الحكومة العراقية تبرم هدنة مع الفصائل حتى نهاية السنة

تشمل عدم استهداف القواعد العسكرية والمصالح الأميركية وتستثني أرتال التحالف الدولي

قاسم الأعرجي
قاسم الأعرجي
TT

الحكومة العراقية تبرم هدنة مع الفصائل حتى نهاية السنة

قاسم الأعرجي
قاسم الأعرجي

كشف مستشار الأمن الوطني العراقي قاسم الأعرجي أن الحكومة العراقية أبرمت هدنة مع الفصائل المسلحة التي تقصف المواقع التي يوجد فيها الأميركيون في العراق. وفي تصريحات متلفزة، قال الأعرجي إن «الحكومة العراقية تمكنت من عقد هدنة من مرحلتين مع الفصائل المسلحة التي تستهدف الوجود الأميركي في العراق كونه احتلالاً من وجهة نظرها».
وأضاف الأعرجي، الذي يجري تداول اسمه في الأروقة السياسية، لا سيما لدى اللجنة السباعية الشيعية، كأحد المرشحين لرئاسة الحكومة المقبلة، أن «المرحلة الأولى من هذه الهدنة حتى الانتخابات البرلمانية يوم العاشر من الشهر المقبل، وذلك بهدف توفير الأجواء الآمنة واحترام أجواء الانتخابات لكي يؤدي المواطنون هذا الاستحقاق في ظل ظروف طبيعية»، مبيناً أن «المرحلة الثانية من هذه الهدنة إلى نهاية العام الحالي، وهو العام الذي تخرج فيه آخر قوة قتالية أميركية من العراق بموجب مخرجات الحوار الاستراتيجي التي تم الاتفاق عليها خلال زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى واشنطن في شهر أغسطس (آب) الماضي».
واستدرك الأعرجي قائلاً إن «هذه الهدنة لا تشمل أرتال التحالف الدولي كون الفصائل المسلحة تعتقد أن هذه الارتال تحمل معدات وأجهزة إلى التحالف الدولي، وهو ما يؤكد عدم نيتها الخروج، بينما معظم هذه الأرتال تحمل معدات وأجهزة إلى القوات الأمنية العراقية».
ورغم إعلان السفارة الأميركية في بغداد عن قيامها مرتين خلال الأسبوع الماضي بإطلاق صافرات الإنذار داخل السفارة، فإن المنطقة الخضراء التي تحتل فيها سفارة واشنطن موقعاً مهماً يمتد لعدة كيلومترات على شاطئ نهر دجلة لم تتعرض منذ نحو شهرين إلى إطلاق صواريخ كاتيوشا أو طائرات مسيرة، كما لم تتعرض أي من المواقع التي يوجد فيها الأميركيون، مثل محيط مطار بغداد الدولي أو قاعدة بلد الجوية شمال غرب بغداد أو قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار غرب العراق، أو قاعدة حرير بالقرب من مطار أربيل في إقليم كردستان إلى هجمات.
ويقول مستشار حكومي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم ذكر اسمه أو هويته، إن «ترتيبات الهدنة مع الفصائل المسلحة (المقربة من إيران) بدأت بجهود بذلها كل من مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي ووزير الخارجية فؤاد حسين مع عدد من قادة الفصائل»، مبيناً أن «عدداً من قادة هيئة الحشد الشعبي، وفي مقدمتهم رئيس أركان الهيئة أبو فدك كان لهم دور في إبرام هذا الاتفاق»، مشيراً إلى أن «كل شيء جرى بإشراف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي».
وبشأن مدى متانة هذه الهدنة ولماذا هي من مرحلتين يقول المستشار إن «المرحلة الأولى تنتهي مع نهاية الانتخابات بهدف احترام هذا الاستحقاق المهم الذي يتفق عليه الجميع، بما في ذلك العديد من الفصائل المسلحة نفسها التي لديها أجنحة سياسية ومشاركة بالعملية السياسية ولها تمثيل برلماني وهي الآن تتنافس على مقاعد البرلمان المقبل، ولها جمهور تريد توفير أجواء آمنة له لكي يدلي بصوته في الانتخابات ولا يذهب باتجاه القوى التي تدعو إلى مقاطعة الانتخابات بحجة الوضع الأمني غير المناسب لإجرائها».
وبشأن المرحلة الثانية من الهدنة يقول المستشار إن «المرحلة الثانية هي الحاسمة وتتعلق بمدى التزام الجانب الأميركي بسحب قواته من العراق طبقاً للاتفاق الاستراتيجي، وبالتالي كل شيء سيكون مرهوناً بجدية الانسحاب عبر الجداول المتفق عليها»، لافتاً إلى أن «الزيارة التي قام بها إلى بغداد، أول من أمس، قائد القيادة المركزية الأميركية كانت مهمة، حيث تم خلالها خفض مستوى القيادة لقوات التحالف من رتبة فريق إلى لواء وهذه أول مرة تحصل في الجيش الأميركي، ما يعني أن هناك انخفاضاً جدياً في عدد القوات، حيث إن قوات (العزم الصلب) ستتحول نهاية العام الحالي إلى مركز تدريبي استشاري وليس قيادة قوات كما أنها سوف تتمتع بصلاحيات أقل».
وكان التحالف الدولي أعلن، أمس (الجمعة)، تغيير قيادة عملية «العزم الصلب» في بغداد عبر مراسم عسكرية بعد التقدم الذي حققته لبناء القدرات الأمنية العراقية. وقال كينيث ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأميركية، في بيان، إن «تغيير قيادة عملية العزم الصلب إلى قيادة ذات نجمتين تدل على التقدم الذي أحرزناه حتى الآن في جهودنا التاريخية لبناء القوات والمؤسسات العراقية بشكل مشترك».
من جهته، أكد المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي أن «اللجنة العراقية - الأميركية المشتركة بدأت بتنفيذ مخرجات الحوار الاستراتيجي»، وأضاف أن «الجانب العراقي لم يتلقَّ طلباً من أميركا ببقاء قواتها القتالية في العراق»، موضحاً أن «التعاون بين البلدين سيكون في مجال التدريب وتبادل الخبرات، وهناك عمل مستمر مع أميركا في مقاتلة (داعش) عبر تبادل المعلومات الاستخبارية والأمنية، وقد تحتاج القوات الأمنية إلى جهد جوي يمكن طلبه من أميركا».
وأشار إلى أن «القوات الأميركية بدأت بالانسحاب بأعداد كبيرة تنفيذاً لمخرجات الحوار الاستراتيجي، وأن الأميركيين لا يمتلكون معسكرات أو مراكز سوى جزء بسيط في قاعدة عين الأسد، التي تدار حالياً بقيادة عراقية، بالإضافة إلى قاعدة حرير التي تشغل القوات الأميركية جزءاً بسيطاً منها أيضاً، والجزء الأكبر تحت قيادة قوات البيشمركة في كردستان».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.