غارات جوية لـ«الحرس» الإيراني على شرق إقليم كردستان

صورة نشرتها منظمة «هه ‌نكاو» لحقوق الإنسان عبر «تويتر» للقصف الإيراني على جبال منطقة بربزين في شرق إقليم كردستان العراق أمس
صورة نشرتها منظمة «هه ‌نكاو» لحقوق الإنسان عبر «تويتر» للقصف الإيراني على جبال منطقة بربزين في شرق إقليم كردستان العراق أمس
TT

غارات جوية لـ«الحرس» الإيراني على شرق إقليم كردستان

صورة نشرتها منظمة «هه ‌نكاو» لحقوق الإنسان عبر «تويتر» للقصف الإيراني على جبال منطقة بربزين في شرق إقليم كردستان العراق أمس
صورة نشرتها منظمة «هه ‌نكاو» لحقوق الإنسان عبر «تويتر» للقصف الإيراني على جبال منطقة بربزين في شرق إقليم كردستان العراق أمس

شنّت مقاتلات وطائرات دورن «الحرس الثوري» ضربات جوية، على مناطق في كردستان العراق، فجر أمس، بعد أيام من تحذير قائد القوات البرية في «الحرس الثوري»، محمد باكبور باستهداف مواقع انتشار المعارضة الكردية في الشريط الحدودي غرب البلاد.
وأفادت مصادر كردية مناوئة للنظام الإيراني، بأن الضربات استهدفت على الأقل ثلاثة مواقع للمعارضين، ورافقها قصف مدفعي. وذكرت شبكة «رووداو»، أن قصفاً جوياً نفذته طائرات مسيرة في مناطق من ناحية سيدكان وقضاء جومان، حيث يتواجد على الأرض، بيشمركة تابعون لأحزاب كردستان إيران. وقال مسؤول محلي، إن القصف «لم يوقع خسائر بشرية بين المدنيين».
أما موقع «تابناك» المقرب من لـ«الحرس الثوري»، فقد أشار إلى مشاركة مقاتلات «الحرس الثوري» في قصف مناطق سيدكان وجومان إضافة إلى حاجي عمران، مستهدفاً مواقع حزب «بيجاك» الحليف الكردي الإيراني لحزب العمال الكردستاني، الذي ينشط في المثلث الحدودي بين إيران وتركيا والعراق، لكن شبكة «رووداو» نقلت عن مصدر أمني، أن القصف الإيراني «اقتصر» على مواقع الحزب الديمقراطي الكردستاني.
ونفى سكان محليون تواجد الأحزاب الكردية في مناطقهم. وقال مختار قرية برزين، لشبكة «رووداو»، إن أهالي المنطقة المأهولة يعملون في تربية المواشي، وأنها خالية من أي مقر حزبي لأكراد إيران.
ونشرت منظمة «هه نكاو» لحقوق الإنسان في كردستان إيران مقطع فيديو من تحليق طائرات مسيرة، يسبق دوي انفجار في مرتفعات هلكورد وبربزين وآلآنه. وقالت المنظمة عبر حسابها على «تويتر»، إن إيران استخدمت طائرات مسيرة انتحارية في قصف مواقع الأحزاب الكردية، مشيرة إلى إلحاق أضرار بيئية في الجبال المشجرة والوديان الخضراء.
وقالت المنظمة، إن مقرات تابعة لأربعة أحزاب هي، الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني (حدكا)، والحزب الديمقراطي الكردستاني (حدك)، وحزب كومولة كردستان إيران، وحزب كومولة الكادحين للأمة الإيرانية، تستقر منذ 2016 في المنطقة الحدودية بين إقليم كردستان العراق، ومدن بيرانشهر، واشنوية، جنوب محافظة أذربيجان الغربية.
وقال مسؤول لجنة بيشمركة الحزب الديمقراطي الكوردستاني – إيران، حسن قادرزاده، لشبكة رووداو الإعلامية «كان لـ(الحرس الثوري) استعدادات في المناطق الحدودية خلال الأيام الأخيرة، وحشدوا قوات كبيرة في المناطق الحدودية في مريوان، بانة، سردشت، وبيرانشهر»، موضحاً أنه «بعد التهديدات التي أطلقها الحرس الثوري، اتخذت استعدادات في جميع مقرات ومواقع البيشمركة والإجراءات اللازمة تحسباً لأي هجوم مفاجئ».
والاثنين لوّح قائد القوات البرية في «الحرس الثوري»، الجنرال محمد باكبور بقصف مواقع المعارضة الكردية. ولوح بتوجيه «رد حاسم وصادم ونادم»، ضد نشاط الأحزاب الكردية؛ نظراً للأوضاع التي تشهدها المنطقة، مطالباً سكان إقليم كردستان بالابتعاد عن مقرات الأحزاب المعارضة لتفادي الأضرار.
وتحدثت صحيفة «وطن أمروز» المتشددة، في عددها الصادر الثلاثاء عن تجهيز صواريخ باليستية لضرب مواقع الأحزاب الكردية، على غرار ما حدث في سبتمبر (أيلول) 2018، عندما أطلق «الحرس الثوري»، ما لا يقل عن سبعة صواريخ باليستية، على مقر تابع للحزب الديمقراطي الكردستاني المعارض، في كويسنجق بين أربيل والسليمانية، وبلغت ضحاياه 50 شخصا بين قتيل وجريح.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.