غياب الثقة يهدد المناخ الاستثماري في ألمانيا

تزامناً مع ارتفاع التضخم

شكت غرفة التجارة والصناعة من تدهور المناخ الاستثماري على نحو واضح في ألمانيا (رويترز)
شكت غرفة التجارة والصناعة من تدهور المناخ الاستثماري على نحو واضح في ألمانيا (رويترز)
TT

غياب الثقة يهدد المناخ الاستثماري في ألمانيا

شكت غرفة التجارة والصناعة من تدهور المناخ الاستثماري على نحو واضح في ألمانيا (رويترز)
شكت غرفة التجارة والصناعة من تدهور المناخ الاستثماري على نحو واضح في ألمانيا (رويترز)

شكَت غرفة التجارة والصناعة الألمانية من تدهور المناخ الاستثماري على نحو واضح في ألمانيا. وقال رئيس الغرفة، بيتر أدريان، في تصريحات لصحيفة «راينيشه بوست» الألمانية الصادرة أمس (الجمعة): «خفّضت الشركات استثماراتها في المعدات العام الماضي بنسبة تزيد على 13%»، مضيفاً أن طلب الشركات على القروض مستقر حالياً عند أقل من 200 مليار يورو، بعد ارتفاع حاد في الأعوام من 2015 إلى 2019.
وأضاف أدريان أن «هذه الأرقام تمثل علامة تحذير، لأنها تُظهر أن الشركات تخشى حالياً من الاستثمار بكثافة في المنشآت والآلات»، مشيراً إلى أن سبب الإحجام عن الاستثمار لا يرجع فقط إلى تأثير جائحة «كورونا»، بل أيضاً إلى غياب أساس طويل الأمد للثقة.
وقال: «هناك العديد من الشكوك بشأن تحقيق اتجاه تصاعدي متواصل»، موضحاً أن تلك الشكوك ترجع على سبيل المثال إلى نقص العمالة الماهرة ومشكلات سلاسل التوريد والإطار السياسي المستقبلي في ألمانيا بالنظر إلى الانتخابات العامة التي ستُجرى في 26 سبتمبر (أيلول) الجاري.
وتأتي تلك المخاوف متزامنة مع ارتفاع أسعار الطاقة وتأثير ضريبة القيمة المضافة، اللذين أديا إلى استمرار التضخم في ألمانيا عند مستوى مرتفع نسبياً. وأكد مكتب الإحصاء الاتحادي أمس، تقديراته السابقة بأنه بعد زيادة قوية في الأسعار في يوليو (تموز) الماضي، استمر معدل التضخم على أساس سنوي في الارتفاع بشكل معتدل إلى 3.9% في أغسطس (آب) الماضي، وكانت آخر مرة يزيد فيها التضخم السنوي بوتيرة مرتفعة في ديسمبر (كانون الأول) عام 1993 عندما بلغ 4.3%.
وكان التضخم في الأشهر الأخيرة مدفوعاً بارتفاع أسعار الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، أصبح أثر ضريبة الاستهلاك، التي انتهى خفضها المؤقت في نهاية العام الماضي، كاملاً الآن على الأسعار.
ومن أجل تحفيز الاستهلاك خلال جائحة «كورونا»، خفضت الحكومة الألمانية ضريبة القيمة المضافة العام الماضي خلال الفترة من 1 يوليو حتى 31 ديسمبر. ومنذ يناير (كانون الثاني) 2021 تُطبق معدلات ضريبة القيمة المضافة العادية مرة أخرى، ما جعل السلع والخدمات أكثر تكلفة.
ويؤدي ارتفاع التضخم إلى إضعاف القوة الشرائية للمستهلكين، حيث يُضعف ذلك القوة الشرائية لليورو. ومع ذلك يرى الاقتصاديون أن ارتفاع التضخم في ألمانيا ظاهرة مؤقتة.
وفي سياق مستقل، أنجز مصرف «دويتشه بنك» الألماني أول اتفاقية له في مجال إعادة شراء أوراق مالية وفقاً للقواعد البيئية، لتمثل خطوة أخرى للبنك في عالم أدوات التمويل الخاضعة لقواعد الحوكمة البيئية والاجتماعية والتي يتزايد الطلب عليها.
وأشارت وكالة «بلومبرغ» إلى أن هذه الاتفاقية أحدث مثال على انتشار المنتجات المالية في السوق التي تتحرك بأسرع من حركة الأجهزة الرقابية والتنظيمية.
وقال بنك الاستثمار الأميركي «جيه بي مورغان تشيس» إنه يخطط بالفعل لإضافة علامة الالتزام بقواعد الحوكمة البيئية والاجتماعية إلى كل أشكال التمويل، في الوقت الذي أصبحت فيه المشتقات المالية لقواعد الحوكمة البيئية والاجتماعية عنصراً أساسياً في السوق.
وقال «دويتشه بنك» إنه يعتزم توفير مزيد من المنتجات المالية الملتزمة بقواعد الحوكمة البيئية والاجتماعية.
ويأتي ذلك في الوقت الذي لم تحدد فيه السلطات التنظيمية والرقابية تعريف اتفاقية إعادة التمويل الخضراء. وما زال مجلس إعادة الشراء والضمانات الأوروبي يتشاور مع أطراف السوق حول أفضل تعريف لاتفاق إعادة الشراء الصديق للبيئة، مع ظهور تعريفات مختلفة له. في الوقت نفسه، فإن إضافة مزيد من المنتجات المالية إلى سوق أدوات الحوكمة البيئية والاجتماعية، يعني أن الأصول في هذه السوق التي وصلت قيمتها إلى 35 تريليون دولار ستواصل النمو بوتيرة أسرع.
وفي أول اتفاقية إعادة شراء خضراء، نقل «دويتشه بنك» الأوراق المالية إلى شركة إدارة الأصول الموجود مقرها في لندن «إم آند جي إنفستمنت». في المقابل حصل البنك الألماني على سيولة نقدية لتمويل حزمة أصوله الصديقة للبيئة، والتي تشمل مشروعات الطاقة المتجددة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، إلى جانب تحسين كفاءة استهلاك الطاقة في المباني التجارية.



بنك إنجلترا يخفض أسعار الفائدة... ويتوقع ارتفاع التضخم بعد موازنة ريفز

أشخاص يسيرون أمام بنك إنجلترا في الحي المالي في لندن (إيه بي أي)
أشخاص يسيرون أمام بنك إنجلترا في الحي المالي في لندن (إيه بي أي)
TT

بنك إنجلترا يخفض أسعار الفائدة... ويتوقع ارتفاع التضخم بعد موازنة ريفز

أشخاص يسيرون أمام بنك إنجلترا في الحي المالي في لندن (إيه بي أي)
أشخاص يسيرون أمام بنك إنجلترا في الحي المالي في لندن (إيه بي أي)

خفض بنك إنجلترا أسعار الفائدة، الخميس، للمرة الثانية فقط منذ عام 2020، وقال إن التخفيضات المستقبلية من المرجح أن تكون تدريجية، مع ارتفاع التضخم والنمو بعد أول موازنة للحكومة الجديدة.

وصوّتت لجنة السياسة النقدية بأغلبية 8-1 على خفض أسعار الفائدة إلى 4.75 في المائة من 5 في المائة، وهي أغلبية أقوى من التوقعات في استطلاع أجرته «رويترز» لتصويت 7-2 لصالح الخفض.

وعارضت كاثرين مان، مفضلةً إبقاء الأسعار ثابتة.

وقال محافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي، في بيان: «نحتاج إلى التأكد من أن التضخم يظل قريباً من الهدف، حتى لا نتمكن من خفض أسعار الفائدة بسرعة كبيرة أو كثيراً. لكن إذا تطور الاقتصاد كما نتوقع، فمن المرجح أن تستمر أسعار الفائدة في الانخفاض تدريجياً»، مكرراً على نطاق واسع لغته بعد اجتماع سبتمبر (أيلول).

وتوقع بنك إنجلترا أن تعزز موازنة وزيرة المالية راشيل ريفز، الأسبوع الماضي، التي تتضمن زيادات كبيرة في الضرائب والإنفاق والاقتراض، حجم الاقتصاد البريطاني بنحو 0.75 في المائة العام المقبل، ولكنها لن تحسن بالكاد معدلات النمو السنوية في غضون عامين أو ثلاثة أعوام.

وقال بنك إنجلترا إن خطتها من المرجح أن تضيف أقل بقليل من نصف نقطة مئوية إلى معدل التضخم عند ذروته في غضون عامين فقط، مما يتسبب في استغراق التضخم عاماً أطول للعودة بشكل مستدام إلى هدفه البالغ 2 في المائة.

وكانت لغة بنك إنجلترا الحذرة بشأن تخفيضات أسعار الفائدة المستقبلية مماثلة للأشهر السابقة، بما يتفق مع وجهة نظر المستثمرين بأنه من المرجح أن يخفض أسعار الفائدة بشكل أبطأ من البنك المركزي الأوروبي.

ولم يشر بنك إنجلترا إلى فوز دونالد ترمب في الانتخابات الأميركية، مما دفع إلى انخفاض كبير في الرهانات على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيخفض أسعار الفائدة بقوة.

وكانت الأسواق المالية، الأربعاء، تسعر ما بين خفضين وثلاثة تخفيضات لأسعار الفائدة من بنك إنجلترا في عام 2025، انخفاضاً من نحو أربعة قبل الموازنة.

وقال بنك إنجلترا إن التضخم من المرجح أن يرتفع إلى نحو 2.5 في المائة بحلول نهاية هذا العام من 1.7 في المائة في سبتمبر، ويصل إلى 2.7 في المائة بحلول نهاية العام المقبل، قبل أن ينخفض ​​تدريجياً إلى ما دون هدفه البالغ 2 في المائة بحلول نهاية التوقعات الممتدة لثلاث سنوات.

ومن المرجح أن تؤدي قرارات الحكومة برفع سقف أجور الحافلات، وزيادة ضريبة القيمة المضافة على رسوم المدارس الخاصة، وزيادة مساهمات أصحاب العمل في الضمان الاجتماعي إلى تعزيز التضخم.

ومع اقتران الإجراء الأخير بزيادة 6.7 في المائة في الحد الأدنى للأجور الوطنية، قال بنك إنجلترا إن أصحاب العمل يواجهون تكاليف متزايدة، على الرغم من أنه لا يستطيع التأكد من التأثير الإجمالي على التضخم حيث قد يستجيب أصحاب العمل بطرد الموظفين أو قبول أرباح أقل. وفي حين خفض بنك إنجلترا توقعاته للنمو الاقتصادي المتوسط ​​هذا العام إلى 1 في المائة من 1.25 في المائة، مما يعكس المراجعات الأخيرة للنمو الماضي، فقد رفع توقعاته لعام 2025 إلى 1.5 في المائة من 1 في المائة.

وقال بنك إنجلترا إن «هذا يعكس المسارات الأقوى والأكثر تركيزاً نسبياً للاستهلاك الحكومي والاستثمار، التي تعوض أكثر من تأثير الضرائب الأعلى على النمو».

وفي حين تتضمن توقعات بنك إنجلترا للنمو والتضخم تأثير زيادة الإنفاق والضرائب، فإنها لا تتضمن تأثير الارتفاع الكبير في تكاليف الاقتراض في السوق منذ الموازنة حيث وضعت تلك الافتراضات مسبقاً ولم تقم بتحديثها.

وإذا تم أخذ أسعار الفائدة السوقية الأعلى الآن في الاعتبار، فمن المرجح أن تكون توقعات التضخم والنمو أقل قليلاً. وكرر بنك إنجلترا رسالته بأن السياسة النقدية سوف تحتاج إلى البقاء «مقيّدة لفترة كافية» لإعادة التضخم بشكل مستدام إلى هدف 2 في المائة.