التحقيق في دعوى قضائية ضد المشاركين في قتل القذافي

الرئيس الراحل معمر القذافي (غيتي)
الرئيس الراحل معمر القذافي (غيتي)
TT

التحقيق في دعوى قضائية ضد المشاركين في قتل القذافي

الرئيس الراحل معمر القذافي (غيتي)
الرئيس الراحل معمر القذافي (غيتي)

أعادت عملية إطلاق سراح الساعدي، نجل الرئيس الراحل معمر القذافي، وقيادات من النظام السابق، الحديث مجدداً عن ضرورة فتح تحقيق في قتل الرئيس السابق ودفن جثمانه، ونجله المعتصم بالله في مكان سري، وكشف تفاصيل ما حدث في ليلة العشرين من أكتوبر (تشرين الأول) قبل حوالي عشرة أعوام من الآن.
وانشغلت الأوساط الليبية بتصريحات نُسبت إلى وزيرة العدل بحكومة «الوحدة الوطنية»، حليمة إبراهيم، مفادها أن جهات التحقيق تنظر في دعوى قضائية حركتها عائلة القذافي، تطالب فيها النائب العام بكشف ملابسات مقتله ونجله، والقصاص من جميع الأطراف التي شاركت في هذه الجريمة؛ وهو المطلب الذي سبق أن دعت إليه أرملة القذافي، صفية فركاش، في رسالة إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لمساعدتها على استعادة جثتي زوجها ونجلها، وجاءت تحت عنوان «أعيدوا إلينا جثامين زوجي وابني وأعوانهم»، وطالبت حينها بمعاقبة كل من كان مسؤولاً بشكل مباشر أو غير مباشر، عن هذه الجريمة.
وعلى أثر تصريح وزيرة العدل عادت قضية مقتل القذافي ونجله المعتصم بالله، ووزير الدفاع آنذاك أبو بكر يونس، إلى واجهة الأحداث، ورأى مسؤول حقوقي بارز في غرب ليبيا، تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أن هذا المطلب «حق طبيعي لأسرة القذافي، ولا بد من التحقيق فيما جرى في تلك الليلة، التي شاهد فيها العالم القذافي مدرجاً في دمائه، وعُرضت صوره أمام الجميع، وبالتالي يجب كشف أسرار عملية القتل، وما واكبها من إخفاء للجثامين».
وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه لدواع أمنية: «نطالب القضاء الليبي بالبدء في التحقيق، وأن يتمتع بالحياد والشفافية في هذه القضية، التي من المفترض أن تؤسس لدولة العدل والحق».
وعرضت جثتا القذافي ونجله المعتصم بالله أمام عامة الناس في مدينة مصراتة، (شرق طرابلس)، قبل دفنهما في مكان ظل طي الكتمان حتى الآن، يرجح أنه على أطراف صحراء مصراتة.
وتأتي هذه المطالب في ظل وجود حديث عن قرب عملية تسليم رفات القذافي والمعتصم بالله، وأبو بكر يونس؛ حيث نقلت وسائل إعلام محلية عن مصدر أمني أن أعيان مدينة مصراتة أبلغوا مشايخ بقبيلة القذاذفة نيتهم تسليم رفاتهم، مدللة على ذلك أن عملية الإفراج عن الساعدي، وأحمد رمضان مدير مكتب القذافي، واللواء ناجي حرير، ومنصور ضو «كانت نتيجة هذه التفاهمات بين مصراتة والقذاذفة»، وقد تواكب ذلك مع أحاديث عن وجود صفقة سياسية بين رموز بالنظام السابق، والسلطة التنفيذية الحالية، البعض عدها تصب في خانة الانتخابات المرتقبة. لكن آخرين يرون أنها تتعلق بتكريس الاصطفاف خلف السلطة، «تحسباً لأي معركة عسكرية قد تقع».
ولم ينس الليبيون، وخصوصاً أنصار النظام السابق، مشاهد للقذافي وهو يستعطف شباناً في محاولات يائسة لتجنب مصيره المحتوم، والذي أظهرته لاحقاً صور التقطها هواة، قبل أن يتم إعلان مقتله رسمياً، من دون رواية نهائية لظروف ذلك. وقد قالت السلطة المؤقتة حينها إن القذافي قتل في تبادل لإطلاق النار أثناء نقله إلى المستشفى، بعد إلقاء القبض عليه. بينما قال الطبيب الذي فحص جثته إنه «أصيب بجروح مميتة برصاصة في أحشائه».
ومطلع الشهر الجاري، وبعد قرابة عشرة أعوام من تصفية القذافي وإخفاء أسرار مقتله، والمكان الذي ووري فيه الثرى، أبدى صلاح بادي، قائد ما يعرف بـ«لواء الصمود»، المعاقب دولياً وأحد المشاركين في دفن القذافي ونجله المعتصم، ووزير الدفاع أبو بكر يونس، أنه «مستعد للكشف عن المكان، الذي دفنت فيه جثة القذافي عام 2011، إثر معركة دامية في مدينة سرت مسقط رأسه.
وروى بادي جانبا من كواليس ما جرى آنذاك، خلال حوار على «كلوب هاوس»، وقال إنه «لم يدفنهم بمفرده، بل كانت هناك مجموعة أخرى شاركته في الغسل والتكفين والصلاة عليهم، ومن بينهم الشيخ خالد تنتوش»، وقال بهذا الخصوص: «عندما انتهينا من دفنهم جاءنا وفد من القذاذفة بمدينة سرت، يريدون جثمان معمر، فقلنا لهم إننا نريد جثمان عمر المحيشي»، أحد المناوئين للقذافي.
وعلق مصطفى الفيتوري، الصحافي الليبي الموالي للنظام السابق، في حديثه إلى «الشرق الأوسط» على تصريح صلاح بادي، وقال «إنه (بادي) يدرك أن مكان قبر القذافي وابنه، وأبو بكر يونس سوف يتم الكشف عنه عاجلاً أو آجلاً... لكن مطالبته لأعيان القذاذفة بجثمان المحيشي هو مطلب ساذج، ومحاولة لإقفال الملف».
وتساءل الفيتوري: «ما علاقة القذاذفة بذلك؟ ومن الذي قال إن المحيشي قتله النظام؟... ولماذا لم تتم المطالبة بذلك من قبل؟» ومضى يقول: «الفرق بين الحالتين واضح. المحيشي أحد رفاق القذافي. لكنهما اختلفا في إطار الدولة، وليس في إطار قبلي. أما القذافي فقد تم اغتياله وهو أسير حرب من قبل عصابة وليس دولة».



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.