمن خمس رسائل إلى قادة الأمة المسلمة وعلمائها وإعلامها وشبابها، ثم إلى العالم؛ أداء لواجب النصح، وإقامة للحجة.
ودعا البلاغ قادة الأمة إلى العمل على تحكيم الشريعة الإسلامية، والإصلاح الشامل الذي يحقق العدل، ويصون الكرامة الإنسانية، ويرعى الحقوق والواجبات، ويلبّي تطلعات الشعوب ومتطلبات الحكم الرشيد والمحافظة على وحدة المسلمين، ودعا أيضا للتصدي لمحاولات تمزيق الأمة دينيا ومذهبيا وعرقيا، وتعزيز التضامن الإسلامي، والأخذ بأسباب القوة المادية والمعنوية، وحسن استخدام الموارد البشرية والطبيعية.
وشدد البلاغ على ضرورة «مراجعة البرامج والمناهج التربوية والتعليمية والخطاب الديني بما يحقق المنهج الوسطي والاعتدال وحل النزاعات في المجتمعات الإسلامية، وفق كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه سلف الأمة الصالح».
وبشان كتابه «خطورة الإرهاب ومسؤولية الأمن الفكري» يقول العمري «لقد تناولت موضوع خطورة الإرهاب ومسؤولية الأمن الفكري تناولا علميا، بأسلوب ميسّر، يفهمه الجميع. وبيَّنت في هذا الكتاب وفي غيره من المواضيع التي نشرتها حقيقة الإرهاب ومفهومه، وأظهرت مضاره وأخطاره، وجهود الدولة في محاربته. وأبرزت جهود العلماء الأجلاء في تبصير الناس وتوعيتهم وبيان الحق المستند إلى الدليل من الكتاب والسنة، ورعاية مصالح الأمة. ولا شك أن الفكر المنحرف لا ينقطع، بل يظهر مرة ويختفي أخرى، ولا بد من التحصين المسبق له، ومنع ظهوره ما أمكن السبيل إلى ذلك، وكذلك وتيرة الإرهاب لا تكاد تخف في بعض الأوقات، حتى تزداد على نحو غريب في أوقات أخرى؛ لأن بعض الجهات العالمية لا تريد للإرهاب أن ينتهي، لأن في بقائه مصلحة لها.
وإذا نظرنا إلى تمدّد الجماعات المُغالية في الدين نجد أنها في أوج انتشارها حاليا. وهذا أمر يوجب على مراكز البحث والدراسات الاستراتيجية أن تدرس هذه الظاهرة العجيبة، وهي الإقبال المتزايد من الشباب المسلم على هذه التنظيمات وازدياد انتشارها وتوسعها.. وعلى وجه الخصوص مراكز محاربة الإرهاب التي تنفق عليها ملايين الدولارات. ومع ذلك لا نرى لها أثرا ملموسا في الواقع، وهذا يؤكد فشل الجهات المسؤولة عن مكافحة الفكر المتطرف والغلو في الدين! من هنا تظهر أهمية العمل على تحقيق الأمن الفكري عند أبنائنا، وهي مسؤولية يجب أن يضطلع بها كل غيور على ممتلكاتنا الغالية.
وعن اسباب انتشار فكر الجماعات المغالية في الدين، يقول الباحث السعودي أن هذه الجماعات وظفت جميع الوسائل الإعلامية والإلكترونية ولم تترك تجمعا شبابيا إلا خاطبته. وللتدليل على ذلك أورد ملخصا لمقابلة أجريت مع عميل لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي (إف بي آي) كان يعمل مترجما. فعندما سئل عن استراتيجيتهم الإعلامية، أجاب بقوله: «العاملون بالمجموعة على دراية كبيرة بوسائل التواصل الاجتماعي، ويعرفون جيدا كيف تُدار دفتها ويستخدمون وسائل عدة بحسب المنبر الاجتماعي، وأين ينتشر بكثرة.. فهم يستخدمون (تويتر) في الخليج مثلا، ولكن في سوريا يستخدمون (فيسبوك).. المجموعة لا مركزية بشكل كبير، وهذا أمر مثير».
«داعش» هي المنظمة الأولى من نوعها التي تعي وتدرك أهمية وسائل التواصل الاجتماعي.. ونحن على علم بجيش من المدوّنين والكتاب والمتفرّغين لمتابعة الإعلام الاجتماعي الذين يعملون لصالح هذا التنظيم طبقا لاستقصاءاتنا. بدأت تلك الجهود عن طريق «أبو عمرو الشامي» (سوري)، ونحن على علم الآن بأن هناك (12000) حساب على «تويتر»، في وقت ما كانوا مرتبطين بها. هذا واحد من الأساليب التي يستخدمها: «اللامركزية في الدعاية». لقد وسع تنظيم داعش التحكّم في رسالته وخطاباته بالتخلي عن التحكم في من يرسلها ويستقبلها.. فهم يستخدمون قنابل «تويتر»، كما تسمى، عبر متابعة أكثر «الهاشتاغات» رواجا على «تويتر»، مثل «هاشتاغ كأس العالم 2014» مثلا، ويرسلون رسائل باستخدامها حتى يراها كل متابع لذلك «الهاشتاغ»، حتى ولو لم يكن مهتما بما يقوله «داعش». فيحصلون على متابعين وعاملين لصالحهم من وسط مشجعي كرة القدم، وهناك الملايين من البشر حول العالم يلتقطون الرسالة.
لدى «داعش» وصول مُذهل، وهم يطمحون فقط لاستهداف 1 أو 2 في المائة ممن يصلون إليهم. في يونيو (حزيران) 2014 كان لديهم 12000 مقاتل أجنبي فقط، ولكن الآن لديهم 16000. إنهم يرسلون رسائلهم بمختلف اللغات. ومواجهة «داعش» عبر أساليب مثل إغلاق حسابات «تويتر» معينة مثلا أمر صعب للغاية، فإذا أغلقت إدارة «تويتر» واحدا من الحسابات فإنهم يفتحون تلقائيا واحدا آخر.
ويضيف معظم جهود هذه الجماعات موجهة للمملكة، ومتقصدة لشبابها. وهذا أمر تجاهر به هذه الجماعات، وهذا يؤكد ما ذكرته في أحاديث سابقة من أن الجزء الأهم من محاربة الغلو والتطرف تكون مساحته على أرض وسائل الإعلام المختلفة، ومضاعفة استعمالها، وتخصيص جيش من المختصين في هذا المجال، وتدريب طلبة العلم والمشايخ والمفكرين على استعمال هذه الوسائل بكل احترافية ومهنية، وتخصيص ميزانية كبيرة لذلك، لحماية أمن الوطن. هذه الحرب لا تقل أهمية عن الحرب العسكرية، بل هي أقوى حيث يصير العدو داخليا وخارجيا بدلا من أن يكون خارجيا فقط. ومما يؤسف له أن جهود أغلب المؤسسات الشرعية وقتية، وتكون كردود فعل بعد حصول حدث ما.
وبشان الحلول يقول الباحث السعودي انه لا تخفى على أي مراقب ومتابع براعة الجماعات المتطرفة في استخدام التقنية والوسائل الإلكترونية، وشبكات التواصل الاجتماعي، في نشر فكرها وترويج آرائها، فهي تستعمل «الإنترنت» والمواقع المختلفة و«الإيميل» و«فيسبوك» و«تويتر». ولم تترك وسيلة إلا سلكتها في نشر غلوها. ومن هنا، فإنني أدعو الجهات المسؤولة في المملكة إلى توجيه بوصلة محاربة الإرهاب إلى أهم وسائل انتشاره، أي الوسائل الإلكترونية، والتركيز عليها في محاربة الإرهاب، والاستعانة بالشباب المتقن لهذه الوسائل. وكذلك تدريب المشايخ وطلاب العلم والمفكّرين على إجادة هذه الوسائل، واستعمالها في محاربة التطرف، والغلو في الدين، وبيان حقيقة الدين الإسلامي، ونشر مبادئه الصحيحة المستمدة من الكتاب والسنة. أما الاقتصار على الوسائل التقليدية القديمة فإن ذلك لم يعد كافيا، مع أهمية المحافظة على الوسائل القديمة والدعوة إلى الاعتدال والوسطية، وأن الإسلام جاء بالقناعة والرفق وعدم الإكراه.
من هنا أؤكد على ضرورة تضافر كل الجهود من قبل الهيئات والمؤسسات التربوية والدينية والاجتماعية والإعلامية في مواجهة الإرهاب، ومكافحته، ومقاومته، لأنها مسؤولية جماعية وليست مسؤولية رجال الأمن بمفردهم، والعمل على تحصين الشباب والناشئة من الأفكار المنحرفة والضالة، وذلك عن طريق المؤسسات الشبابية والتعليمية ووقايتهم؛ لأن الوقاية خير من العلاج.



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».