اشتباكات في مخيمي بلاطة وجنين تنذر بعودة الانفلات الأمني إلى مناطق السلطة

رئيس الوزراء الفلسطيني: لا أحد فوق القانون

رجال أمن فلسطينيون يقومون بتدريبات عسكرية في مدينة أريحا أول من أمس (رويترز)
رجال أمن فلسطينيون يقومون بتدريبات عسكرية في مدينة أريحا أول من أمس (رويترز)
TT

اشتباكات في مخيمي بلاطة وجنين تنذر بعودة الانفلات الأمني إلى مناطق السلطة

رجال أمن فلسطينيون يقومون بتدريبات عسكرية في مدينة أريحا أول من أمس (رويترز)
رجال أمن فلسطينيون يقومون بتدريبات عسكرية في مدينة أريحا أول من أمس (رويترز)

أثارت اشتباكات جديدة بين قوات الأمن الفلسطيني ومسلحين في مخيمي بلاطة بنابلس، وجنين شمال الضفة الغربية، مخاوف كثيرة من عودة مظاهر الفلتان الأمني إلى مناطق السلطة الفلسطينية، وذلك بعد سنوات من العمل على فرض القانون في المناطق التي كانت طوال الانتفاضة الأولى والثانية مسرحا لنشاط المسلحين.
واشتبك مسلحون فلسطينيون في مخيم بلاطة مع قوات الأمن، بعد مرور أسابيع قليلة فقط على اشتباكات مماثلة، مما خلف إصابتين في صفوف أطفال المخيم، وتبادل الطرفان الاتهامات حول هوية مطلقي النار على الأطفال، قبل أن تدب اشتباكات أخرى جديدة في مخيم جنين.
وتختصر الاشتباكات، حسب بعض المراقبين، حالة من التوتر بين المخيمين والسلطة الفلسطينية، خاصة أن هذه ليست المرة الأولى التي تندلع فيها اشتباكات مماثلة. لكن لا يمكن القول إن مسلحين في المخيمات قد بدأوا عصيانا ضد السلطة، إلا أن معالم تمرد تطل برأسها بين الفينة والأخرى، ويتجلى ذلك جليا في ظهور مسلحين يتحدون السلطة بإطلاق النار، ورشق الحجارة وإشعال إطارات، وإغلاق شوارع، حسب نفس المراقبين.
وعلى الرغم من أن المخيمات تشكل رمزا للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وللظلم الذي حل بالفلسطينيين نتيجة تشريدهم من أرضهم، وهو ما جعل من التعامل معها مسألة بالغة التعقيد، فإن السلطة الفلسطينية لا تنوي التهاون مع مظاهر التمرد الجديدة، ولذلك اجتمع رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله، أمس، بمسؤولي الأجهزة الأمنية في نابلس، وأبلغهم بضرورة تضافر الجهود بين المؤسسة الأمنية وقطاعات المجتمع المدني للحفاظ على أمن المواطن في محافظة نابلس ومختلف المحافظات.
واستمع الحمد الله من قادة الأجهزة إلى تقرير حول الوضع الأمني في المحافظة، وكل الجهود المبذولة للحفاظ على الاستقرار، وفرض النظام العام وتطبيق القانون. وقال الحمد الله إنه «لا أحد فوق القانون، والأمن والأمان شرطان أساسيان في تحقيق الاستقرار وتنمية المجتمع في كل المجالات».
وجاءت زيارة الحمد الله كرسالة إلى الأجهزة الأمنية بضرورة الحسم في مشكلة بلاطة، على اعتبار أن مسلحين يرفضون تسليم أنفسهم لقوات الأمن الفلسطينية، ويؤكدون أنهم مستهدفون لأسباب سياسية وكيدية، فيما تقول الأجهزة الأمنية إنها تطارد متورطين في قضايا فلتان وتجار مخدرات.
وأدت الاشتباكات إلى إصابة طفلين قرب بلاطة، واتهم مسؤولون في المخيم عناصر السلطة بإصابتهم بإطلاق الرصاص، لكن مصدرا أمنيا رد باتهام «أشخاص خارجين عن القانون بالتسبب في إصابة الطفلين. فيما قال مسؤولون في بلاطة إن الأجهزة الأمنية عززت من وجودها في محيط المخيم، مما تسبب في اشتباكات متقطعة»، مضيفين أن حالة أحد الفتيين تعد خطيرة. لكن مصدرا أمنيا رد بتصريح، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة عنه، قال فيه «إن مجموعة من الأطفال قامت مساء الجمعة بإغلاق شارع القدس الرئيسي والحيوي في مدينة نابلس، وقوات الأمن الفلسطيني حضرت إلى المكان لفتح الشارع. لكن قام ثلاثة أشخاص معروفين لقوات الأمن بإطلاق النار باتجاه الأجهزة الأمنية والأطفال، فأصيب طفلان بإصابات في الفخذ وليست هناك خطورة على حياتهما».
وأكد المصدر أن «التحقيق الأولي الذي قام به جهاز الاستخبارات العسكرية الفلسطينية بيّن أن قوى الأمن الفلسطيني لم تطلق سوى رصاصة واحدة في الهواء، وذلك بعد التحقق من الذخيرة الموجودة بحوزة رجال الأمن».
وجاءت هذه الاشتباكات بعد أن أطلق مجهولون النار على الجدران الخارجية لمبنيي مؤسستين كبيرتين في مخيم بلاطة، شرق مدينة نابلس. وذكرت مصادر محلية أن الرصاص استهدف مبنى اللجنة الشعبية لخدمات المخيم، ومبنى مركز يافا الثقافي، حيث أدى إلى بعض الأضرار المادية. ومباشرة بعد ذلك أصدرت فعاليات المخيم بيانا أدانت فيه مثل هذه الممارسات التي من شأنها إشعال الفتنة، وشق الصف الوطني.
وبينما كانت الأنظار تتركز على بلاطة، اندلعت مساء أول من أمس مواجهات مسلحة واسعة في مخيم جنين شمال الضفة المحتلة، عقب اقتحام الأجهزة الأمنية للمخيم. واستخدم مسلحون النار وعبوات صغيرة ضد قوات الأمن، فردت القوات بإطلاق النار، لكن دون إصابات. وتتعقد مهمة السلطة في المخيمين بسبب أن العناصر المستهدفة، أو التي تتصدى للأجهزة الأمنية، هي عناصر محسوبة على السلطة وليس من جهات معارضة. لكن السلطة تؤكد أنها لن تتهاون مع أي فصيل في قضايا السلاح وتبييض الأموال، فيما يعتقد كثير من المسلحين المستهدفين أنهم يستحقون معاملة أفضل بعدما كانوا مقاتلين في سنوات سابقة. ويدب هذا الخلاف مخاوف لدى العموم من تطور قد يؤدي إلى عودة الفلتان الأمني مجددا.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.