فصائل مقاتلة تتوحد تحت مظلة تركية شمال سوريا

«الجبهة السورية للتحرير» تضم 15 ألف مقاتل

قادة 5 فصائل يعلنون تشكيل «الجبهة السورية للتحرير» شمال البلاد (الشرق الأوسط)
قادة 5 فصائل يعلنون تشكيل «الجبهة السورية للتحرير» شمال البلاد (الشرق الأوسط)
TT

فصائل مقاتلة تتوحد تحت مظلة تركية شمال سوريا

قادة 5 فصائل يعلنون تشكيل «الجبهة السورية للتحرير» شمال البلاد (الشرق الأوسط)
قادة 5 فصائل يعلنون تشكيل «الجبهة السورية للتحرير» شمال البلاد (الشرق الأوسط)

أعلنت 5 فصائل في الجيش الوطني السوري المدعوم من أنقرة، شمال سوريا، اندماجها الكامل، ضمن تكتل عسكري جديد، تحت اسم «الجبهة السورية للتحرير» يضم 15 ألف مقاتل، لإنهاء الحالة الفصائلية، وضبط الأمن ودعم الاستقرار في المناطق المعارضة، وتعزيز دور المؤسسات الرسمية، بحسب القائمين على الاندماج.
تزامن ذلك، مع لقاء وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو رئيس «الائتلاف الوطني السوري» المعارض سالم المسلط ومعارضين آخرين في أنقرة.
وقال مصطفى سيجري عضو التشكيل الجديد «الجبهة السورية للتحرير»، أن «فصائل فرقة السلطان سليمان شاه، وفرقة الحمزة، وفرقة المعتصم، وفرقة صقور الشمال، والفرقة 20، توصلت لاتفاق أفضى إلى اندماج كامل هذه الفصائل، ضمن تشكيل عسكري جديد وأطلق عليها اسم «الجبهة السورية للتحرير»، تحت راية الجيش الوطني السوري، بهدف إيجاد قيادة عسكرية واحدة وإنهاء الحالة الفصائلية، فضلاً عن توفير السبل التي من شأنها ضبط الأمن والاستقرار في المناطق الخاضعة لسيطرة الأخير، بالإضافة إلى تعزيز دور المؤسسات وأبرزها وزارة الدفاع والمؤسسة القضائية ودعم الحكومة السورية المؤقتة العاملة في الشمال السوري ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة النفوذ التركي وقوى الجيش الوطني السوري».
وأوضح، أنه تم تعيين معتصم العباس قائد لواء المعتصم سابقاً، قائداً لـ«الجبهة»، فيما سيكون سيف بولاد قائد «فرقة الحمزة» سابقا، نائباً له، فيما يبلغ عدد المقاتلين ضمن التشكيل حوالي 15 ألف عنصر بينهم عشرات الضباط المنشقين عن قوات النظام برتب عسكرية مختلفة، يتوزعون على جبهات ومناطق درع الفرات وغصن الزيتون ومحاور ريف حلب والحسكة والرقة ضمن مناطق ما تعرف باسم نبع السلام.
وجاء في بيان أعلن عنه ممثلو الفصائل في «الجبهة السورية للتحرير» خلال مؤتمر صحافي في منطقة بزاعة شمال مدينة حلب، أن «الهدف من الاندماج جاء لإنهاء حالة الفصائلية، وتوحيد مكاتب الفصائل العسكرية والأمنية والسياسية والإعلامية تحت كيان واحد، ودعم وتمكين المؤسسات الرسمية التابعة للحكومة السورية المؤقتة مثل وزارة الدفاع، والشرطة العسكرية، والقضاء العسكري، والشرطة المدنية، للنهوض بواقع المناطق الخاضعة لنفوذ الجيش الوطني السوري والقوات التركية شمال سوريا».
من جهته، قال الناشط الميداني حسام الحلبي، إن «غياب السلطة المركزية للفصائل عامة في مناطق نفوذ الجيش الوطني السوري وتركيا شمال سوريا، أدى إلى وقوع انتهاكات عديدة من قبل بعض العناصر من الفصائل، فضلاً عن وقوع انفجارات دائمة وغياب العنصر الأمني أودت بحياة العشرات من المدنيين خلال السنوات السابقة».
واعتبر «مشروع الاندماج الكامل للفصائل، عاملاً أساسياً يسهم في إبراز دور القضاء والشرطة العسكرية والمدنية في ملاحقة المتورطين بجرائم انتهاكات متعددة وتقديمهم للقضاء دون حصولهم على حصانة فصائلية من جهة، ومن جهة ثانية يسهل على القوى الأمنية عملية ضبط أمن المناطق والحد من عمليات تفجير العبوات المتفجرة والمركبات المفخخة، من خلال نشر دوريات منتظمة في عموم المناطق شمال حلب ليس للفصائل دور في التحكم بها».
وأوضح مصدر عسكري في الجيش الوطني السوري، أن «خطوة الاندماج لاقت ترحيباً تركياً (مسبقاً)، وذلك من خلال الاجتماع الأخير الذي جرى في مطلع الشهر الجاري (سبتمبر)، وضم حينها مسؤولين عسكريين أتراكا وقادة الفصائل المنضوية في التشكيل الجديد «الجبهة السورية للتحرير»، في منطقة حوار كلس شمال حلب، عقب انسحاب فصائل فرقة الحمزة وفرقة السلطان سليمان شاه وفصيل صقور الشمال العاملة ضمن (الفيلق الثاني) في الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا، من غرفة القيادة الموحدة (عزم) والتي ضمت حينها أبرز الفصائل من بينها فرقة السلطان مراد والجبهة الشامية، بعد أيام من الإعلان عنها، لأسباب تتعلق بالتمثيل العسكري ضمن غرفة القيادة الموحدة (عزم)».
وسيطرت فصائل «الجيش الوطني السوري» المدعومة من تركيا، في 18 من مارس (آذار) 2018، على كامل مدينة عفرين ومحيطها، عقب معارك عنيفة مع قوات سوريا الديمقراطية «قسد»، أفضت إلى انسحابها من تلك المناطق وبسط نفوذ فصائل الجيش الوطني السوري والقوات التركية على مدينة عفرين والمناطق التابعة لها بريف حلب الشمالي، شمال سوريا.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.