اليمن يندد بـ«هجوم المخا» ويدعو إلى حزم دولي مع الميليشيات

عبد الملك لدى استقباله السفير الهولندي لدى اليمن بيتر ديرك هوف في الرياض أمس (سبأ)
عبد الملك لدى استقباله السفير الهولندي لدى اليمن بيتر ديرك هوف في الرياض أمس (سبأ)
TT

اليمن يندد بـ«هجوم المخا» ويدعو إلى حزم دولي مع الميليشيات

عبد الملك لدى استقباله السفير الهولندي لدى اليمن بيتر ديرك هوف في الرياض أمس (سبأ)
عبد الملك لدى استقباله السفير الهولندي لدى اليمن بيتر ديرك هوف في الرياض أمس (سبأ)

نددت الحكومة اليمنية بالهجوم الحوثي الذي أحدث (السبت) دمارا واسعا في ميناء المخا غرب محافظة تعز على البحر الأحمر، داعية المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى اتخاذ مواقف أكثر حزما مع الميليشيات الحوثية.
التنديد اليمني تزامن مع إعلان الجيش اليمني كسر هجمات للميليشيات الانقلابية غرب محافظة مأرب مع التصدي لخروق للهدنة الأممية جنوب محافظة الحديدة الساحلية.
وأكد رئيس الحكومة اليمنية معين عبد الملك أمس (الأحد) في الرياض خلال لقائه مع السفير الهولندي لدى بلاده بيتر ديرك هوف، أن الهجوم الإرهابي الذي نفذته ميليشيا الحوثي الانقلابية بالصواريخ والطائرات المسيرة على ميناء المخا المدني بالتزامن مع استئناف نشاطه التجاري والإنساني، يمثل امتدادا لمسلسل استهداف الميليشيا للأعيان المدنية والتدمير الممنهج للبنية التحتية للاقتصاد الوطني.
وأضاف بالقول: «ميليشيا الحوثي ومن خلال هذا الهجوم الذي استهدف ميناء مدنيا ومخازن ومنشآت الميناء وبنيته التحتية، وإحراق مخازن عدد من المنظمات الإغاثية العاملة في الساحل الغربي والبضائع الخاصة بالمستوردين، تصر على استمرار تعميق الكارثة الإنسانية التي تسببت بها منذ انقلابها على السلطة الشرعية وإشعالها للحرب أواخر العام 2014».
ونقلت وكالة «سبأ» أن عبد الملك «دعا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لإدانة الجرائم الحوثية وتصعيدها المستمر واتخاذ موقف حازم إزاءها، وعدم مقابلتها بالصمت».
وبحسب المصادر الرسمية، ناقش عبد الملك مع السفير الهولندي «مستجدات الوضع على الساحة اليمنية والتحركات السياسية مع تسلم المبعوث الأممي الجديد لمهامه، والضغط الدولي المطلوب لوقف التصعيد الحوثي ضد المدنيين والنازحين، واستهدافها المتكرر للأعيان المدنية في المملكة العربية السعودية، وكذا الوضع الإنساني، وقضية خزان صافر النفطي واستمرار ميليشيا الحوثي في التلاعب بهذا الملف الخطير، إضافة إلى جهود استكمال تنفيذ اتفاق الرياض».
وجدد رئيس الوزراء اليمني التأكيد على دعم حكومته للمبعوث الأممي وحرصها على إنجاح مهمته في مسار استئناف عملية السلام وفقا للمرجعيات الثلاث المتفق عليها محليا والمؤيدة دوليا، مشدداً «على ضرورة التحرك الدولي العاجل للضغط على ميليشيا الحوثي للسماح للفريق الأممي بصيانة وتفريغ خزان صافر النفطي وتجنيب اليمن والمنطقة تداعيات الكارثة المحتملة».
وبخصوص استكمال تنفيذ «اتفاق الرياض» قال رئيس الحكومة اليمنية إنه لا بديل عن التزام الجميع بما نص عليه الاتفاق، وإن حكومته «حريصة رغم كل التحديات والتصعيد السياسي على التماسك وانتظام أعمالها، وتخفيف معاناة الشعب اليمني».
وكانت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران شنت هجوما (السبت) بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة مفخخة على ميناء المخاء غرب محافظة تعز، قبيل وصول وفد حكومي لإعادة تشغيله رسميا، وهو ما تسبب في إحداث دمار كبير في مستودعات الميناء دون تسجيل أي إصابات بشرية.
إلى ذلك أفاد الإعلام العسكري للقوات المشتركة في الساحل الغربي لليمن بأن ستة حوثيين قتلوا أمس (الأحد) وجرح آخرون إثر إحباط محاولة تسلل للميليشيات في جبهة الفازة التابعة لمديرية التحيتا جنوب الحديدة. ونقل المركز الإعلامي لألوية العمالقة عن مصدر عسكري قوله إن «القوات المشتركة خاضت اشتباكات عنيفة مع مجاميع مسلحة تابعة للميليشيات الحوثية حاولت التسلل إلى الخطوط الأمامية لجبهات القتال. وإن المواجهات أسفرت عن مصرع 6 متمردين وجرح آخرين، فيما لاذ بقية العناصر بالفرار».
ومع استمرار الخروق الحوثية للهدنة الأممية، أفاد المركز بأن عددا من أسر المزارعين فروا من منازلهم جراء القصف الذي شنته الميليشيات الحوثية على مديرية التحيتا، إلى أماكن آمنة في مدينة الخوخة الساحلية.
وبحسب تقارير حكومية أدت الخروق الحوثية منذ إبرام الهدنة الأممية الهشة في ديسمبر (كانون الأول) 2018 إلى مقتل وجرح مئات المدنيين، فضلا عن تدمير مئات المنازل بالقذائف والصواريخ.
يشار إلى أن نشاط البعثة الأممية الخاصة بمراقبة وقف النار وإعادة تنسيق الانتشار في الحديد (أونمها) متوقف منذ أشهر، حيث تطالب الحكومة بنقل مقر البعثة إلى مكان محايد بعيدا عن قبضة الميليشيات الحوثية التي تتهمها بالتحكم في قرارات البعثة وتحركاتها.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.