غادرت أول طائرة ركاب دولية، أمس (الخميس)، كابل، منذ الانسحاب الأميركي من أفغانستان نهاية أغسطس (آب)، في حين اعتبر الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش أنه ينبغي «إبقاء الحوار مع طالبان» لتجنّب سقوط «الملايين جوعاً».
وتم تسيير رحلة الخطوط الجوية القطرية المتّجهة إلى الدوحة في وقت تنظّم سلطة «طالبان» الجديدة نفسها، بعد أقلّ من شهر على دخول مقاتليها إلى كابل، إثر سقوط الحكومة الموالية للغرب منتصف أغسطس، بحسب ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».
وهذه أول رحلة من هذا النوع منذ انتهاء الجسر الجوّي الضخم الذي نظّمه الأميركيون وسمح بإجلاء أكثر من 123 ألف شخص. وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس أنّ قرابة 40 مواطناً أميركياً تمّت دعوتهم إلى هذه الرحلة، لكن لم يسافر سوى 21 منهم. وأعرب عن أمله بإمكان تنظيم رحلات إضافية على غرار تلك التي وصلت الخميس إلى الدوحة. ونقلت الطائرة أيضاً 43 كندياً و13 هولندياً.
وأكد أحد الركاب، وهو يحمل الجنسيتين الأفغانية والأميركية، وفضّل عدم كشف اسمه، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أن وزارة الخارجية الأميركية أبلغته في اللحظة الأخيرة عن الرحلة. وقال قبيل صعوده إلى الطائرة: «اتصلت بنا هذا الصباح وطلبت منّا التوجّه إلى المطار».
وقال المتحدث باسم حكومة «طالبان»، ذبيح الله مجاهد: «نأمل أن يكون المطار جاهزاً في مستقبل قريب لجميع أنواع الرحلات التجارية»، علماً أن قطر وتركيا تعملان منذ أيام على تحضير منشآت المطار في كابل لإعادة فتحه تدريجياً.
وتقرّ واشنطن بأنه لا يزال ينبغي إجلاء عدد كبير من الأفغان المهددين لأنهم عملوا لحساب الحكومة السابقة أو الدول الغربية.
وأعلن البيت الأبيض الخميس أن قادة «طالبان» أبدوا «مرونة وكانوا مهنيين في مبادلاتنا معهم بشأن هذه الجهود. هذه خطوة أولى إيجابية».
من جهة أخرى، ذهب الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش خلال مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» إلى حدّ دعوة المجتمع الدولي لإجراء «حوار» مع حركة «طالبان» في أفغانستان حيث ينبغي تجنّب «الانهيار الاقتصادي»، فيما «يواجه الملايين والملايين خطر الموت جوعاً».
وأكد غوتيريش الذي لا يستبعد ذهابه إلى أفغانستان إذا ما توافرت الشروط اللازمة لذلك، أنه «حتى الآن، في المناقشات التي أجريناها، هناك على الأقلّ تقبّل للنقاش».
في المقابل، أكّدت مبعوثة الأمم المتحدة الخاصة إلى أفغانستان ديبورا لاينز الخميس أمام مجلس الأمن أن عناصر «طالبان» ارتكبوا عمليات قتل منذ عودتهم إلى السلطة، رغم وعودهم بالعفو عن الأشخاص الذين عملوا لحساب الدول الغربية أو الحكومة السابقة. وقالت: «هناك مزاعم موثوقة بشأن عمليات قتل انتقامية من عناصر في قوات الأمن واعتقال مسؤولين عملوا لحساب الحكومات السابقة».
ودعت المجتمع الدولي إلى مواصلة تقديم المساعدات الاقتصادية لأفغانستان رغم الهواجس المرتبطة بحكومة «طالبان»، محذّرة من أنه إذا لم يحصل ذلك، قد ينهار اقتصاد البلاد.
ورأت لاينز أنّ قطع المساعدات الاقتصادية عن أفغانستان سيؤدّي إلى «ركود اقتصادي قد يغرق ملايين الأشخاص في الفقر والجوع وقد يؤدّي إلى موجة لجوء كبيرة (...) ويعيد أفغانستان أجيالاً عدة إلى الوراء».
في غضون ذلك، فرضت حكومة «طالبان» الجديدة الأربعاء تدابير صارمة لخنق حركة الاحتجاج، فأصدرت أمراً يقضي بأن كل تجمّع يجب أن يحصل على إذن مسبق من وزارة العدل، مشددة على أنه في الوقت الحالي لا يُسمح بإقامة أي تجمّع.
ويبدو أن التهديد أعطى ثماراً؛ فقد أُلغيت الخميس تظاهرات عدة في كابل بعد إعلان الحكومة. ولوحظ في شوارع المدينة وجود عدد أكبر من مسلحي «طالبان»، من بينهم عناصر من القوات الخاصة التابعة للحركة، في زوايا الشوارع وعلى الحواجز التي أُقيمت في الشوارع الأساسية.
في الأيام الأخيرة، فرّق مقاتلون مسلّحون من «طالبان» تجمعات عدة كان يشارك فيها مئات الأشخاص للدفاع عن الحريات، وبالتالي هي تعبّر عن انعدام الثقة حيال «طالبان»، خصوصاً في العاصمة كابل ومزار شريف (شمال) وفايز آباد (شمال شرق) وهرات (غرب)، حيث قُتل شخصان وجُرِح آخرون بالرصاص.
وأظهر مساء الأربعاء صحافيان في صحيفة «اطلاعات روز» وهي إحدى الصحف الأفغانية الرئيسية، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، آثار رضوض وكدمات بالغة أُصيبا بها بعدما تعرضا للضرب والاعتقال لساعات على أيدي عناصر من «طالبان»، بسبب تغطيتهما تظاهرة احتجاج في العاصمة.
ورويا كيف منعهما عناصر «طالبان» من تصوير مسيرة للنساء، قبل اقتيادهما إلى مركز للشرطة في العاصمة، حيث تعرضا، بحسب قولهما، للكم والضرب بعصي وكابلات كهرباء وسياط قبل أن يُتهما بتنظيم التظاهرة.
تسيير أول رحلة إجلاء من كابل منذ نهاية أغسطس و«طالبان» تحكم سيطرتها على العاصمة
تسيير أول رحلة إجلاء من كابل منذ نهاية أغسطس و«طالبان» تحكم سيطرتها على العاصمة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة