السودان يستدعي سفير إثيوبيا بعد العثور على جثث لقتلى من «التيغراي»

TT
20

السودان يستدعي سفير إثيوبيا بعد العثور على جثث لقتلى من «التيغراي»

استدعت الخارجية السودانية، أمس، السفير الإثيوبي، بيتال أمير، وذلك على خلفية العثور على 29 جثة جرفها نهر «ستيت» شرق محلية «ود الحليو» بولاية كسلا على الحدود بين البلدين، وطلبت منه نقل ذلك إلى سلطات بلاده.
وقالت «الخارجية السودانية» في بيان أمس، إنها أبلغت السفير الإثيوبي بأن الجثث تعود لمواطنين إثيوبيين من قومية «التيغراي»، تم تحديد هوياتهم بواسطة بعض الأفراد الإثيوبيين المقيمين بمنطقة ود الحليو. موضحة، أن السلطات المختصة في ولاية كسلا اتخذت الإجراءات اللازمة تجاه الجثث، وذلك بموجب أحكام قانون الإجراءات الجنائية لجمهورية السودان.
وبحسب «الخارجية السودانية»، فقد تم العثور على الجثث خلال الفترة الممتدة من 26 يوليو (تموز) حتى 8 أغسطس (آب) الماضي. ورأت أن تكون هناك معسكرات إيواء اللاجئين بعيدة عن الحدود الإثيوبية؛ حرصاً على سلامتهم، مع توفير الخدمات اللازمة لهم.
وأكد بيان «الخارجية» حرص الحكومة السودانية على الوفاء بالتزاماتها تجاه اللاجئين بموجب القانون الدولي، وبما تمليه عليها الأواصر الإنسانية تجاه الشعب الإثيوبي.
وكانت «الشرق الأوسط» قد نقلت عن شهود عيان في مطلع أغسطس الماضي، أن نهر «ستيت»، الذي ينبع في إثيوبيا ويصب في السودان، قد جرف نحو 50 جثة من داخل إثيوبيا، يرجّح أنهم قُتلوا أثناء محاولتهم عبور النهر إلى معسكرات اللاجئين على الأراضي السودانية.
وتضم منطقة ديما، التي انطلق منها اللاجئون لعبور النهر فراراً إلى السودان، معسكراً كبيراً للقوات الإثيوبية. وقد أفاد شهود العيان، بأن بعض الجثث تظهر عليها ثقوب أعيرة نارية؛ ما يرجّح تعرضهم لهجوم قبل وأثناء محاولة عبورهم النهر إلى معسكر للاجئين في منطقة «حمدايات» داخل الأراضي السودانية.
ومن بين الجثث التي تم العثور عليها طافية في النهر، جثث رجال ونساء وأطفال، بعضهم تم تقيدهم بالحبال. ورجحت المشاهدات الأولية، التي أجرتها السلطات السودانية بمساعدة لاجئين إثيوبيين أن تكون الجثث من قومية «التيغراي» التي تقاتل القوات الإثيوبية. واستعادت جبهة تحرير «التيغراي» إقليمها بعد ثمانية أشهر من سيطرة الحكومة المركزية في أديس أبابا، ويفرض مقاتلو الجبهة سيطرتهم على مناطق واسعة داخل الإقليم.
وشهد الشهر الحالي عبور نحو 3 آلاف لاجئ إثيوبي إلى ولاية القضارف المتاخمة لإثيوبيا، إثر تجدد المعارك التي تدور بين جبهة «التيغراي» ومجموعات أخرى بالقرب من الحدود السودانية.
وكان المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيلبو غراندي، قد سجل زيارة إلى معسكرات اللاجئين بولايتي كسلا والقضارف، شرق السودان، في نهاية أغسطس الماضي. في حين تشير تقديرات السلطات السودانية إلى وجود نحو 70 من اللاجئين من الإثيوبيين في المعسكرات ومراكز الاستقبال منذ اندلاع النزاع بين الحكومة الفيدرالية ومقاتلي «التيغراي» العام الماضي.
ويشكل الصراع في إقليم التيغراي والأوضاع الإنسانية المتردية مصدر قلق كبير لدول الجوار الإثيوبي، السودان وإريتريا، من التأثيرات الأمنية والإنسانية، وحالة عدم الاستقرار في المنطقة. كما يمارس المجتمع الدولي ضغوطاً متزايدة على أطراف النزاع في إثيوبيا لإيصال المساعدات الإنسانية للمتضررين من الاقتتال، وعدم التعرض للاجئين الفارين.



أول مصنع إثيوبي للمسيّرات... «رسائل ردع» بمنطقة القرن الأفريقي المأزومة

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال افتتاح شركة «سكاي وين» للصناعات الجوية (وكالة الأنباء الإثيوبية)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال افتتاح شركة «سكاي وين» للصناعات الجوية (وكالة الأنباء الإثيوبية)
TT
20

أول مصنع إثيوبي للمسيّرات... «رسائل ردع» بمنطقة القرن الأفريقي المأزومة

رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال افتتاح شركة «سكاي وين» للصناعات الجوية (وكالة الأنباء الإثيوبية)
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال افتتاح شركة «سكاي وين» للصناعات الجوية (وكالة الأنباء الإثيوبية)

إعلان إثيوبيا افتتاح شركة لتصنيع الطائرات من دون طيار للاستخدام المدني والعسكري، جاء وسط أتون صراع أهلي متكرر، وخلافات مع جيران بمنطقة القرن الأفريقي ودول المصب بالنيل مصر والسودان.

تلك الخطوة رأى رئيس الوزراء، آبي أحمد، أنها ليست لتأجيج الصراع بل لمنعه، وأكد ذلك برلماني إثيوبي تحدث لـ«الشرق الأوسط»، الاثنين، بالقول إن «أديس أبابا تحفظ أمنها، وتعزز تقدمها وازدهارها دون أن تجور على أي من دول الجوار، أو تهدد مصر والسودان».

بالمقابل، يرى خبير في منطقة القرن الأفريقي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن ذلك التصنيع يحمل رسالة ردع وتخويف لدول أعداء مثل إريتريا وجماعات متمردة داخلية، مستبعداً أن تسمح أسمرة لإثيوبيا بالتقدم بهذه الصناعة؛ ما يزيد من التوترات بمنطقة القرن الأفريقي.

وافتتح آبي أحمد، شركة «سكاي وين» للصناعات الجوية، وهي «شركة تصنع المركبات الجوية من دون طيار للاستخدام المدني والعسكري»، حسبما نقلته «وكالة الأنباء الإثيوبية»، السبت، لافتة إلى أن «هذه الصناعة هي جزء من جهود إثيوبيا الأوسع لتحقيق الاعتماد الذاتي التكنولوجي في قطاع الأمن».

آبي أحمد قال في هذه المناسبة إن إثيوبيا طورت القدرة ليس فقط على إنتاج واستخدام الطائرات من دون طيار، ولكن أيضاً على تصديرها، مؤكداً أن قدرتنا على إنتاج طائرات من دون طيار ذات قدرات متنوعة - مصممة ومبنية من قبل محترفي شبابنا - هي علامة فارقة مهمة.

وأكد رئيس الوزراء أن الهدف من تطوير مثل هذه القدرات - جنباً إلى جنب مع التطورات في صناعة هندسة الذخيرة في هوميتشو - ليس تأجيج الصراع، بل منعه. ومن خلال الردع، نسعى إلى تأمين السلام والاستقرار في مواجهة الجهات المتحاربة.

آبي أحمد يرى أن الخطوة الإثيوبية ليست لتأجيج الصراع بل لمنعه (وكالة الأنباء الإثيوبية)
آبي أحمد يرى أن الخطوة الإثيوبية ليست لتأجيج الصراع بل لمنعه (وكالة الأنباء الإثيوبية)

ومعلقاً على ذلك التصنيع غير المسبوق بإثيوبيا، أكد نائب رئيس الوزراء تمسجن تيرونه، الأحد، أن أديس أبابا تنفذ خططاً لتحقيق هدفها المتمثل في الاعتماد على الذات في جميع القطاعات، متوقعاً أن تنفيذ الخطط يحقق النجاح بوتيرة غير متوقعة، بحسب وكالة الأنباء الإثيوبية.

وحسب معلومات مدير مركز دراسات شرق أفريقيا في نيروبي، الخبير في الشؤون الأفريقية الدكتور عبد الله أحمد إبراهيم، فإن «المصنع يتجه لتصنيع المسيَّرات التجارية وليست العسكرية أو الهجومية في هذه المرحلة على أن تتطور إلى «درونز» عسكرية على المدى البعيد، خصوصاً أن إثيوبيا لديها مصانع للأسلحة؛ ما يجعل هذه الخطوة تطوراً لمشروعها التسليحي».

ويعتقد أن هدف آبي أحمد هو نشر «رسائل ردع وتخويف لدول الأعداء مثل إريتريا وجماعات متمردة مثل فانوا».

وبالمقابل، ينفي البرلماني الإثيوبي محمد نور أحمد، تلك الرسائل، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»، الاثنين، إن «الهدف من هذا التصنيع ليس تهديد أحد، وتاريخ إثيوبيا بالماضي والحاضر لا تتدخل في شؤون أحد، وهي حريصة على العيش في سلام مع جيرانها»، مؤكداً أن تلك الخطوة الإثيوبية، بداية لتقدم تكنولوجي في صناعة «الدرونز»، والتنويع في تسليح البلاد.

ويرى أن تلك الخطوة تأتي استكمالاً أيضاً لجوانب التقدم والازدهار التي تمضي إليها إثيوبيا، مجدداً التأكيد على أن هدفها حفظ البلاد وتطوير إمكانياتها، ولا تعني إطلاقاً فتح حرب مع دول الجوار.

وتأتي تلك الخطوة وسط صراعات مسلحة داخلية بإثيوبيا، وأزمات خارجية لا سيما في ظل العداء التاريخي مع إريتريا، وخلافات استمرت لنحو عام مع الصومال، بسبب محاولتها الاستحواذ على ميناء بإقليم أرض الصومال الانفصالي، فضلاً عن خلافات مع مصر والسودان منذ نحو عقد بسبب رفض أديس أبابا إبرام اتفاق بشأن «سد النهضة»، الذي ترى دولتا المصب أنه يهدد أمنهما المائي، وهو ما تنفيه أديس أبابا، وتؤكد أنه يستهدف تنمية البلاد.

ولعبت المسيّرات دوراً لافتاً في سنوات حكم آبي أحمد، خصوصاً ضد متمردي جبهة تحرير شعب تيغراي في 2021، وأسهمت الطائرات المسيرة التي حصل عليها من الصين وتركيا وإيران، في إجبار مقاتلي تيغراي على التراجع، وفق ما نقلته هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» عن مصادر إثيوبية وقتها.

ويتوقع إبراهيم أن تكون إريتريا الدولة الوحيدة في هذا الوقت التي يهمها أن توقف ذلك المشروع في ضوء العداء التاريخي بينهما ونزاعاتهما المتكررة، متوقعاً أن تندلع مواجهات بين الدولتين قبل تصنيع أديس أبابا أي طائرة «درون» عسكرية؛ ما يزيد التوترات بمنطقة القرن الأفريقي، مستبعداً أن تشهد تلك المنطقة في هذا الوقت سباق تسليح جديداً بعد المصنع الإثيوبي لأسباب بعضها اقتصادي.

ويختلف البرلماني الإثيوبي مع من يرى خطورة ذلك الإعلان على منطقة القرن الأفريقي المتأزمة، مؤكداً أن بلاده تسعى لتعاون وأخذ وعطاء وليس حرباً، لافتاً إلى أن أديس أبابا اختارت المفاوضات مع مقديشو برعاية تركية حالياً لإنهاء أزمة الميناء البحري بأرض الصومال، ولم تذهب لصراع، ولم تقم بأي أضرار لمصر والسودان من سد «النهضة» رغم ما يتم ترديده كل فترة بخلاف ذلك.