الانتقالات الأخيرة أكدت نهاية مرحلة الأندية الكبرى وبداية عصر الأندية الثرية

باريس سان جيرمان ومانشستر سيتي وتشيلسي تتفوق على الحرس القديم

من اليمين: ميسي - راموس - جينالويجي دوناروما - فينالدوم - حكيمي... لاعبون انضموا لسان جيرمان (الغارديان)
من اليمين: ميسي - راموس - جينالويجي دوناروما - فينالدوم - حكيمي... لاعبون انضموا لسان جيرمان (الغارديان)
TT

الانتقالات الأخيرة أكدت نهاية مرحلة الأندية الكبرى وبداية عصر الأندية الثرية

من اليمين: ميسي - راموس - جينالويجي دوناروما - فينالدوم - حكيمي... لاعبون انضموا لسان جيرمان (الغارديان)
من اليمين: ميسي - راموس - جينالويجي دوناروما - فينالدوم - حكيمي... لاعبون انضموا لسان جيرمان (الغارديان)

في أوقات الأزمات، عادة ما يكون الفائزون هم الأغنياء. وفي ظل استمرار معاناة الأندية في جميع أنحاء أوروبا من التداعيات المالية لتفشي فيروس «كورونا»، فإن الدرس المستفاد من فترة الانتقالات الصيفية الأخيرة هو أن الأقوياء يسيطرون على السوق تماماً، أو على الأقل يكونون كذلك إذا كانوا يُدارون بشكل جيد، وهو الأمر الذي يعني استبعاد عملاقي إسبانيا، ريال مدريد وبرشلونة، وكثيرٍ من الأندية الإيطالية التي تعاني من سوء إدارة واضح للجميع.
لقد أدى انتقال أفضل لاعبين خلال الجيل الحالي إلى حالة كبيرة من الإثارة، حيث خرج المشجعون بأعداد هائلة، وتوجهوا إلى مطار باريس للترحيب بالنجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، واصطفوا حول مقر النادي لشراء قميص يحمل اسمه، في حين ارتفعت أسهم مانشستر يونايتد بنسبة 10 في المائة تقريباً فور الإعلان عن انضمام النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، قبل أن تتراجع قليلاً.
ومن الواضح أن ذلك سيثير المديرين التنفيذيين، ويبدو أنه يبرر النفقات الكبيرة على هاتين الصفقتين، على الرغم من أنه من غير المؤكد ما إذا كانت هذه الزيادة في بيع القمصان وارتفاع الأسهم ستغطي الأجور الهائلة التي سيحصل عليها اللاعبان أم لا. وقد حدثت الصفقتان بسبب مشكلات مالية في الناديين البائعين، ولم تكن هناك بوادر نوايا قوية بالطريقة التي حدثت، على سبيل المثال، في صفقة انتقال نيمار من برشلونة إلى باريس سان جيرمان مقابل 222 مليون يورو في عام 2017. ويبدو من المرجح بشكل متزايد أن هذه الصفقة تُعد علامة رئيسية فارقة في التوازن المتغير لقوة كرة القدم، خاصة أنها كانت أكثر من ضعف الرقم القياسي السابق لأغلى الصفقات في تاريخ كرة القدم.
لقد كانت صفقة نيمار بمثابة إعلان صريح من جانب باريس سان جيرمان لأندية النخبة التقليدية عن أن النادي الفرنسي يمكنه تحمل تكلفة أي لاعب مهما كانت قيمته. كما أدت هذه الصفقة إلى تضخم السوق بطريقة تسببت في كثير من المشكلات للأندية الكبرى، حتى قبل التداعيات المالية لتفشي فيروس كورونا.
وحتى رحيل ميسي جاء نتيجة لانتقال نيمار. فبعد أن شعر برشلونة بالخوف من خسارة نيمار الذي كان يفترض أن يكون بديلاً لميسي، بدأ النادي الإسباني ينفق بسخاء على التعاقدات الجديدة، وتخلى تماماً عن فلسفته الناجحة على مدى السنوات الماضية التي كانت تعتمد على الدفع باللاعبين الشباب الموهوبين الصاعدين من أكاديمية «لا ماسيا» الشهيرة، والتعاقد مع لاعبين جدد في أضيق الحدود. وبدلاً من ذلك، بدأ برشلونة يتعاقد مع لاعبين من أصحاب الأسماء الكبيرة، والبحث عن الحلول الجاهزة، وهو ما أدى إلى وصول ديون النادي إلى 1.3 مليار يورو. وحتى ذلك الحين، كان بإمكان برشلونة الاحتفاظ بميسي من خلال تمديد عقده قبل نهايته، بدلاً من الاضطرار إلى إعادة تسجيله، لكن مستوى سوء الإدارة في برشلونة وصل إلى مستويات مذهلة في حقيقة الأمر!
وإذا كانت أخطاء يوفنتوس مفهومة بشكل أكبر، فإن السبب في ذلك يعود إلى أنها أقل فجاجة، قياساً بالأخطاء الكارثية لنادٍ مثل برشلونة. إن التعاقد مع كريستيانو رونالدو في 2018، بصفته القطعة الأخيرة المفقودة في التشكيلة التي تسعى لتتويج يوفنتوس بدوري أبطال أوروبا كان جزءاً من تحول عام في ثقافة النادي بالشكل الذي أدى أيضاً إلى تعيين يوفنتوس للمدير الفني الشاب أندريا بيرلو على رأس القيادة الفنية للفريق، على الرغم من افتقاده للخبرات التي تؤهله للعمل في هذا المنصب الرفيع. صحيح أن النادي يتمتع الآن بشعبية أكبر مما كان عليها قبل التعاقد مع رونالدو، لكنه دفع ثمناً باهظاً لذلك، ودمر فريقاً كان ناجحاً للغاية!
في عام 2019، كان المدير الفني الإيطالي ماسيميليانو أليغري أول ضحية كبرى لبحث يوفنتوس عن التعاقد مع المشاهير وأصحاب الأسماء الكبيرة. وبالتالي، عندما عاد أليغري لتولي القيادة الفنية للفريق من جديد خلال الصيف الحالي، كان سعيداً جداً بالسماح لرونالدو بالرحيل، واستغلال الراتب الكبير الذي كان يحصل عليه في إعادة بناء الفريق، وتقليص ديون النادي، والتخلص من لاعب كبير في السن لا يقوم بأدواره الدفاعية، ولا يضغط على الفريق المنافس كما ينبغي.
وبمجرد أن أصبح من الواضح أن ميسي ورونالدو على استعداد للرحيل عن نادييهما، كان من الواضح بالقدر نفسه أن 4 أندية فقط هي التي يمكنها دفع راتبيهما: تشيلسي (الذي لم يكن مهتماً)، ومانشستر سيتي، ومانشستر يونايتد، وباريس سان جيرمان. ويجب الإشارة إلى أن 3 أندية من هذه الأندية الأربعة لا تعتمد على كرة القدم للحصول على دخلها، في حين كان النادي الرابع (مانشستر يونايتد) ذكياً ماهراً للغاية في توقيع عقود شراكة مع مجموعة متنوعة من المنتجات في مجموعة واسعة من الأسواق.
وكان هذا بالطبع هو السبب الرئيسي في حرص كثير من الأندية الكبرى على الانضمام إلى بطولة دوري السوبر الأوروبي التي اُقترحت في الربيع الماضي، وكان هذا هو السبب أيضاً في أن باريس سان جيرمان لم ينضم أبداً لهذه البطولة المقترحة، وفي أن تشيلسي ومانشستر سيتي كانا من أوائل المنسحبين من البطولة.
ومن السابق لأوانه القول ما إذا كان عصر الأندية الكبرى قد انتهى أم لا، لكن هذا الصيف أظهر تغييراً كبيراً في الديناميكية. ربما انخفض الإنفاق الإجمالي على التعاقدات الجديدة في الدوري الإنجليزي الممتاز بنسبة 9 في المائة، لكن صافي الإنفاق لا يزال 560 مليون جنيه إسترليني؛ أي أكثر من 10 أضعاف صافي النفقات في أي دوري آخر. كما وقعت أندية الدوري الإنجليزي الممتاز 9 من أصل أعلى 12 صفقة هذا الصيف.
وكانت الصفقة الوحيدة التي ستغير هذه الأرقام تتمثل في العرض الذي قدمه ريال مدريد للتعاقد مع النجم الفرنسي الشباب كيليان مبابي، والذي تشير تقارير إلى أنه وصل إلى 200 مليون يورو، وهو رقم مذهل بالنسبة للاعب لم يتبقَّ في عقده سوى عام واحد فقط. وبصرف النظر عن أن هذا يعد أفضل مثال على الفوضى المالية التي يعاني منها ريال مدريد، فإنه يعكس أيضاً القوة المالية الهائلة لنادي باريس سان جيرمان للدرجة التي تجعله يرفض عرضاً كهذا!
ونظراً للموارد المالية غير المحدودة للنادي الفرنسي، ورغبته في أن يقود الثلاثي الناري مبابي ونيمار وميسي النادي للفوز ببطولة دوري أبطال أوروبا، ربما يكون من المنطقي أن يسعى باريس سان جيرمان للاحتفاظ بخدمات مبابي لعام آخر، لكن ربما كان يتعين على باريس سان جيرمان أن يوافق على العرض لكي نرى فقط كيف سيدبر ريال مدريد هذا المبلغ الكبير!
يجب أن تكون هذه حقاً فترة هيمنة للأندية الإنجليزية على المنافسات الأوروبية، خاصة بالنسبة للناديين الثريين مانشستر سيتي وتشيلسي، بالإضافة إلى مانشستر يونايتد. وكان من المثير للاهتمام أن يبرم مانشستر سيتي أغلى صفقة في تاريخه، بالتعاقد مع نجم أستون فيلا جاك غريليش مقابل 100 مليون جنيه إسترليني، كما كان النادي يسعى جاهداً لكسر هذا الرقم القياسي مرة أخرى، من خلال التعاقد مع مهاجم توتنهام، هاري كين، لكن الشيء المذهل حقاً هو أن تشيلسي تمكن من تحقيق أرباح، على الرغم من تعاقده مع كل من روميلو لوكاكو وساؤول نيغيز!
وفي الحقيقة، يعد هذا دليلاً على قيمة وأهمية الاستثمار في أكاديمية الناشئين، ما يقرب من 60 في المائة من الأموال التي جلبها تشيلسي هذا الصيف جاءت من لاعبين تخرجوا من أكاديمية الناشئين بالنادي. لكن التعاقد مع ساؤول كان ممكناً لأن أتلتيكو مدريد كان بحاجة للتخلص من راتبه حتى يتمكن من التعاقد مع أنطوان غريزمان، في الوقت الذي كان يسعى فيه برشلونة للتخلص أيضاً من اللاعبين أصحاب الرواتب الكبيرة.
ومن الواضح أن مارينا غرانوفسكايا، المديرة التنفيذية لتشيلسي، مفاوضة ماهرة للغاية، لكن من المؤكد أنها استفادت كثيراً من القوة المالية الهائلة لتشيلسي، ومن امتلاكه لعدد هائل من اللاعبين المميزين (ميتشي باتشواي، ومات ميازغا، وبابا رحمان، وكينيدي، وغيرهم) الذين يمكن بيعهم على سبيل الإعارة، ثم بيعهم بشكل نهائي عندما يحين الوقت المناسب لذلك.
وفي الحقيقة، تعكس فترة الانتقالات الأخيرة حدوث تغيير كبير في اقتصاديات اللعبة، وتعد بمثابة إعلان واضح على نهاية الأندية الكبرى، وبداية عصر الأندية التي تعتمد على مصادر أخرى للتمويل غير كرة القدم!



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».