حكومة الوحدة الليبية تواجه خيار سحب الثقة

ميليشيات تابعة للسلطة الانتقالية تتهم منافسيها بخطف 11 من عناصرها

حكومة الوحدة الليبية تواجه خيار سحب الثقة
TT

حكومة الوحدة الليبية تواجه خيار سحب الثقة

حكومة الوحدة الليبية تواجه خيار سحب الثقة

تترقب ليبيا، اليوم، نتائج جلسة مغلقة سيعقدها مجلس النواب في مقره بمدينة طبرق، أقصى شرق البلاد، تتعلق بمصير حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، بينما اتهم المجلس الأعلى للدولة مجموعة من مجلس النواب بمحاولة التفرد بالقرار السياسي.
وعبر رئيس مجلس الدولة خالد المشري في تصريحات تلفزيونية، أمس، عن رفضه لما وصفه بـ«الاعتداء على الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي». وأكد حرصه على إجراء الانتخابات في موعدها بحلول 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وقال: «لا نرضى أن يتجاوز أي طرف الاتفاق السياسي، وستكون لدينا خيارات أخرى للتعامل مع مجلس النواب»، معتبراً أن قانون الانتخابات الذي أقره المجلس بالأغلبية «ليس توافقياً».
ومن المقرر أن يبت مجلس النواب، وفقاً لما أعلنه عبد الله بليحق المتحدث باسمه، في الإجراء الذي سيتخذ حيال حكومة الوحدة عقب استكمال استجوابها ومناقشة إجاباتها والاستماع لردود النواب بشأنها ومدى اقتناعهم بها. وقال بليحق إن سحب الثقة من عدمه متوقف على اقتناع النواب بردود الحكومة، لافتاً إلى أنه في حال تقرر سحب الثقة سينظر في البدائل المطروحة.
بدورها، ناقشت الحكومة في اجتماع ترأسه الدبيبة في طرابلس، أمس، عدداً من المواضيع والملفات الخدمية ومتابعة التطورات المتعلقة بجائحة «كورونا» وبعض المشروعات.
وقال رئيس المجلس الرئاسي إن اجتماعه مع السفيرة البريطانية لدى ليبيا كارولين هورندال، أمس، بحث تطوير علاقات التعاون بين البلدين، ودعم مشروع المصالحة الوطنية واستمرار وقف إطلاق النار، إضافة إلى دعم عمل اللجنة العسكرية المشتركة «5+5» لتحقيق الاستقرار الذي يمهد الطريق لإجراء الاستحقاق الانتخابي المقبل.
ونقل المنفي عن سفيرة بريطانيا تأكيدها استمرار دعم بلادها للمجلس وحكومة الوحدة والعمل على استعادة ليبيا دورها في المجتمع الدولي.
وسعت وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش، أمس، إلى قطع الطريق على مساعي المجلس الرئاسي لإلغاء اعتراضها على ترشيح صالح الشماخي مندوب ليبيا السابق لدى الجامعة العربية لرئاسة بعثتها لدى إسبانيا. وقالت وزارة الخارجية في بيان لها إن الشماخي «تجاوز المدة المحددة له بفترة طويلة وفق القوانين المعمول بها في ليبيا وفي كل دول العالم»، موضحة أنه «نظراً لرفضه التسليم والعودة إلى سابق عمله في ليبيا، فقد صدر في حقه قرار بالاستقالة الاعتبارية نهاية شهر يونيو (حزيران) الماضي، وأنه لم يعد يمثل الدولة الليبية على أي مستوى لدى الجامعة العربية حتى يتم تكليفه بمهام رئيس بعثتها في مدريد».
وكان الشماخي طالب المجلس الرئاسي بالتدخل، معتبراً أن «ليبيا خسرت مقعداً مهماً ومنصباً قيادياً في الجامعة العربية» بعد أن اختاره أمينها العام لتولي منصب رئيس البعثة في مدريد، كما دعا إلى «إنصافه ورد اعتباره».
في المقابل، اعتبر المجلس الرئاسي أنه «صاحب الاختصاص في تعيين وإقالة رؤساء البعثات الدبلوماسية الليبية في الخارج». وقال إن الطريقة التي اتبعتها المنقوش أخيراً تجاه هؤلاء «تعد في نظر الدول المعتمدة لديها، إجراء أحادي الجانب ومستفزاً».
إلى ذلك، اتهم «اللواء 444 قتال» التابع لقوات حكومة الوحدة، «جهاز الاستقرار» التابع لها أيضاً بخطف 8 عسكريين من عناصر اللواء بالإضافة إلى 3 مدنيين. وقال اللواء في بيان، مساء أول من أمس، إنه تقدم بشكوى للمدعي العام العسكري وجهات الاختصاص حول اختطاف هذه المجموعة الأسبوع الماضي خلال «الهجوم الغادر الذي شنته عناصر الجهاز على مقر اللواء بمعسكر التكبالي».
وقال إن من وصفهم بجنود الجيش الليبي المختطفين «لم يتوانوا أو يُقصروا في خدمة وطنهم ولا توجد لهم أي تهمة سوى أن مكان سكنهم في منطقة أبو سليم». وحمل مسؤولية سلامتهم لـ«الدعم والاستقرار» والمجلس البلدي في أبو سليم، ودعا آمر منطقة طرابلس العسكرية عبد الباسط مروان إلى «تحمل مسؤولياته تجاه هذا العمل غير المشروع وتداعياته المترتبة عليه».
كما طالب كل الجهات بالعمل بشكل سريع لإطلاق سراح المعتقلين، داعياً «من له سلطة على هذه المجموعة المسلحة» إلى «التدخل الفوري واتخاذ ما يلزم من إجراءات لإطلاق سراحهم». وتعهد لأهالي المختطفين بعدم تركهم أو التفريط فيهم، «واستعمال كل الطرق لإطلاق سراحهم».
واندلعت اشتباكات عنيفة الأسبوع الماضي، بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة في منطقة صلاح الدين بضواحي طرابلس، بعد مداهمة قوة من «جهاز حفظ الاستقرار» بوزارة الداخلية مقر «اللواء 444 قتال» التابع لوزارة الدفاع بمعسكر التكبالي.
وطالب الدبيبة بصفته وزير الدفاع المدعي العسكري بضرورة الإسراع في التحقيق الجاري المتعلق بالاشتباكات واتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية، بينما دعا المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش رئيس الأركان لاتخاذ الإجراءات حيال آمري القوات المشتبكة وممارسة ما يخوله له القانون من صلاحيات للسيطرة على الموقف.
وأظهرت هذه الأحداث انقسامات وفجوات بين الأجهزة الأمنية في طرابلس التي شهدت اشتباكات هي الأعنف من نوعها منذ تولي حكومة الدبيبة زمام الأمور سبقتها اشتباكات في يوليو (تموز) الماضي وأعمال عنف متفرقة وسط المدينة.
في موازاة ذلك، ناقش النائب العام في طرابلس الصديق الصور مع رئيس جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب استكمال إجراءات تصحيح أوضاع الأشخاص الموقوفين بمقر الجهاز على خلفية وقائع جنائية.
وبحسب بيان لمكتب الصور، فإن الاجتماع درس «إجراءات تسوية أوضاع المتهمين بارتكاب جرائم الانضمام إلى التنظيمات المحظورة، والانخراط في أعمال مجموعات الجريمة المنظمة، إضافة إلى تصحيح أوضاع من تجاوزت مدة إيقافهم المحتملة قضائياً». ولفت إلى أنه تم على مدى الشهرين الماضيين إخلاء سبيل 105 معتقلين.
كما اتهم النائب العام صومالياً بـ«قيادة شبكة منظمة تعمل على تنظيم عمليات الهجرة غير الشرعية، والاتجار بالبشر، وتعمد قتل العشرات من المهاجرين للاتجار بأعضائهم». وقال «اللواء 444 قتال» إن عناصره اعتقلت الصومالي المذكور في عملية نوعية بمدينة بني وليد مطلع مارس (آذار) الماضي.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.