سوريا المقسمة والمحاصرة «تعرض» شروطها للتطبيع

جنود قرب العلمين السوري والروسي في درعا البلد أمس (رويترز)
جنود قرب العلمين السوري والروسي في درعا البلد أمس (رويترز)
TT

سوريا المقسمة والمحاصرة «تعرض» شروطها للتطبيع

جنود قرب العلمين السوري والروسي في درعا البلد أمس (رويترز)
جنود قرب العلمين السوري والروسي في درعا البلد أمس (رويترز)

تريد دمشق فرض شروطها. نعم، على الأقل هذا ما تعرضه وتريده، وتحاوله.
سوريا، المقسمة إلى 3 مناطق نفوذ، وفيها 5 جيوش، تعتقد أنها في وضع القادر على تقديم طلبات لقبول الانخراط وطلبات التطبيع. وهذا الشعور زاد بعد «الصفعة الأفغانية».
لم تتغير المشكلات والأزمات، بل ربما زادت، بل تفاقمت وتعمقت. لكن دمشق ترى أنها في «موقع تفاوضي أقوى»، وأن الزمن لصالحها طالما أن أميركا تخلت عن مبدأ «بناء الأمم» و«تغيير الأنظمة».
هي، تشد ظهرها بموسكو، وتعتقد أنها قادرة على الاعتراض، وعندما تتريث أو تتردد، تمد الدبلوماسية الروسية لها يد المعونة. والأمثلة كثيرة على ذلك؛ خصوصاً في السنوات الخمس الأخيرة، وبعضها حصل في الأيام الأخيرة. كانت دمشق قد ترددت باستقبال المبعوث الأممي غير بيدرسن منذ بداية العام الحالي، ثم رفضت، رغم الوعود الروسية. وفي لحظة ما «تدخلت» موسكو وقبلت دمشق. بيدرسن سيلتقي وزير الخارجية السوري فيصل المقداد يوم السبت.
بالنسبة إلى الجانب السوري، فهو يأتي بعد «درعا». فقبل 10 سنوات انطلقت «شرارة الثورة» من حي درعا البلد. ودمشق تريد العودة حرباً أو سلماً، لتقول إن «المؤامرة بدأت منها وستدفن فيها». ولم يخفِ الموالون لدمشق هذا الكلام. وبالنسبة للمعارضة، فإن «الثورة بدأت من هنا، وشعلتها لن تنطفئ»، وإن «الربيع لن يتحول خريفاً».
لا مانع لدى موسكو في العمل حسب التوقيت السوري، بل إنها أرسلت نائب وزير الدفاع الروسي، الذي وضع قبضته الغليظة، وراء رغبة دمشق. وقالها المسؤول، بوضوح: «سندخل درعا بالسلاح أو السلام». وفعلاً، هذا ما حصل.
الاستعجال الروسي، وراءه سبب آخر، لا تعرف دمشق كل خباياه. فجدول موسكو بالنسبة إلى درعا مرتبط بـ3 مواعيد...
الأول، لقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مع نظيره الإسرائيلي مائير لابيد في موسكو أمس، تمهيداً لزيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينت الشهر المقبل. روسيا، قالتها في بيان وزارة خارجيتها قبل وصول الضيف، وهو أنها لا تريد سوريا «حلبة لصراع عسكري بين دول أخرى» لأن هذا يهدد بـ«تصعيد عسكري في المنطقة برمتها». وباللغة المباشرة، تقول موسكو إنها لا تريد للغارات الإسرائيلية في سوريا أن تتحول إلى مواجهة بين دمشق وتل أبيب أو بين طهران وتل أبيب عبر الجولان - درعا.
وكان الجانب الروسي اقترح أن يبلغه الجانب الإسرائيلي عبر الخط الأحمر المفتوح بين قاعدة حميميم وتل أبيب، أي معلومات عن تحركات إيرانية في سوريا، كي يتصرف معها، بدلاً من أن تضربها إسرائيل. لكن تل أبيب لا تثق بتقديم معلومات استخباراتية لموسكو، و«عدم الثقة» تم حله بعلاقة خاصة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو والرئيس فلاديمير بوتين، بحيث تغض الصواريخ الروسية المتطورة الطرف عن الصواريخ الإسرائيلية عندما تضرب «مواقع إيران» شرط عدم استهداف القوات السورية أو الروسية طبعاً. وتعبيراً عن اختلال ساعة التنسيق منذ مجيء بينت، ضربت إسرائيل منظومات سورية في سوريا، وأعلنت روسيا عن تشغيل صواريخ روسية ضد طائرات إسرائيل.
يضاف روسياً، إلى هذا عنصر آخر يرتبط بدرعا، ويتعلق بوجود إيران و«حزب الله» في الجنوب. تل أبيب وعمان وواشنطن غير راضية عن مدى تطبيق روسيا للاتفاق الذي عقد في منتصف 2018 ونص على خروج إيران من الجنوب مقابل عودة الجيش السوري. موسكو، تقول إن العودة الكاملة لدمشق إلى درعا البلد ستساهم في تطبيق ما اتفق عليه قبل 3 سنوات، والمسؤول الروسي كان واضحاً في درعا قبل يومين، عندما قال: «نحن في 2021 وليس 2018. وحصلت تطورات كثيرة».
يتعلق الموعد الثاني، باجتماع وزراء النفط السوري والأردني والمصري واللبناني في عمان أمس لبحث نقل الغاز المصري إلى لبنان عبر سوريا. أميركا وافقت على ذلك، بل إن إدارة جو بايدن أقرت استثناء الربط من عقوبات «قانون قيصر» بناء على طلب أردني. لكن كان لدمشق شروط عدة؛ أولها زيارات سياسية لسوريا، وهذا ما حصل لدى مجيء وفد وزاري لبناني لأول مرة منذ 2011 وإحياء المجلس الأعلى. الثاني، اجتماع عربي وزاري بمشاركة سوريا في عمان. ثالثها، إقرار ضمني بقبول العودة الرسمية إلى درعا البلد، باعتبارها ضرورة لإصلاح عشرات الكيلومترات من أنبوب الغاز وفرض الأمن وضبط حدود الأردن.
يخص الموعد الثالث المظلة الأوسع، وهي الحوار السوري - الأميركي، إذ جرى الاتفاق على عقد لقاء بين مسؤول الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي بريت ماكغورك، ونائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فريشنين، والمبعوث الرئاسي ألكسندر لافرينيف في جنيف يومي 14 و15 من الشهر الحالي. وكانت واشنطن اشترطت بقمة بوتين - بايدن، قبل أي حوار سياسي أن توافق موسكو على تمديد قرار المساعدات الإنسانية «عبر الحدود». وهذا حصل باتفاق سري بين ماكغورك وفريشنين في جنيف بداية جنيف. اللقاء المقبل، سيتناول تقويماً لنتائج تنفيذ القرار، خصوصاً «الإنعاش المبكر» والمساعدات «عبر الخطوط»، لكن الأهم سيتناول أموراً سياسية وعسكرية، بما يشمل الوجود الإيراني، وخصوصاً في الجنوب، والترتيبات العسكرية والسياسية والاقتصادية بين شرق الفرات؛ حيث قررت أميركا تثبيت بقائها بعد «الصفعة الأفغانية»، وبين دمشق التي تجد نفسها مع موسكو، في موقف تفاوضي أقوى.
كل المؤشرات تدل إلى أن الخلاف الروسي - الغربي لا يزال قائماً في شكل عملي على «النظرة الأولى» أو «من ترمش عينه أولاً». وقال لافروف في جلسات مغلقة مع مسؤولين أوروبيين قبل أيام: «عليكم البدء بالمساهمة في إعمار سوريا والتحدث للأسد باعتباره رئيساً وأمراً واقعاً، ثم يمكن التحرك السياسي». المسؤولون الأوروبيون، يقولون: «يجب تغيير سلوك النظام بداية، قبل النظر في أدوات الضغط الثلاث لدينا، وهي العقوبات والعزل والإعمار».
واقع الحال أنه بينما ينتظر السوريون على جمر الخراب «النظرة الأولى» من اللاعبين الخارجيين، يواصل الجانب الروسي قضم الشروط واختراق المرجعيات الغربية وفتح النوافذ والشرايين؛ خصوصاً أن مواقيت الصبر للدول المجاورة لسوريا لا تتطابق مع برنامج الدول الغربية، المصدومة بأفغانستان.



«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)
مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)
TT

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)
مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاعين التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

وفي المجال التعليمي، وقع «مركز الملك سلمان»، أمس (الثلاثاء)، اتفاقية تعاون مشترك مع إحدى مؤسسات المجتمع المدني؛ لتنفيذ المرحلة الثالثة من «مشروع العودة إلى المدارس» في مديرية المخا بمحافظة تعز ومنطقة ثمود بمحافظة حضرموت، وفي محافظات شبوة وأبين ولحج، التي يستفيد منها 6 آلاف فرد.

وجرى توقيع الاتفاق على هامش «المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة» في مدينة الرياض، حيث وقع الاتفاقية مساعد المشرف العام على مركز العمليات والبرامج، المهندس أحمد بن علي البيز.

وسيجري بموجب الاتفاقية توفير 60 فصلاً من الفصول البديلة المجهزة بالكامل، وتجهيز وتأثيث 10 مدارس؛ لتوفير بيئة تعليمية ملائمة للطلاب والطالبات، بالإضافة إلى توفير 6 آلاف زي مدرسي وحقيبة تحتوي على المستلزمات المدرسية، فضلاً عن إيجاد فرص عمل للأسر من ذوي الدخل المحدود (المستفيدة من مشاريع التدريب والتمكين السابقة) من خلال تجهيز الحقائب والزي المدرسي المحلي الصنع.

ويأتي ذلك في إطار الجهود الإغاثية والإنسانية التي تقدمها المملكة عبر ذراعها الإنسانية مركز الملك سلمان للإغاثة؛ بهدف تعزيز العملية التعليمية الآمنة وانتظامها، ومواجهة تسرب الطلاب من المدارس بالمناطق المستهدفة.

وفي القطاع الصحي، السياق وقع «مركز الملك سلمان» اتفاقية مع الجمعية الدولية لرعايا ضحايا الحروب والكوارث، لتشغيل مركز الأطراف الصناعية وإعادة التأهيل في محافظة مأرب.

وسيجري بموجب الاتفاقية تقديم خدمات التأهيل الجسدي لذوي الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى متابعتهم والاستفادة منهم في خدمة المجتمع، والتشخيص وتحديد الخطة العلاجية لكل مريض على حدة، وتركيب الأطراف الصناعية بأنواعها.

ومن شأن الاتفاقية أن توفر خدمة إعادة التأهيل الوظيفي للأطراف الصناعية ومتابعتهم المستمرة، فضلاً عن رفع قدرات الكادر الطبي والفني مهنياً وعلمياً وتهيئته للتعامل مع الحالات النوعية، إضافة إلى الحد من هجرة الكوادر الطبية والفنية المتخصصة، ومن المقرر أن يستفيد منها 7174 فردًا.

من جهة أخرى، وقعت «منظمة الصحة العالمية» اتفاقية بقيمة 3.4 مليون يورو مع الحكومة الألمانية للحفاظ على خدمات الصحة والتغذية المنقذة للحياة في اليمن.

وقالت المنظمة في بيان نشرته على موقعها الإلكتروني، الأربعاء، إن «هذه المبادرة تأتي في وقت يواجه اليمن فيه حالة طوارئ ممتدة من الدرجة الثالثة، وهي أعلى مستوى للطوارئ الصحية للمنظمة».

وأضافت أن «اليمن يواجه تفشي للأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات بما في ذلك فيروس شلل الأطفال، والإسهال المائي الحاد، والكوليرا، والحصبة، والدفتيريا، والملاريا، وحمى الضنك».

وأشارت إلى أنه تم الإبلاغ عن 33 ألف حالة يشتبه في إصابتها بالحصبة منذ بداية العام الحالي، مع 280 حالة وفاة بسبب هذا المرض، فيما تم الإبلاغ عن 204 الآف حالة مشتبه في إصابتها بالكوليرا و 710 حالات وفاة، في الفترة التي بدأ فيها تفشي المرض في مارس (آذار) وحتى نهاية سبتمبر (أيلول) الماضيين.

وذكرت المنظمة أنه بحلول نهاية العام الحالي، من المتوقع أن تعاني أكثر من 223 ألف امرأة حامل ومرضع وأكثر من 600 ألف طفل من سوء التغذية.

وقالت: «من بين هؤلاء الأطفال، من المتوقع أن يعاني ما يقرب من 120 ألف طفل من سوء التغذية الحاد الوخيم، بزيادة قدرها 34 في المائة على العام السابق».