مجرد التفكير في إمكانية حدوث مثل هذه الأمور يعد أمراً مستحيلاً. هل يصدق أحد أن كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي وجاك غريليش وجادون سانشو وسيرخيو راموس وروميلو لوكاكو، وغيرهم كثيرين، سينتقلون من أنديتهم إلى أندية أخرى في نفس الصيف؟، أعتقد أن الجواب كان بسيطاً جداً وهو: لا بكل تأكيد. لقد حظيت بشرف متابعة سوق انتقالات اللاعبين لسنوات طويلة، وأعتقد أن هذا هو أجمل شيء في العالم لسبب بسيط هو أنك لا تعرف أبداً ما سيحدث بعد دقائق معدودات!
ويمكن أن تتغير كل التوقعات في لحظة واحدة، بسبب فاكس أو عمولة أو مكالمة هاتفية متأخرة. لقد كان الجميع - وكلاء اللاعبين والمديرون الفنيون ورؤساء وملاك الأندية - يرددون على مدى شهور طويلة أن فترة الانتقالات الصيفية ستكون سيئة للغاية، لأن الأندية تعاني من أزمات مالية طاحنة بسبب تداعيات تفشي فيروس كورونا، وأن أبرز النجوم لن تتحرك من أنديتها. وبدلاً من ذلك، كانت فترة الانتقالات الصيفية الأخيرة هي أروع فترة انتقالات في التاريخ!
لقد بدأ الصيف بالنسبة لي بين شوطي إحدى المباريات مع أصدقائي. كان ذلك في نهاية شهر مايو (أيار)، وكنا في إجازة وكان الوقت متأخراً في المساء، ونظرت إلى هاتفي، لكنني لم أكن أتوقع أي أخبار، لأن الساعة كانت تشير إلى الحادية عشرة مساء. ووجدت على الهاتف مكالمتين ورسالة على تطبيق «واتساب» تقول: «فابريزيو، لقد أبلغ زين الدين زيدان مسؤولي نادي ريال مدريد بأنه سيرحل عن الفريق. وغداً، سوف يبلغ فلورنتينو بيريز بهذا القرار أيضاً. تحقق من ذلك».
لقد كان المصدر الذي أخبرني بذلك سرياً، وعندما تحققت من الأمر تأكدت من حقيقة تلك الأنباء على الفور. كان ذلك أول خبر عاجل لصيف مجنون، وأدركت في تلك اللحظة أن الثلاثة أشهر التالية ستكون حافلة بالإثارة ومليئة بالمفاجآت والتقلبات. وبسبب العدد الهائل من المكالمات الهاتفية والرسائل والتغريدات التي تلقيتها على هاتفي، اضطررت لعدم استكمال المباراة مع أصدقائي وتركت المباراة عند الدقيقة 45، ولحسن الحظ أننا كنا فائزين.
وبعد بضعة أيام، قضيت ساعتين من العمل في منتصف الليل - بين الساعة الواحدة صباحاً والثالثة صباحاً - لتغطية التغيير المذهل الذي حدث في وجهة نظر نجم خط الوسط الهولندي جورجينيو فينالدوم. كان فينالدوم قد توصل لاتفاق شفهي مع برشلونة، وكان النادي الإسباني يستعد لإجراء الفحوصات الطبية والإعلان عن الصفقة بشكل رسمي، ثم تلقى اللاعب عرضاً من باريس سان جيرمان بأكثر من ضعف راتبه. وقالت مصادري: «يجب أن يتخذ فينالدون قراره النهائي الليلة». وبعدما أجريت عدداً من المكالمات الهاتفية وأرسلت بعض الرسائل على «واتساب»، تأكدت من أن هذا الأمر حقيقي.
دائماً ما يكون شعوري المفضل هو عندما تنتهي الملحمة المتعلقة بإحدى الصفقات الكبرى ويتم الإعلان بشكل رسمي من قبل النادي. وينتابني شعور بالتحرر عندما يحتفل المشجعون بالتعاقدات الجديدة على وسائل التواصل الاجتماعي بسعادة بالغة وكأن فريقهم المفضل قد أحرز هدفاً قاتلاً في الدقيقة الأخيرة من عمر المباراة. لقد بدأت مفاوضات انتقال جادون سانشو إلى مانشستر يونايتد في فبراير (شباط) 2020 وانتهت في يوليو (تموز) 2021. ولا يمكنني أبداً أن أحصي العدد الهائل من الرسائل التي أرسلتها أو المكالمات الهاتفية التي أجريتها لتغطية هذه الصفقة.
لقد تلقيت تأكيداً بأن «الاتفاق تم» لانتقال المدافع الفرنسي رافائيل فاران إلى مانشستر يونايتد بينما كنت أستمتع بإحدى أمسياتي المجانية النادرة بحفل موسيقي للمغني الإيطالي باولو كونتي، الذي أستمع إلى أغانيه أثناء عملي، والذي قد يستمر حتى الخامسة صباحاً. وفي منتصف إحدى الأغنيات تلقيت مكالمتين هاتفيتين، ولم أرد عليهما، لكنني تلقيت رسالة عبر «واتساب» تقول: «لقد انتهت صفقة فاران». وفي الصباح، كان يتعين علي أن أتأكد من ذلك، لأنه لا يمكن لي أن أعلن عن مثل هذه الأخبار الهامة دون أن أكون متأكداً بنسبة 100 في المائة.
وشهد الدوري الإنجليزي الممتاز صفقتين قياسيتين: انتقال جاك غريليش من أستون فيلا إلى مانشستر سيتي، وانتقال روميلو لوكاكو من إنتر ميلان إلى تشيلسي. لقد كنت أتوقع الصفقة الأولى، رغم صعوبة المفاوضات بسبب وجود موعد نهائي كان يجب إنهاء الصفقة قبله، حيث كان يجب الوصول إلى اتفاق نهائي في غضون أسبوع وإلا سيجدد اللاعب عقده مع أستون فيلا.
ومن ناحية أخرى، لم يتوقع أحد في مجلس إدارة إنتر ميلان أن يرحل لوكاكو. وعندما علمت أن إنتر يفكر بجدية في عرض تشيلسي الأول، كان الأمر بمثابة مفاجأة بالنسبة لي، لكنه سرعان ما تحول إلى حقيقة. كما انتهت صفقة أخرى بسرعة كبيرة وهي انتقال النجم الفرنسي الشاب إدواردو كامافينغا إلى ريال مدريد. كان لدي اجتماع بعد ظهر اليوم قبل الأخير من فترة الانتقالات مع أحد مصادري في كرة القدم الإسبانية، وقال لي إنه لا يتعين علي أن أستبعد حدوث صفقة مفاجئة لكامافينغا، قائلاً: «الأمر لم ينته بعد». وفي المساء وبينما كنت أتناول العشاء، تلقيت تأكيداً بأن ريال مدريد قدم عرضاً بقيمة 31 مليون يورو (بالإضافة إلى بعض الحوافز المالية الأخرى) للاعب الفرنسي. وما زلت أتذكر جيداً كيف ظهرت علامات الدهشة على وجوه أولئك الجالسين معي على الطاولة، عندما سمعوا جملة «لقد تم قبول العرض، وانتهى كل شيء: كامافينغا إلى ريال مدريد».
لكنني بالتأكيد لن أنسى أبداً ثلاث لحظات معينة: الأولى كانت رسالة تلقيتها في الساعة 11:59 صباحاً يوم العاشر من أغسطس (آب) تقول: «لقد تم التوقيع على كل شيء أخيراً». لقد كانت صفقة انتقال النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي إلى باريس سان جيرمان هي أصعب صفقة غطيتها في حياتي. لقد كنت أسمع كل يوم أخباراً غير حقيقية، فتارة تسمع أن ميسي في باريس، وتارة تسمع أنه حسم أمره وسيبقى في برشلونة، ولم يكن أحد يعرف ما الذي يحدث بالضبط.
لقد كنت أتصل بمصادري كل 30 دقيقة لكي أتأكد مما إذا كان هناك أي جديد في الصفقة. لن أنسى أبداً تجربتي في تغطية هذه الصفقة، والتي تعلمت منها أنه يتعين علي أن أثق في مصادري فقط. وبدءاً من التطور المذهل لعلاقة ميسي ببرشلونة وصولاً إلى تفاصيل كل خطوة من خطوات الانتقال إلى باريس سان جيرمان، قمت بحفظ كل الرسائل التي تلقيتها على تطبيق «واتساب» على قائمة الرسائل المفضلة.
وسيكون من المستحيل أيضاً نسيان التغريدة التي استقبلتها في منتصف الليل رداً على أحد مشجعي مانشستر يونايتد فيما يتعلق بموقف النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، وكانت التغريدة تقول: «نعم، خورخي مينديز كان على اتصال أيضاً مع مسؤولي مانشستر يونايتد من أجل كريستيانو». لم يصدق أحد ذلك. وفي الصباح، نفت جميع المصادر المقربة من الصفقة ذلك.
وبعد ثلاثة أيام من المفاوضات مع مانشستر سيتي، بدأ مينديز التواصل مع مسؤولي مانشستر يونايتد، وتمت صفقة انتقال رونالدو إلى «أولد ترافورد» بسرعة مذهلة. لقد أخبرني أحد المصادر بهذه الصفقة في المساء، عندما فكر مينديز في التواصل مع مانشستر يونايتد. وفي صباح اليوم التالي، تلقيت رسالة تقول: «مانشستر سيتي انسحب من المفاوضات، ومانشستر يونايتد ينهي الصفقة». لن أنسى أبداً المشاعر التي كانت تنتابني وأنا أقرأ رسائل الجماهير رداً على ذلك.
لكن اللحظة الأكثر جنوناً في فترة الانتقالات الصيفية الأخيرة كانت تتمثل حقاً في الدقائق الأخيرة، حيث ربطت تقارير بين انتقال كل من أنطوان غريزمان إلى أتليتكو مدريد، وساؤول إلى تشيلسي، ولوك دي يونغ إلى برشلونة. وكانت كل صفقة من هذه الصفقات الثلاث تعتمد على الأخرى، مثل لعبة الدومينو.
لقد تم الاتفاق على كل شيء شفهياً، لكن كان لا بد من توقيع جميع العقود الخاصة بتلك الصفقات الثلاث المعقدة. ولم يتم التوقيع على الصفقات حتى وقت متأخر، وبدأ الحديث في إسبانيا يدور عن انهيار صفقتي غريزمان ودي يونغ بسبب وجود مشاكل في انتقال ساؤول إلى تشيلسي. وكان هناك قدر كبير من التوتر. وتوقف اثنان من مصادري عن الرد على مكالماتي، وطالبني آخر بأن أظل «إيجابياً وهادئاً».
وبعد 12 ساعة مرهقة، تلقيت رسالة تقول: «انتهت صفقة انتقال ساؤول إلى تشيلسي». كانت تلك الكلمات القليلة في تلك اللحظة تستحق صيفاً كاملاً. لقد كان نجاح هذه الصفقة يعني أيضاً نجاح صفقتي انتقال غريزمان إلى أتليتكو مدريد ودي يونغ إلى برشلونة. لقد جعلت تغريدتي في تلك اللحظة من التوتر الجماهير تصاب بالجنون على وسائل التواصل الاجتماعي، وكأننا في الملعب ونحتفل بهدف حاسم. من المستحيل أن تنسى تلك اللحظات التي يمكن أن يمنحك إياها هذا العمل في هذا المجال.
لقد علمتني كل هذه الصفقات المعقدة درسين عظيمين: أن أي شيء يمكن أن يحدث، لكن قبل كل شيء يجب احترام الشخص الذي يقدم المعلومات الصحيحة. إن إخبار الناس بما يحدث أمر صعب ومرهق، لكنه شيء مقدس يجعلك تشعر وكأنه الطريقة الحقيقية الوحيدة للوقوع في حب هذا العالم المجنون! وفي النهاية يمكنني أن أقول إن سوق انتقالات اللاعبين هو المكان الوحيد الذي يتجاوز فيه الواقع الخيال!
التفاصيل الدقيقة لأروع وأغرب فترة انتقالات في التاريخ
قصة رحيل رونالدو وميسي ولوكاكو وسانشو وغريليش وراموس حقيقة أقرب إلى الخيال
التفاصيل الدقيقة لأروع وأغرب فترة انتقالات في التاريخ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة