التحالف الحاكم في السودان يوقّع إعلاناً سياسياً لتحقيق أهداف الثورة

TT
20

التحالف الحاكم في السودان يوقّع إعلاناً سياسياً لتحقيق أهداف الثورة

أعلن التحالف الحاكم في السودان «قوى إعلان الحرية والتغيير» إعادة توحيد قواه، وتوقيع إعلان سياسي تعهد فيه بدعم الانتقال، وتحقيق أهداف الثورة، وهو الأمر الذي وصفه رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، بـ«الحدث التاريخي وخطوة كبيرة للأمام».
وقالت قوى الحرية والتغيير في حشد جماهيري بالخرطوم أمس، إنها خاضت حواراً متصلاً وشفافاً بين أطراف الإعلان، توصلت بموجبه إلى أن إنجاح الانتقال «يكمن في وحدة صف قوى الثورة» بمواجهة ما أطلقت عليه «قوى الردة والفلول الذين يسعون لتقويض الانتقال، والرجوع بشعبنا القهقرى، وقطع الطريق عليها».
ووفقاً للإعلان السياسي، فقد قرر التحالف إقامة هياكل تحالفية لقيادة المرحلة الانتقالية، تتكون من المؤتمر العام للتحالف، ويضم كل قوى الثورة والتغيير، المنضوية تحته، وهيئة عامة تمثل الجمعية العمومية للتحالف، ومجلساً مركزياً يضع الخطط والسياسات ويتابع التنفيذ، ومكتباً تنفيذياً يباشر العمل اليومي.
وكان التحالف الحاكم «قوى إعلان الحرية والتغيير» يحكم عبر مجلس مركزي بقيادة أفقية، وهو الأمر الذي ناهضه بشدة حزب الأمة، صاحب أكبر حصة في آخر انتخابات برلمانية ديمقراطية جرت في البلاد قبل انقلاب الإنقاذ، ودعا لتطويره، وتأسيس هيكل لقيادة التحالف، ولذلك جمد عضويته فيه قبل أن يعود إليه بتوقيع الإعلان السياسي.
وفي كلمة الاحتفال بالتوقيع، قال رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، إن التوقيع «خطوة تاريخية جريئة في الاتجاه الصحيح، وتتسق مع مبادرته الوطنية (الطريق إلى الأمام) وتوحيد قوى الشعب الحية في طريق الوحدة». ملاحظاً غياب بعض الوجوه من قوى الكفاح المسلح وتنظيمات المهنيين والسياسيين، وعلى رأسها رئيس «العدل والمساواة» جبريل إبراهيم، ورئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي وآخرين، وقال بهذا الخصوص: «هؤلاء رفاق هذه الرحلة وهذا العمل الكبير، لذلك يجب أن نبذل كل الجهد لإلحاقهم، خصوصاً أن الميثاق ركز على عدم وجود إقصاء، وتحييد قوى الثورة».
وتعهد رئيس الوزراء بالعمل المشترك لاستكمال توحيد قوى الثورة الحية كافة، ودعا للصبر على الخلافات، وتحويلها إلى «خلافات من أجل الوطن».
من جانبها، أقرت القوى الموقّعة على الإعلان السياسي بأن أداءها خلال العامين الانتقاليين «لم يكُن بمستوى طموحات وتطلعات جماهيرنا»، وتعهدت بالعمل مع «لجان المقاومة» الشعبية، وتوسيع دائرة المشاركة الجماهيرية، وتعزيز مشاركة النساء التي اعترفت بأنهن لم يجدن حقهن الكامل في السنتين الماضيتين، ومعالجة قضايا الشباب، ومتابعة قضايا الشهداء والجرحى والمفقودين في الثورة.
وعد «التحالف» قضية ملايين اللاجئين والنازحين قضية أساسية لنهاية الحروب في السودان، وقال موضحاً: «من دون عودتهم الطوعية واستقرارهم في مناطقهم الأصلية لن ينصلح حال السودان»، مثلما اعتمد إنجاح الانتقال هدفاً نهائياً للتحالف للوصول لانتخابات حرة نزيهة، والعمل على تطوير صيغة تحالفية تمكّنه من «خوض الانتخابات العامة بصيغة مشتركة لمواصلة الإصلاحات، وبناء الدولة المدنية الديمقراطية».
ووصف الإعلان السياسي التوقيع بأنه إعلان لواقع سياسي جديد، يوفر الدعم الكامل للحكومة الانتقالية، بتكوين كتلة انتقالية بأولويات واضحة للسير في طريق وحدة البلاد، ومكافحة الجهوية والإثنية والكراهية والعنصرية، وتحقق شعارات الثورة.
في غضون ذلك، دعت القوى المتحالفة إلى التوقف عن إقحام القوات النظامية (الجيش والشرطة والأمن)، في الصراعات السياسية، التزاماً بمهنيتها وحيدتها، لكن دون إغفال دورها في التغيير والشراكة الانتقالية، وقالت إن الفترة الانتقالية «تسعى لبناء منظومة قوات نظامية موحدة ومهنية تعكس التنوع، وقائمة على عقيدة عسكرية جديدة»، معتبرة أن إصلاح القطاع الأمني والعسكري ببناء جيش قومي ومهني واحد، هو الطريق الوحيد لتحقيق الانتقال الديمقراطي، كواحدة من أولويات قضايا الانتقال.
وتمسكت قوى الإعلان السياسي بتنفيذ اتفاقية سلام جوبا، وإكمال ما تبقى من مفاوضات، وقالت إنه بالتوقيع على هذا الإعلان السياسي «سنكون في أتمّ الاستعداد لإنجاز دورنا كاملاً في القيام بمفاوضات السلام، وإنهاء الحروب بشكل نهائي».
ووعد الإعلان بالعمل على تحسين شروط الحياة المعيشية، وحل الأزمة الاقتصادية، وأداء واجباته تجاه الشعب بحل الأزمة الاقتصادية، وتحسين شروط الحياة المعيشية والخدمات لمصلحة القوى والمهمشين في المجتمع، وأن يكون ذلك واجباً أساسياً من واجبات الحكم والانتقال.
كما شدد الموقِّعون على قضايا العدالة، وعدم الإفلات من العقاب، وعدّوها واجباً دستورياً، وتعهدوا بتسليم الرئيس المعزول عمر البشير، والمطلوبين معه للمحكمة الجنائية الدولية.
كما أعلنت قوى الإعلان وضع تكوين المجلس التشريعي الانتقالي في قائمة أولوياتها، وجميع مؤسسات الانتقال المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية الحاكمة للفترة الانتقالية، وعلى رأسها المحكمة الدستورية، ومجلس القضاء العالي، ومجلس النيابة العامة والمفوضيات وغيرها. مجددةً تأكيد التزام المكونات المتحالفة بـ«إزالة التمكين، ومكافحة الفساد، وإنهاء الدولة الموازية، وبناء دولة الوطن»، وإنشاء مؤسسات مهنية تخدم السودانيين دون تمييز سياسي أو جهوي أو إثني أو ثقافي، وفقاً لأسس دولة القانون، وانتهاج سياسة خارجية تقوم على المصالح الوطنية مع المجتمعين الإقليمي والدولي.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.