«الرئاسي» الليبي يشيد بجهود تحقيق المصالحة الوطنية

مجلس النواب يؤجل استجواب حكومة الدبيبة إلى اليوم... والمنفي يعتمد عدداً من السفراء الجدد

وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش خلال لقائها نظيرها اليوناني في أثينا مساء أول من أمس (إ.ب.أ)
وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش خلال لقائها نظيرها اليوناني في أثينا مساء أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

«الرئاسي» الليبي يشيد بجهود تحقيق المصالحة الوطنية

وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش خلال لقائها نظيرها اليوناني في أثينا مساء أول من أمس (إ.ب.أ)
وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش خلال لقائها نظيرها اليوناني في أثينا مساء أول من أمس (إ.ب.أ)

أشاد محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الليبي، بالجهود التي بذلت في سبيل تحقيق ما تم التوصل إليه من مصالحة، وذلك في إشارة إلى الإفراج عن السجناء الموقوفين على ذمة قضايا مختلفة، والذين صدرت بحقهم أحكام قضائية.
وأكد المنفي في بيان له مساء أول من أمس، أن القرارات التي اتخذت «ما كان لها أن تتخذ لولا الرغبة الحقيقية والجادة، للشعب الليبي من أجل طي صفحات الماضي المؤلمة، وتجاوز الخلافات، ونبذ الفرقة، وإيقاف نزيف الدماء، ووضع حد لمعاناته».
وبارك المنفي للأمة الليبية انطلاق أولى خطوات المُصالحة الوطنية، التي «تُمثل الرغبة الحقيقية لدى الجميع لطي الماضي وتجاوز الخلافات»، داعياً الليبيين للالتفاف حول الوطن، وبناء دولة المواطنة والقانون، والعمل معاً «من أجل بناء وطن واحد، ترفرف عليه راية السلام».
في سياق ذلك، اعتبرت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا الإفراج عن الساعدي، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، مع سكرتيره الخاص ومدير مكتبه أحمد رمضان، وستة مسؤولين آخرين في النظام السابق «خطوة مهمة نحو احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان»، كما عدتها «تطوراً إيجابياً يمكن أن يسهم في تحقيق عملية مصالحة وطنية، قائمة على الحقوق، وأيضاً في تعزيز الوحدة الوطنية بشكل أكبر».
وأشادت البعثة بجهود الحكومة والمجلس الرئاسي والسلطات القضائية، مكررة دعواتها للإفراج الفوري عن آلاف الأشخاص، الذين ما زالوا محتجزين بشكل تعسفي في مرافق الاحتجاز في جميع أنحاء ليبيا.
من جهته، قال مصدر مسؤول بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية، أمس، إن الأمانة «تتابع باهتمام بالغ التطورات التي تشهدها ليبيا خلال الآونة الأخيرة»، وإنها ترحب بالإفراج عن ثمانية من الموقوفين في ليبيا، مشيدة بالجهود المبذولة في هذا الشأن، باعتبارها جزءاً من تدابير بناء الثقة المطلوب تواترها خلال الفترة المقبلة.
مؤكداً موقف الجامعة الثابت والمطالب بضرورة الوفاء بكافة الاستحقاقات المتعلقة بإجراء الانتخابات في موعدها المقرر، وكذلك اتخاذ ما يلزم من إجراءات لإخراج التواجد العسكري الأجنبي بكافة مكوناته من ليبيا، قصد ضمان إجراء الانتخابات بشكل ذي مصداقية.
من جهة ثانية، من المقرر أن يبدأ اليوم جوزيف بوريل، الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، زيارة للعاصمة طرابلس، وقالت وكالة الأنباء الليبية إنه سيبحث مع عدد من مسؤولي الحكومة والمجلس الرئاسي العلاقات الليبية – الأوروبية.
إلى ذلك، اعتمد رئيس المجلس الرئاسي، صباح أمس بطرابلس أوراق أربعة سفراء جدد لدى ليبيا، حيث تسلم أوراق اعتماد كل من سفيرة المملكة المتحدة، كارولين هورندال، وسفير جمهورية ألمانيا الاتحادية ميشائيل أونماخت، وسفير جمهورية بنغلاديش، شميم أسد الزمان، وسفير جمهورية فنزويلا كارلوس أسفيدو.
وأكد رئيس المجلس الرئاسي، خلال استقباله السفراء، على عمق العلاقات التي تربط دولهم بليبيا، مشيداً بمواقف هذه الدول في دعم الحوار السياسي الليبي، الذي أنتج السلطة التنفيذية الجديدة، متمثلة في المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، معرباً عن تمنياته بالتوفيق لكل السفراء في أداء مهامهم الجديدة، بما يعزز علاقات بلدانهم مع ليبيا.
ومن جهتهم نقل السفراء الجدد، تحيات دولهم وحكوماتهم لرئيس المجلس الرئاسي، آملين عودة الاستقرار والسلام إلى ليبيا وشعبها. مثمنين جهود المجلس الرئاسي في توحيد مؤسسات الدولة، من أجل تحقيق السلام والاستقرار في ليبيا.
وعلى صعيد غير متصل، أجل مجدداً مجلس النواب الليبي إلى اليوم جلسة مساءلة، كانت مقررة بمقره في مدينة طبرق لحكومة «الوحدة الوطنية»، برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
وقرر عقيلة صالح، رئيس المجلس، تأجيل الجلسة إلى صباح اليوم بسبب تأخر قدوم الدبيبة وأعضاء حكومته إلى مقر المجلس. وأوضح صالح، الذي رحب بحضور الدبيبة ووزرائه، أنه تم التأجيل نظراً لأن الحكومة قد تأخرت عن حضور الجلسة في الموعد المحدد.
وكان الدبيبة قد وصل إلى طبرق لحضور الجلسة، التي سبقته إليها مجموعة تضم أكثر من 20 وزيراً بالحكومة، علماً بأن عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب، أعلن قبل تعليق الجلسة التي كان يفترض بثها على الهواء مباشرة، أنها كانت مخصصة لاستجواب الحكومة بعد استدعائها.
وقال بليحق إن «الحكومة لم تلتزم بالاتفاق السياسي، وأعادت أجواء عدم الثقة بين الليبيين»، واتهمها بصرف مليارات دون تحقيق نتائج على أرض الواقع.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.