الجلسة الأولى للحكومة اللبنانية: عون يدعو إلى «ورشة عمل»... وميقاتي إلى «إجراءات استثنائية»

طلبا من الوزراء «الإقلال من الكلام والإكثار من العمل»

الحكومة اللبنانية في الصورة التذكارية ببعبدا أمس (الوكالة الوطنية)
الحكومة اللبنانية في الصورة التذكارية ببعبدا أمس (الوكالة الوطنية)
TT

الجلسة الأولى للحكومة اللبنانية: عون يدعو إلى «ورشة عمل»... وميقاتي إلى «إجراءات استثنائية»

الحكومة اللبنانية في الصورة التذكارية ببعبدا أمس (الوكالة الوطنية)
الحكومة اللبنانية في الصورة التذكارية ببعبدا أمس (الوكالة الوطنية)

عقدت الحكومة اللبنانية الجديدة جلستها الأولى أمس (الاثنين) في القصر الجمهوري لتشكيل لجنة وزارية لصياغة البيان الوزاري. وفيما دعا رئيس الجمهورية ميشال عون إلى «إطلاق ورشة عمل سريعة والمباشرة بالإصلاحات»، أكد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي على «العمل لاتخاذ إجراءات استثنائية».
وفي كلمته في مستهل الجلسة، تحدث عون قائلا إن «هذه الحكومة الرابعة في ولايتي الرئاسية، شكلت بعد انقضاء 13 شهراً على حكومة تصريف الأعمال، وخلال هذه الفترة تفاقمت الأوضاع اقتصادياً، مالياً، نقدياً، اجتماعياً... وتراجعت الظروف المعيشية للمواطنين إلى مستويات غير مسبوقة». وأضاف «من هنا، نحن أمام مسؤوليات وطنية وتاريخية كبرى لتفعيل دور الدولة ومؤسساتها واستعادة الثقة بها. يجب ألا نضيع الوقت إذ لم يعد لدينا ترف البطء والمماطلة. والمطلوب إيجاد الحلول العاجلة لمعالجة الأوضاع المعيشية للمواطنين، وإطلاق ورشة عمل سريعة لوضع لبنان على طريق الإنقاذ والتعافي والنهوض». وتابع: «على الحكومة أن تعمل كفريق عمل واحد متجانس متعاون لتنفيذ برنامج إنقاذي وتركيز الجهد لتحقيق المصلحة الوطنية العليا ومصالح المواطنين».
ومع ما وصفها بالتحديات الكبيرة، أوصى عون الوزراء بـ«الإقلال من الكلام والإكثار من العمل. ستواجهنا صعوبات كبيرة وسنعمل على تذليلها واستنباط الحلول الممكنة. إن الخارج والداخل يعولون على نجاحنا لمعالجة الأزمات المتراكمة والمتداخلة، وكلما أظهرنا جدية والتزاماً وتصميماً وقفت الدول الشقيقة والصديقة إلى جانبنا».
ولفت إلى أن «اللبنانيين يأملون من الحكومة معالجة مشاكلهم الحياتية اليومية والاستجابة لطموحاتهم وتطلعاتهم المشروعة بمستقبل أفضل يزيل عنهم القلق ويوفر لهم الاستقرار والعيش الكريم والأولوية هي للتخفيف من معاناتهم وتوفير حاجاتهم الملحة»، مشدداً على أن «المجتمع الدولي يعول على الحكومة لإعادة النهوض بلبنان وإخراجه من كبوته». وقال عون: «نحن بحاجة لمساعدات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والصناديق الدولية والإقليمية والجهات المانحة، والمباشرة بالإصلاحات شرط أساسي لدى المجتمع الدولي للسير بآليات الدعم وتقديم المساعدات. فالإصلاحات هي المدماك الأساسي لإعادة بناء الدولة ودونها يستحيل الإنقاذ. المطلوب اتخاذ خطوات تنفيذية عاجلة وحاسمة للبدء بالإصلاحات. وخاطب الوزراء قائلا: «أنتم وزراء اختصاص. لديكم خبرات علمية وعملية ورؤى مستقبلية. مسؤوليتنا إنقاذ لبنان، فلنكن على قدر المسؤولية».
ثم تحدث ميقاتي، فتوجه إلى الوزراء قائلاً: «أنتم الأمل في هذه المرحلة، تأتون إلى مواقع المسؤولية من صفوف هذا الشعب المعذب... تعرفون تمام المعرفة حاجة الناس إلى الرغيف والدواء والبنزين والمازوت. هذه الأمور ليست من الكماليات، بل هي ضرورية لاستمرارية الحياة في شكلها الطبيعي... ينتظرنا الكثير من العمل. ينتظرنا الكثير من التعب. علينا جميعا أن نضحي. البلد يتطلب إجراءات استثنائية». وأضاف «صحيح أننا لا نملك عصا سحرية. فالوضع صعب للغاية، ولكن بالإرادة الصلبة والتصميم والعزم والتخطيط نستطيع جميعا، كفريق عمل واحد، أن نحقق لشعبنا الصابر والمتألم بعضا مما يأمله ويتمناه... صحيح أن الوضع صعب، ولكن لا شيء مستحيلا متى كانت النيات صافية. يد واحدة لا تستطيع التصفيق. المطلوب تضافر جهود جميع اللبنانيين. ومن جد وجد».
وكذلك طلب ميقاتي من الوزراء «الإقلال من الإطلالات الإعلامية لأن الناس تتطلع إلى الأفعال ولم يعد يهمها الكلام والوعود. والأمور بالنسبة للناس في خواتيمها»، مضيفا «من جهتي سأقوم بتكثيف جلسات مجلس الوزراء وتضمينها المواضيع المهمة وذات التأثير المباشر على الحياة اليومية للمواطنين». وختم: «حكومتنا ستعمل من أجل كل لبنان، ومن أجل جميع اللبنانيين، ولن تميز بين من هو موال أو معارض، من أعلن دعمه لنا ومن لم يعلن ذلك، ومن سيمنحها ثقته بعد أيام، أو من سيحجبها عنها وسنمارس هذا الدور من دون أي كيدية وذلك تحت سقف القانون».
وكان الوزراء وصلوا تباعا إلى القصر الجمهوري ابتداء من الساعة العاشرة قبل الظهر حيث أخذت الصورة الرسمية لكل منهم، ثم وصل رئيس مجلس الوزراء حيث اجتمع بالرئيس عون في مكتبه قبل أن ينضم إليهما رئيس مجلس النواب نبيه بري ويتحول الاجتماع إلى ثلاثي، لينتقل بعدها الجميع يرافقهم الوزراء إلى حديقة الرؤساء حيث تم التقاط الصورة الرسمية التذكارية للحكومة الجديدة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».