رسلان منتج «مملكة الصحراء»: التصوير كان صعبا وممتعا والممولون العرب وعدوا وأخلفوا

تحدث لـ «الشرق الأوسط» عن رابع تعاون مع فرنر هرتزوغ والعمل مع نيكول كيدمان

نك رسلان: التصوير في المغرب  -  نيكول كيدمان في لقطة من الفيلم
نك رسلان: التصوير في المغرب - نيكول كيدمان في لقطة من الفيلم
TT

رسلان منتج «مملكة الصحراء»: التصوير كان صعبا وممتعا والممولون العرب وعدوا وأخلفوا

نك رسلان: التصوير في المغرب  -  نيكول كيدمان في لقطة من الفيلم
نك رسلان: التصوير في المغرب - نيكول كيدمان في لقطة من الفيلم

يوجد نوعان من المنتجين العرب في السينما: نوع يرضى سريعا بما يستطيع الوصول إليه، ونوع يصر على تحقيق طموحاته العالية وينطلق مباشرة صوبها.
نك رسلان، الذي أنتج «ملكة الصحراء» من إخراج فرنر هرتزوغ وبطولة نيكول كيدمان، هو من النوع الثاني. ولد في حماه، سوريا، سنة 1964 وعرف طريق الهجرة باكرا. في عام 2000 نجده المنتج المنفذ لفيلم أميركي بعنوان «مراسيم». في عام 2004 شارك عربيان آخران يعيشان في هوليوود هما جاك نصر وجوزف مرعي إنتاج «العودة عند منتصف الليل» من بطولة الكوميدي رودني دانجرفيلد ومعه كرستي إلى وراندي كوايد. في حين لا يزال جاك نصر وجوزف مرعي يعملان معا في حقل الأفلام الصغيرة التي تتوجه مباشرة إلى السوق السائدة، انحاز نك إلى سينما ترضي الجانب الفني والوجداني من ذاته. ذلك أنه في سنة 2006 قررت شركة «مترو–غولدوين–ماير» إنتاج فيلم من إخراج الألماني هرتزوغ عنوانه «فجر الإنقاذ» (Rescue Dawn): دراما حول عملية إنقاذ لمجندين مفقودين في الحرب الفيتنامية. لم يكن الفيلم «رامبو» جديدا، بل ميزه ذلك القدر من البحث عن جوانب جديدة للحديث عن تلك الحرب من دون إهمال الجانب الترفيهي منها. مهما يكن، هذا الفيلم كان اللقاء الأول بين المنتج رسلان والمخرج هرتزوغ.
الثاني ورد بعد 4 أعوام عندما أنجز الاثنان فيلما تسجيليا بعنوان «سنة في تاييغا» ليتبعاه بالفيلم التسجيلي الآخر «إلى القاع» (Into the Abyss)الذي أنجز في عام 2011 تقديرا نقديا عاليا. «ملكة الصحراء»، الذي كنا تناولناه في واحد من تقارير مهرجان برلين هذا العام حيث شارك في المسابقة، هو التعاون الرابع. هذه المرة توجه المنتج إلى المخرج بالفكرة ومراميه كانت تقديم عمل يكون بمثابة جسر تواصل بين الشرق والغرب، التاريخ والحاضر.
إنه فيلم جيد لم يستحوذ على إعجاب كل النقاد، لكن هذا حال أفلام جيدة كثيرة خصوصا إذا ما شوهدت في المهرجانات وليس في خلال التوزيع التجاري. نيكول كيدمان أدت دور الرحالة البريطانية غرترود بل التي جابت المنطقة العربية من الأردن والعراق إلى الحجاز في مطلع القرن الماضي واكتسبت رؤية فريدة حول العرب والإسلام والبيئة البدوية الحاضنة. دافعت عما اكتسبته وأبدت إعجابها بالحياة البدوية الصحراوية التي خاضتها من دون خوف أو وجل. في حديثها لنا أثنت كيدمان على الموضوع بينما ذكر هرتزوغ أنه كان سعيدا بتقديم فيلم من بطولة امرأة لأول مرة في حياته التي امتلأت أفلاما. يتناول نك رسلان في حديث خص به «الشرق الأوسط» شتى الجوانب الإنتاجية والفنية التي صاحبت العمل ورأيه في الرسالة التي قدمها الفيلم في طياته وما واجهه الفيلم من نقد.
وفي ما يلي أبرز ما جاء في الحوار :
* في أي مرحلة تم دخولك على خط هذا الفيلم وكيف تم ذلك؟
- أنا المنتج الرئيس لهذا الفيلم، لذلك أستطيع القول إنني عملت على الفيلم من الألف إلى الياء وفي كل مراحله. هرتزوغ وأنا بدأت من الفكرة وقمت أنا بكل الأبحاث التي كان لا بد منها حول شخصية غرترود بل وما جمعته من بحث سلمته إلى المخرج لكي يكتب السيناريو. لكن الفكرة هي فكرتي من البداية.
* تم تصوير جزء من الأحداث في الأردن، بينما الجزء الأكبر في المغرب. إذا كانت هذه المعلومة صحيحة، هل تستطيع أن تخبرنا ما الذي تستطيع الصحراء المغربية توفيره ما لا تستطيع صحارى عربية أخرى توفيره من عناصر إنتاج وكمواقع تصوير؟
- نعم كل مشاهد الصحارى صورت في المغرب. الأردن يمتلك صحراء جميلة للغاية لكنه لا يملك المواقع التي تشبه المدن الشرقية في مطلع القرن. وتبعا لشواغل الممثلين الرئيسيين كان علينا أن نصور معظم مشاهد الصحراء والمدن في بلد واحد.
* ما الذي يمنع التنوع في هذه الحالة؟
- الانتقال من موقع إلى آخر سيتطلب إغلاق الموقع الأول لفترة زمنية مما يعني أن عددا من الممثلين سيبقون بلا عمل طيلة أيام التصوير في الموقع الثاني. من ناحية أخرى، كل من المغرب والأردن لديه مواقع تصوير خلابة.
* كمنتج، ما الذي تبحث عنه في سيناريو ما؟
- أحب أن أعمل على مشروع يحوي مادة صلبة وعلى موضوع يمثل قدرا من الاختلاف عن السائد في بال المشاهدين. أحب أن أرى المشاهدين يتركون الصالة وهم يفكرون.
* كيف كان التعامل مع نيكول كيدمان؟
- وضح سؤالك قليلا.
* كيف كانت ردة فعلها الأول على المشروع، كيف وجدتها خلال التصوير، وإلى أي مدى تجاوبت مع رغبات المخرج الفنية؟
- تجاوبت نيكول باهتمام كبير نحو المشروع. أبدت رغبتها فيه. لم يستغرق الأمر سوى أسابيع قليلة قبل أن نستلم موافقتها. كانت تعلم أن التصوير سيستغرق فترة طويلة وطلبت أن تصطحب معها بناتها لكي يشاركنها تجربة العيش والعمل في الصحراء.
* كيف تأقلمت مع الصحراء إذن؟
- جيدا وسريعا. في كل صباح ومساء كانت تقوم بتمارين الركض على كثبان الرمل. كانت مهتمة جدا بالبحث بدورها عن معالم الشخصية التي تقوم بها. عرفت مثلا أن غرترود كانت تستخدم حوض استحمام يصاحبها أينما سافرت فاقترحت على هرتزوغ أن يضيف مشهدا لها وهي تستحم في الصحراء. الفكرة أعجبت هرتزوغ والمشهد موجود على الشاشة بالفعل وهو من أكثر المشاهد إثارة للإعجاب فعلا.
نيكول كانت تفضل النوم خلال النهار على الرمال الناعمة رغم أن دارتها (موبايل هوم) كان بالقرب من موقع التصوير. لكن ما أسعدني شخصيا هي أنها أعلنت منذ وصولها أنها الآن في «عالم فرنر هرتزوغ»، كما قالت.
* مشروع كهذا، يحتوي على إعادة سرد تاريخي وجزء من سيرة حياة حقيقية ويتم تصوير معظم مشاهده في الصحراء، لا بد أنه كان سلسلة متصلة من التحديات. لكن ما هو أصعب هذه التحديات؟
- التصوير في الصحراء كان صعبا لكنه كان في الوقت ذاته متعة. كانت هناك مصاعب تتعلق بالبيئة الصحراوية ذاتها، مثلا عندما كانت تهب العواصف الرملية. لديك فريق عمل ومعدات يجب حمايتها. وهناك تصوير يجب أن يتم.
* ماذا عن المسائل التمويلية، هل واجهت صعوبات في هذا النطاق؟
- في البداية واجهت صعوبات كبيرة. كوني اعتمدت على ممولين من الشرق الأوسط في بادئ الأمر، لكنهم لم يفوا بما وعدوا به. كانت وعودا خاوية تماما. حالما قررت البحث عن التمويل عبر الطرق التقليدية، ومن دون مساهمات عربية، تمكنت من تأمين التمويل في ظرف شهر واحد. تعلمت الدرس، لكني رغم ذلك لا أستطيع القول إن المشروع كان صعبا.
* حين شاهدنا الفيلم في برلين قرأنا في اليوم التالي انطباعات النقاد. لم أفهم كيف لا يمكن للبعض منهم تقدير العمل بحد ذاته أو تفويت العناصر الفنية التي يتكون منها… ما رأيك أنت؟
- لا تستطيع أن ترضي الجميع. الجمهور أحب الفيلم. بعض النقاد لم يكن منصفا. لكن بعض النقاد الآخرين كتبوا جيدا عنه. لكن في العموم، لم يعرف النقاد شيئا عن غرترود بل قبل هذا الفيلم لكنهم فجأة كتبوا كما لو كانوا خبراء في تاريخها وعلى إلمام شديد بها وبالفترة التي قضتها في الربوع العربية.
سأكشف لك شيئا: تمت كتابة 15 سيناريو عن حياة هذه الشخصية وكلها أخفقت في التحول إلى أفلام، من بينها مشروع للمخرج والمنتج ريدلي سكوت ما زال مجرد فكرة.
* هناك من انتقد عدم وجود ممثلين عرب في أدوار رئيسة.
- صحيح. لكن المنتقدين لا يعرفون خلفية العمل ولا كيف أن على الإنتاج أخذ قرارات مصيرية. كان علي أن أبحث عن أسماء ذات قيمة تجارية ولو كانت غربية لشتى الأدوار الأولى والمساندة الأساسية لأن الممثلين العرب لا يستطيعون تأمين التمويل المطلوب. أحد النقاد كتب أن الممثل جاي عبدو سرق الكاميرا من نيكول كيدمان.. أعتقد أن هذا الناقد كان تائها.
* هل هناك المزيد من الأفلام المزمعة مع هرتزوغ؟
- نعم. في أواخر شهر أغسطس (آب) سنبدأ العمل على تصوير فيلم حول الجندي الياباني هيرو أونادا الذي استمر في حالة حرب فوق الجزيرة التي كان يعيش فيها لـ35 سنة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية معتقدا أنها ما زالت مستمرة.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».