النفط الإيراني «يغزو» الأراضي السورية من الشرق والغرب

ناقلة نفط يتصاعد منها الدخان قبالة الساحل السوري في 24 أبريل 2021 (أ.ف.ب)
ناقلة نفط يتصاعد منها الدخان قبالة الساحل السوري في 24 أبريل 2021 (أ.ف.ب)
TT

النفط الإيراني «يغزو» الأراضي السورية من الشرق والغرب

ناقلة نفط يتصاعد منها الدخان قبالة الساحل السوري في 24 أبريل 2021 (أ.ف.ب)
ناقلة نفط يتصاعد منها الدخان قبالة الساحل السوري في 24 أبريل 2021 (أ.ف.ب)

بدأ النفط الإيراني ومشتقاته في «غزو» سوريا براً من الجهة الشرقية عبر حدود العراق، وبحراً من الطرف الغربي عبر البحر المتوسط، في وقت تواصل فيه ميليشيات تابعة لطهران عملية شراء العقارات في مناطق مختلفة مع تركيز على غوطة دمشق.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إن «ناقلة نفط خام وصلت إلى ميناء بانياس ضمن محافظة طرطوس على الساحل السوري، قادمة من إيران، تحمل نفطاً خاماً لسوريا، ولا علاقة لها بلبنان كما تم التداول، حيث إن حصة لبنان من المحروقات وصلت سوريا قبل أيام عبر 3 ناقلات إيرانية».
وكانت وجهة ناقلات المحروقات الثلاث التي وصلت إلى سوريا من إيران في 6 سبتمبر (أيلول) الحالي لبنان وليست سوريا، «حيث رست ناقلتا مازوت وناقلة بنزين، يوم الاثنين، في ميناء بانياس ضمن محافظة طرطوس على الساحل السوري، ويتم إفراغ حمولتها لنقلها براً إلى لبنان عبر معابر خاضعة لإشراف (حزب الله) اللبناني»، لافتاً إلى أنها تحمل مادة المازوت وليست النفط.
ووفقاً لـ«المرصد»، فإن معابر التهريب بين سوريا ولبنان في حمص بشكل رئيسي وطرطوس بشكل ثانوي «تشهد وجوداً مكثفاً للفرقة الرابعة، وطرد المهربين المدنيين في المنطقة، ليتم الإشراف على نقل النفط الإيراني إلى لبنان عبر تلك المعابر؛ لا سيما من الريف الحمصي الخاضع لنفوذ (حزب الله) اللبناني، حيث جرى تأمين الطريق من حمص إلى القصير وإزالة المطبات والحواجز».
ونشر «المرصد» في 5 سبتمبر الحالي، أن «دفعة جديدة من الصهاريج المحملة بالمحروقات دخلت الأراضي السورية خلال الساعات الفائتة قادمة من العراق، حيث دخل نحو 39 صهريجاً عبر المعابر الخاضعة لسيطرة الميليشيات التابعة لإيران في الميادين والبوكمال بريف دير الزور الشرقي، وسلكت الصهاريج طريق دير الزور متوجهة نحو حمص ومنها إلى لبنان».
وتعد هذه الدفعة الثانية التي تدخل سوريا آتية من العراق ومتوجهة إلى لبنان خلال أسبوع، وكانت الدفعة الأولى ضمت 50 صهريجاً على الأقل. و9 صهاريج على الأقل من ضمن الدفعة، توجهت إلى مدينة الميادين بحماية ميليشيا «أبو الفضل العباس»، حيث قامت بإفراغ الصهاريج داخل خزانات كبيرة، كان تنظيم «داعش» قد أنشأها خلال فترة سيطرته على المنطقة الواقعة بمحيط آثار الشبلي في بادية الميادين، قبل أن تقوم ميليشيا «أبو الفضل العباس» بإعادة صيانتها مؤخراً.
يأتي ذلك في ظل شح المحروقات ضمن مناطق نفوذ النظام السوري وحلفائه في دير الزور نتيجة توقف غالبية عمليات تهريب المحروقات من مناطق «قسد» على الضفة الأخرى لنهر الفرات.
وفي 29 أغسطس (آب) الماضي، أفاد «المرصد» بدخول نحو 50 صهريجاً محملة بمادة البنزين آتية من العراق إلى سوريا عبر معبر البوكمال بريف دير الزور، بحماية قوات الفرقة الرابعة، التي يقودها اللواء ماهر شقيق الرئيس بشار الأسد، حيث إن الصهاريج وجهتها لبنان.
على صعيد آخر، قال «المرصد»، إن شراء العقارات من قِبل أشخاص يتحدرون من محافظة دير الزور، يعملون لصالح الميليشيات الإيرانية في سوريا يتواصل بشكل تصاعدي في مختلف مدن وبلدات الغوطة الشرقية، حيث اشترى أشخاص يعملون تحت إمرة شخص يدعى «أبو ياسر البكاري»، وهو من عشيرة البكارة بدير الزور، نحو 500 شقة ومحال تجارية في مدينة عين ترما بالغوطة الشرقية خلال الأشهر الأخيرة، وتعود ملكية تلك المنازل والمحال في غالبها لأشخاص موجودين خارج سوريا، جرى بيعها عبر وكلاء لهم في الغوطة الشرقية.
ووفقاً لمصادر أهلية من داخل الغوطة الشرقية، فإن سماسرة من أبناء الغوطة الشرقية جرى تجنيدهم من مجموعة أشخاص يتبعون ميليشيا «لواء العباس» المحلية الموالية للقوات الإيرانية والتي تعمل تحت إمرتها.
و«أبو ياسر البكاري»، من عشيرة البكارة وسبق أن اشترى كثيراً من العقارات في دير الزور بأوامر من عدنان العباس قائد الميليشيات، حيث باتوا ينتشرون في كل مدن وبلدات الغوطة الشرقية وبشكل ملحوظ، ومهمتهم اصطياد أي شخص ينوي بيع عقار؛ إذ باتوا لا يتعاملون مع أصحاب المكاتب العقارية؛ لأنها تأخذ منهم نسباً عالية. وتصاعدت عملية شراء العقارات في مناطق سقبا وجسرين وكفربطنا والمليحة وزبدين وبيت سوا وحمورية خلال الفترة الأخيرة.
وكانت مصادر «المرصد» من داخل الغوطة الشرقية بريف العاصمة دمشق، أفادت في منتصف أبريل (نيسان) الماضي بأن تجاراً يتحدرون من مدينة الميادين في دير الزور، وهم يتبعون بشكل مباشر ميليشيا «لواء العباس» المحلية الموالية للقوات الإيرانية والتي تعمل تحت إمرتها، يواصلون شراء العقارات من الأهالي في عموم مناطق الغوطة الشرقية. وفي 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أفاد «المرصد» بأن عمليات شراء عقارات في مدن وبلدات الغوطة تصاعدت بشكل كبير ولافت في الآونة الأخيرة، وذلك من قبل مجموعة أشخاص يعملون لدى «تجار» من محافظة دير الزور، حيث يقوم الأشخاص بأمر من هؤلاء التجار بشراء العقارات؛ والتي تكون في أغلب الأحيان منازل وبعضها محال تجارية، واللافت في الأمر أن تلك العقارات تبقى مغلقة بعد شرائها.
ووصل تعداد العقارات التي جرى شراؤها خلال أشهر قليلة من قبل المجموعة التابعة لميليشيا «لواء العباس» إلى أكثر من 300 عقار بفترة زمنية قصيرة، في حين تتراوح قيمة العقارات التي جرى شراؤها بين 25 و125 مليون ليرة سورية على اختلاف المساحة والموقع. وتتم العملية على قدم وساق، ويقوم ممثلون عن هؤلاء التجار، يحملون أسلحة فردية، بزيارات دورية للمكاتب العقارية ضمن الغوطة الشرقية، متسائلين عن عقارات للبيع، ويطلبون من أصحاب تلك المكاتب إبلاغهم في حال وجود عقارات للبيع؛ الأمر الذي ولّد تخوفاً لدى أهالي وسكان المنطقة حول أسباب وأهداف هؤلاء من شراء هذا الكم الهائل من العقارات ضمن مدنهم وبلداتهم.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».