معدل التحاق النساء العربيات بالتعليم العالي وصل إلى 108%

نسبة 76 % منهن توقعن أن يعملن في وظائف بدوام كامل

حسابات تستند إلى بيانات من منظمة العمل الدولة ومعهد اليونسكو للإحصاء حول مشاركة نساء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في القوى العاملة وإجمالي معدلات الالتحاق بالتعليم العالي في عامي 2000 و2012
حسابات تستند إلى بيانات من منظمة العمل الدولة ومعهد اليونسكو للإحصاء حول مشاركة نساء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في القوى العاملة وإجمالي معدلات الالتحاق بالتعليم العالي في عامي 2000 و2012
TT

معدل التحاق النساء العربيات بالتعليم العالي وصل إلى 108%

حسابات تستند إلى بيانات من منظمة العمل الدولة ومعهد اليونسكو للإحصاء حول مشاركة نساء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في القوى العاملة وإجمالي معدلات الالتحاق بالتعليم العالي في عامي 2000 و2012
حسابات تستند إلى بيانات من منظمة العمل الدولة ومعهد اليونسكو للإحصاء حول مشاركة نساء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في القوى العاملة وإجمالي معدلات الالتحاق بالتعليم العالي في عامي 2000 و2012

لم يمنح التقدم المضني في مجال التعليم للمرأة العربية ما تستحق من التقدم الاقتصادي. فعلى الرغم من سعي وتفوق النساء الشابات على الشبان بمعدلات عالية في التعليم العالي، فلا تزال فرص دخولهن واستمرارهن في سوق العمل ضئيلة. قد يؤدي الإدراك والتعاطي مع العوائق التي ترجئ حق النساء في العمل إلى إطلاق الطاقات والقدرات النسائية للمرأة العربية والخروج بفوائد اجتماعية واقتصادية جمة تعود على الدول العربية.
وترديدا لصدى التوجه الملاحظ عالميا، فإن عدد النساء العربيات اللاتي سعين وحصلن على الشهادات الجامعية يفوق فعلا عدد الرجال. ومعدل الإناث إلى الذكور من حيث الالتحاق بالتعليم العالي في المنطقة العربية يصل إلى نسبة 108 في المائة. وتلك النسبة تصب على وجه الخصوص في صالح النساء القطريات (676 في المائة) ثم التونسيات (159 في المائة).. ومع ذلك، تظل 3 من كل 4 سيدات عربيات خارج نطاق القوة العاملة. وتعاني الشابات العربيات من نقص بالغ في فرص الدخول إلى سوق العمل بالمقارنة مع أقرانهن من الذكور. فمن بين مجموع الشابات العربيات الساعيات بجد إلى العمل تبقى نسبة 43.9 في المائة عاطلات عن العمل في منطقة الشرق الأوسط، وهو ضعف معدل البطالة بين الذكور عند نسبة 22.9 في المائة.
كذلك، عند وقوع الأزمات الاقتصادية، فإن أكثر الفئات عرضة لآثارها السيئة هن النساء. على سبيل المثال، في الشمال الأفريقي، ارتفعت نسبة البطالة بين الإناث الشابات إلى 9.1 نقطة مئوية عقب الركود الاقتصادي الأخير، مقارنة بنسبة 3.1 نقطة مئوية بالنسبة للذكور.
وإذا ما أخذنا في الاعتبار انخفاض معدل مشاركة النساء في القوى العاملة، إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة، فلا نجد إلا نسبة 18 في المائة فقط من النساء العربيات في سن العمل ممن لديهن وظائف فعلية. عند هذا المعدل، فلا يزال أمامنا 150 عاما حتى نصل إلى متوسط المشاركة النسائية في القوى العاملة على مستوى العالم حاليا.
ولم يمنح النجاح في التعليم للنساء العربيات فرص العمل الجديدة والمستدامة. وقد وصف ذلك التوجه بمسمى «التأثير المرتد»، وفيه، تقل فرص الشابات الصغيرات كثيرا في دخول المدارس ولكن إذا ما استطعن ذلك، فإنهن يتفوقن كثيرا على الشبان وترتفع فرصهن لدخول الجامعات. ورغم ذلك، بمجرد تخرج المرأة العربية من الجامعة، تنحدر تماما فرصهن للحصول على الوظيفة. على سبيلا المثال في الأردن، تعلو نسبة خريجات الجامعات من الإناث من حيث البطالة بمعدل 3 أضعاف نظرائهن من خريجي الجامعات الذكور.
وكما توضح الرسوم البيانية المرفقة، فإن المقارنة بين نسبة النساء العاملات إقليميا فيما بين عامي 2000 و2012 تشهد تقدما طفيفا ناتجا عن ارتفاع المكون النسوي من خريجات التعليم العالي. وعلى الرغم من معدلات التقدم الملموسة في بلدان مثل قطر والبحرين، حيث تعتبر النساء جزءا لا يتجزأ من القوة العاملة الداخلية، فإن غالبية دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تبقى أدنى كثيرا من المتوسط العالمي. ولا تزال الأسباب الحقيقة وراء عدم عمل النساء العربيات المتعلمات غير مفهومة بصورة كافية؛ وتستلزم المزيد من الأبحاث. وتشير الدراسات الحديثة إلى مجموعة معقدة من العوائق المتشابكة الاجتماعية والقانونية والاقتصادية والتي تعمل على إعاقة تقدم المرأة العربية في ذلك المضمار. ويأخذ تفهم وإدراك تلك العوائق في اعتباره تدني مستويات الوظائف المتاحة في العالم العربي، وعلى الأخص بالنسبة للشباب. فالعالم العربي هو موطن نسبة كبيرة للغاية من الشباب العاطل عن العمل في العالم. ولا يوفر النمو الاقتصادي الحالي ما يكفي من فرص العمل للجميع. ولا تتلقى النساء، رغم ذلك، ما يكفي من الدعم الذي يحتجن إليه للمنافسة على فرص العمل القليلة المتبقية في السوق على الرغم من مستويات تعليمهن الجامعي المرتفعة ورغبتهن الأكيدة في العمل. خلص مسح أجراه البنك الدولي في عام 2010 على شريحة خريجات الجامعات الإناث في الأردن إلى أن نسبة 92 في المائة منهن أعربن عن خططهن للعمل عقب التخرج ونسبة 76 في المائة منهن توقعن أن يعملن في وظائف بدوام كامل.
وأشارت إحدى دراسات مركز بروكينغز إلى التعزيز الذي تتلقاه الأدوار التقليدية بين الجنسين في المناهج والكتب المدرسية في وقت مبكر من العملية التعليمية، مما يؤثر بشكل حقيقي على قرارات النساء حول العمل فيما بعد التخرج.
تعتبر فرص النساء ضعيفة للمنافسة على عدد قليل من الوظائف المتاحة والناتجة عن النمو الاقتصادي الحالي، حيث تنشأ تلك الوظائف في أغلب الأحيان داخل القطاع الخاص وفيما يعتبر من قبيل بيئات العمل غير الودية بالنسبة للإناث. وبدلا من ذلك، فإن النساء تسعى، وبأغلبية ساحقة، وراء الوظائف المقبولة من الناحية الثقافية مثل التدريس أو العمل في القطاع العام، مع قلة ساعات العمل اليومية وتدني الأجور.
ولكن، عند وصول النساء إلى سن 25، أو بالقرب من سن الزواج، فإنهن يتسربن خارج القوة العاملة بالمجتمع وبأعداد كبيرة.
كذلك، بالنسبة للعدد القليل من النساء العربيات اللاتي يخترن مسارا أكثر تحديا ولكنه يحمل جدوى أكبر في مسار الأعمال والمشروعات، بالإضافة إلى ذات التحديات التي يواجهها نظراؤهن من الرجال، فإن النساء يكافحن بجد ضد العائلة والقوانين الشخصية التي تحد من قدرتهن على العمل المستقل أو اكتساب الأموال.
وتوجد مثل تلك العوائق على الرغم من توافر الأدلة الدامغة لصالح المرأة العاملة لأجل تأثيرها الملموس والمضاعف والقابل كذلك للقياس. ومن الأرجح بالنسبة للنساء إنفاق قدر كبير من دخولهن على الأسرة واستثمار الجزء الأكبر من ذلك الدخل على تعليم الأطفال، ومن بينهم الفتيات.
ويمكن للمرأة العاملة، في العالم العربي، زيادة الدخل السنوي للأسرة بنسبة 25 في المائة. كذلك، إذا تساوى عدد النساء مع عدد الرجال في سوق العمل، فمن شأن ذلك زيادة الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة من الدول العربية. في دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن العدد المتساوي من النساء والرجال العاملين يزيد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 12 في المائة، وكذلك بنسبة 34 في المائة في مصر.
ليست كل التحديات التي تواجه المرأة في مجال العمل خاصة فقط بالمنطقة العربية. فالمساواة بين الجنسين من حيث الوصول إلى المناصب العليا والمساواة في الأجور ومرونة ساعات العمل التي تساعد النساء على موازنة أدوارهن كعضوات منتجات في القوة العاملة ومن الراعيات الرئيسيات لمجتمعهن، لا تزال من بين التحديات العالمية. دفع التركيز على النساء خلال هذا الشهر إلى بروز الكثير من تلك القضايا تحت دائرة التركيز الشديد مع دعوات للتعامل مع العوائق المتعلقة بالمساواة بين الجنسين في بيئة العمل في كل جزء من أجزاء العالم. والدعوات الواعدة بصورة خاصة تلك التي خرجت من أرباب الأعمال الذين يقودون خلق فرص العمل والالتزام بتوفير المزيد من الفرص المتساوية للنساء.
وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بدأت الشركات في الاعتراف بالفرص الكبيرة المتاحة من خلال تشغيل النساء، سواء لمستويات تعليمهن العالية أو لأدوارهن في زيادة القوة الشرائية النسائية في بعض أجزاء المنطقة. بدأت المبادرات التجريبية تتشكل مثل العمل عن بعد وساعات العمل المرنة، وخصوصا في القطاعات التي تحركها التكنولوجيا. تدرك تلك الشركات أن تعيين النساء لا يفتح الباب فقط أمام طاقاتهن بل يعود بقيمة عالية على الأعمال كذلك.
هناك حاجة كبيرة إلى المزيد من التعاون بين القطاع الخاص والحكومة لتكرار وتعزيز المبادرات التي تستفيد من إمكانيات المرأة العاملة.
يعتبر الوصول إلى أعلى مراتب التعليم من دون الحصول على فرصة العمل المناسبة من الفرص الضائعة على النساء وأسرهن، وأوطانهن. فالتعليم بمفرده لا يوفر الحماية أو يجهز النساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتأمين المساواة الاقتصادية. يتعين مساوقة الاستثمار في التعليم مع الجهود الوطنية لمعالجة كل العوائق التي تواجه المرأة العربية حال دخولها إلى سوق العمل والاستمرار فيه.

* خبيرة تعليمية في «معهد بروكنغز» واشنطن



جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.