الأسرى في سجون إسرائيل يعلنون النفير العام

قمع وتنكيل وترحيل ومواجهات وحرائق داخل الأقسام بعد عملية الهروب... ومخاوف من امتداد المواجهة إلى الخارج

أحد أقارب الأسير الفار محمود العارضة في قرية عرابة جنوب جنين أمس (أ.ف.ب)
أحد أقارب الأسير الفار محمود العارضة في قرية عرابة جنوب جنين أمس (أ.ف.ب)
TT

الأسرى في سجون إسرائيل يعلنون النفير العام

أحد أقارب الأسير الفار محمود العارضة في قرية عرابة جنوب جنين أمس (أ.ف.ب)
أحد أقارب الأسير الفار محمود العارضة في قرية عرابة جنوب جنين أمس (أ.ف.ب)

أعلنت حركة الأسرى في سجون ومعتقلات الاحتلال الإسرائيلي النفير العام، وهددت بالتمرد على قوانين إدارة السجون كافة، إذا استمرت الإجراءات «القمعية العقابية» المتخذة بحقهم منذ عملية الهروب المثيرة التي قادت قبل أيام 6 أسرى إلى خارج سجن «جلبوع» شديد التحصين في شمال إسرائيل.
وقالت هيئة شؤون الأسرى (هيئة رسمية فلسطينية) إن مشاورات سريعة حدثت بين قادة الحركة في السجون والمعتقلات، وتم الاتفاق على التصدي لهجمات «وحدات القمع الخاصة» وشرطة السجون بكل الوسائل والطرق، وإنه لن يتم الخضوع لـ«هذه الممارسات العنصرية الحاقدة النابعة من الفشل العسكري».
واتهمت الهيئة التي تعنى بشؤون الأسرى الحكومة الإسرائيلية وأجهزتها بالعمل على «تغطية فشلها وانكسارها أمام الإرادة الصلبة للأسرى الفلسطينيين من خلال هجمة شرسة على الأسرى داخل السجون والمعتقلات، وعلى أبناء شعبنا من خلال الاقتحامات والاعتقالات التي تركزت الليلة (قبل) الماضية على أسر وعائلات الأسرى الستة الذين خرجوا عنوة من سجن جلبوع».
وتوتر الموقف داخل السجون إلى حد كبير بعد حملة قمع إسرائيلية، إذ أشعل أسرى النار في أقسام، وحاولوا ذلك في أقسام أخرى في السجون، احتجاجاً على عمليات نقلهم.
وأشعل الأسرى النار في غرف قسم 6 في سجن النقب احتجاجاً على التصعيد الإسرائيلي وعمليات نقلهم، كما حاولوا إشعال النار في سجون أخرى، مثل ريمون ومجدو. وهذا التصعيد من قبل الأسرى جاء تأكيداً على رفضهم قرارات نقلهم من سجون إلى سجون.
وكانت إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية قد وضعت خطة لنقل وتشتيت أسرى حركة «الجهاد الإسلامي» داخل سجون متعددة، وهي خطوة قد تفجر الأحداث داخل السجون، وتتدحرج إلى مواجهة خارجه، بعدما علقت «سرايا القدس» التابعة لـ«الجهاد» على العقوبات المفروضة على الأسرى بقولها: «نقول للعدو إنه لن يمنعنا أي تعقيد من ممارسة واجبنا تجاه إخوتنا الأسرى، وكل خياراتنا مفتوحة».
وركزت إسرائيل على أسرى «الجهاد» لأن 5 من الأسرى الفارين ينتمون لهذه الحركة، وقد تم حفر النفق من زنزانتهم.
وأرسلت إدارة السجون الإسرائيلية قوات كبيرة إلى السجون، أمس، للتحضير لنقل وتوزيع أسرى «الجهاد الإسلامي» على سجون أخرى، لكن التصعيد أدى، حسب صحيفة «هآرتس» العبرية، إلى الامتناع فوراً عن تفريق الأسرى. وأكدت «هآرتس» أنه تم استجواب بعض قادة أسرى «الجهاد» في السجون من قبل جهاز الأمن العام (الشاباك) للتحقق مما إذا كانوا على علم بنية الأسرى الهروب.
وقالت الصحيفة إن إدارة مصلحة السجون قررت بعد عملية الهروب تفريق نحو 400 أسير ينتمون إلى «الجهاد الإسلامي» على سجون مختلفة، وتم تنفيذ هذه الخطوة في عدد من السجون، إلا أن آخرين رفضوا ذلك، وواجهوا الحراس، وخوفاً من أي اضطرابات تقرر عدم تفريقهم، مع فرض إجراءات تأديبية بحقهم.
ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤول لم تذكر اسمه في مصلحة السجون قوله: «إنهم يخافون منهم ببساطة».
لكن مصلحة السجون قالت في رد إنها مستمرة في تنفيذ أمر تفريق نشطاء «الجهاد الإسلامي» بين سجون مختلفة، مضيفة أن عدداً لم تحدده من الأسرى الذين أعربوا عن معارضتهم للنقل سيواجهون إجراءات تأديبية.
وقبل المواجهة في النقب وريمون، حدثت مواجهة خاصة في قسم رقم «3» في سجن «جلبوع» الذي كان يعيش فيه الأسرى الستة الذين هربوا. وقالت الهيئة ونادي الأسير الفلسطيني ومنظمات حقوقية إن حالة من الغليان يشهدها سجن جلبوع وسجون أخرى بسبب إجراءات القمع التي تنفذها وحدات خاصة.
وانتقاماً من الحملة الإسرائيلية، هاجم أسير في جلبوع سجاناً إسرائيلياً بالماء الساخن.
وقال نادي الأسير إن الأسير مالك حامد من سلواد سكب الماء الساخن على سجان في معتقل جلبوع، رداً على «عمليات القمع والتنكيل بحق الأسرى». ونكل السجانون بحامد، ثم عزلوه، قبل أن يقوموا بنقل جميع أسرى قسم رقم 3 في السجن إلى سجن شطة.
واستمرت أمس مطاردة إسرائيل الواسعة للأسرى الفارين، وحاولت الأجهزة الأمنية وضع ضغط متزايد عليهم من خلال اعتقال ذويهم.
واعتقلت قوات الاحتلال، أمس، يعقوب نفيعات، والد الأسير المطارد مناضل نفيعات، ورداد العارضة، شقيق الأسير المطارد محمود العارضة من بلدة عرابة، واعتقلت باسم العارضة، شقيق الأسير المطارد محمد العارضة.
وكان الجيش الإسرائيلي قد اقتحم بلدتي يعبد وعرابة (جنوب جنين) بحثاً عن أجهزة تسجيل الكاميرات، ثم داهم الجنود منازل الأسرى، واعتقلوا عائلاتهم. ويطارد مئات من الجنود ورجال المخابرات والكلاب البوليسية وطائرات مسيرة ومروحيات متنوعة الأسرى الـ6 في مناطق واسعة.
وحمّلت السلطة الفلسطينية الحكومة الإسرائيلية وأذرعها المختلفة «المسؤولية كاملة عن حياة الأسرى الستة الذين تمكنوا من الفرار من سجن (جلبوع)، ومعاناة ذويهم وأقاربهم، وعن تداعيات اعتقالهم، والضغط عليهم، وابتزازهم وترهيبهم».
وأدانت الخارجية الفلسطينية في بيان «حملة القمع والتنكيل وعمليات التصعيد الوحشي التي تمارسها دولة الاحتلال ومصلحة إدارة سجونها بحق الأسرى كافة الذين جرى نقلهم إلى سجون أخرى، بما في ذلك اقتحامات السجون وأقسامها، والاعتداء على الأسرى والتضييق عليهم، عبر تنقلات تعسفية، وعمليات عزل فردية وجماعية، ومحاربتهم في كمية الغذاء والماء التي يمنحها القانون الدولي لهم، كجزء لا يتجزأ من العقوبات الجماعية التي اعتاد الاحتلال على ارتكابها ضد شعبنا».
وأشارت إلى أن «عقلية الاحتلال الاستعمارية العنصرية التي تعمل وتستهدف الأسرى هي ذاتها التي تستبيح المدن والبلدات والقرى والمخيمات، وتنكل بالمواطنين بشكل مستمر، في عملية متصاعدة نشهد في هذه الأيام أحد أشكالها، بحجة البحث عن الأسرى الستة».
وحذرت حركة «حماس» إسرائيل من استمرار إجراءاتها القمعية والانتقامية بحق الأسرى، وقالت: «لا يمكن السكوت عن كل هذه الجرائم والانتهاكات بحقهم، ولن نترك أسرانا وحدهم في معركتهم».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.