ولي العهد السعودي يطلق مشروع «إعادة إحياء جدة التاريخية»

لتكون مركزاً جاذباً للأعمال والمشاريع الثقافية... ومقصداً لرواد الأعمال الطموحين

الأمير محمد بن سلمان
الأمير محمد بن سلمان
TT

ولي العهد السعودي يطلق مشروع «إعادة إحياء جدة التاريخية»

الأمير محمد بن سلمان
الأمير محمد بن سلمان

أعلن الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء السعودي رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، إطلاق مشروع «إعادة إحياء جدة التاريخية»، ضمن برنامج تطوير جدة التاريخية الذي يهدف إلى تطوير المجال المعيشي في المنطقة، لتكون مركزاً جاذباً للأعمال والمشاريع الثقافية، ومقصداً رئيسياً لرواد الأعمال الطموحين.
ويأتي المشروع في سياق حرص واهتمام ولي العهد السعودي بالحفاظ على المواقع التاريخية وصونها وتأهيلها، تحقيقاً لمستهدفات «رؤية 2030»، وبما يعكس العمق العربي والإسلامي للمملكة، بصفته أحد أهم ركائز الرؤية، إذ سيعمل المشروع على إبراز المعالم التراثية التي تحفل بها المنطقة، وذلك بصفتها موقعاً تاريخياً لا مثيل له في المملكة، باحتوائها على أكثر من 600 مبنى تراثي، و36 مسجداً تاريخياً، و5 أسواق تاريخية رئيسة، إلى جانب الممرات والساحات العريقة، والمواقع ذات الدلالات التاريخية المهمة، مثل الواجهة البحرية القديمة التي كانت طريقاً رئيساً للحجاج، والتي سيُعيد المشروع بناءها لتحكي لزوار جدة التاريخية القصة العظيمة للحج منذ فجر الإسلام.
وقال الأمير بدر بن فرحان، وزير الثقافة السعودي، إن مشروع «إعادة إحياء جدة التاريخية» بأهدافه الكبرى يعد مشروعاً نوعياً يمزج التاريخ والثقافة بالفرص الاقتصادية والتنمية الحضرية والحفاظ الطبيعي، ويحقق مستهدفات «رؤية المملكة 2030» بمختلف أبعادها التنموية، منوهاً بأن الإعلان يمثل جانباً من دعم قيادة بلاده المستمر المتنامي لكل ما فيه مصلحة الوطن والمواطنين.
وثمّن وزير الثقافة السعودي الاهتمام الكبير الذي يوليه ولي العهد لمشروع النهوض بالقطاع الثقافي في المملكة، ورفع كفاءته ليصبح عنصراً فعالاً في تحسين مستوى جودة الحياة، والمساهمة في الناتج الاقتصادي الوطني، مشيراً إلى أن إعلان ولي العهد عن المشروع هو بمثابة التأكيد على أهميته وقيمته الوطنية، خاصة أنه مرتبط بمنطقة تاريخية عريقة، هي جدة التاريخية التي تعد موقعاً عالمياً، ومن المواقع السعودية المسجلة رسمياً في قائمة «اليونيسكو» للتراث العالمي.
وأشار الأمير بدر بن فرحان، عبر حسابه الشخصي على «تويتر»، إلى أن «إعادة إحياء جدة التاريخية» تحصين لتراثها ضد الإهمال والنسيان.
ويعد مشروع «إعادة إحياء جدة التاريخية» نموذجاً وطنياً ملهماً لاستثمار المواقع التاريخية وتنميتها لتعود بالفائدة على الاقتصاد الوطني، إلى جانب فوائدها الثقافية والحضارية.
وتمتد عناية ولي العهد السعودي بالتراث الوطني لتشمل مواقع ومعالم ثقافية وتاريخية في مختلف المدن والمناطق السعودية، كما تشمل مشاريع مهمة، مثل مشروع ترميم مباني التراث العمراني في وسط الرياض، ومشروع ترميم المساجد التاريخية في المملكة، وغيرها.
ويمتد العمل على المشروع إلى 15 عاماً، سيتم خلالها تطوير جدة التاريخية وفق مسارات متعددة، تشمل البنية التحتية والخدمية، وتطوير المجال الطبيعي والبيئي، وتحسين جودة الحياة، وتعزيز الجوانب الحَضرية، وذلك بهدف جعل «جدة التاريخية» موقعاً ملهماً في المنطقة، وواجهة عالمية للمملكة، عبر استثمار مواقعها التراثية وعناصرها الثقافية والعمرانية الفريدة لبناء مجال حيوي للعيش تتوفر فيه ممكّنات الإبداع لسكانها وزائريها، انطلاقاً من رؤية عصرية للتخطيط الحضري رُوعي فيها مفهوم الحِفاظ الطبيعي، وضرورة مواءمته مع احتياجات الإنسان، ومُحفّزات النمو التلقائي للإبداع، وبما يجعلها حاضنة للإبداع، يلتقي فيها روّاد الأعمال والفنانون السعوديون ضمن مجتمع إبداعي خلّاق، وفي محيطٍ تتألق فيه عناصر التراث الوطني والطبيعة مع التصاميم الهندسية المعاصرة.
ويستهدف المشروع خلق بيئة متكاملة في جدة التاريخية، تتوفر فيها مقوّمات طبيعية متعددة، تشمل واجهات بحرية مطورة بطول 5 كلم، ومساحات خضراء وحدائق مفتوحة تغطي 15 في المائة من إجمالي مساحة جدة البلد، ضمن مساحة المشروع البالغة 2.5 كلم مربع. وسيستفيد المشروع من هذه المقوّمات الطبيعية عبر تحويلها إلى عناصر داعمة لبيئة صحية مستدامة تنعدم فيها أسباب التلوث البيئي.
ويراعي التصور الجديد لجدة التاريخية قيمتها في سياق التاريخ الإنساني، بصفتها نقطة التقاء رئيسة للناس والتجارة والثقافة منذ أن تأسست في القرن الثالث قبل الميلاد، بصفتها موقعاً لصيد السمك، مروراً بمحطات نمو مفصلية منحتها حضوراً أكبر في تاريخ المنطقة، خاصة بعد إنشاء ميناء بحري رئيس فيها خلال عهد الخليفة عثمان بن عفان (رضي الله عنه)، تحوّل في عهد الدولة السعودية إلى ميناء جدة الإسلامي عام 1970م، مانحاً جدة التاريخية فرصة للنمو والتطور خارج أسوار المدينة القديمة، إلى أن استحقت التسجيل في قائمة التراث العالمي لدى «اليونيسكو» عام 2014م.
ويمثل المشروع جانباً رئيساً من جهود برنامج تطوير جدة التاريخية لاستثمار التاريخ والعناصر الثقافية والعمرانية في المنطقة، وتحويلها إلى روافد اقتصادية تُسهم في نمو الناتج المحلي، وفي تحقيق مستهدفات «رؤية السعودية 2030». كما يعكس جانباً من توجه المملكة نحو تحقيق التنمية المستدامة في جميع المناطق والمدن السعودية، عبر مشاريع حَضرية تنموية صديقة للبيئة، تتوفر فيها حواضن طبيعية للإنتاج الإبداعي، ومواقع جاذبة للعيش والعمل، تُسهم في النمو الاقتصادي.
وترتكز عملية إعادة إحياء جدة التاريخية على استثمار معالم التاريخ، وخلق بيئة حيوية ينشط فيها المجتمع، ويبدع الفنانون، ويتحقق من خلالها نمو الاقتصاد الوطني، حيث ستكون نموذجاً مثالياً للتنمية الحضرية وجودة الحياة، يتألق فيها التاريخ بقالب عصري يُراعي احتياجات الإنسان واستدامة النمو التلقائي للإبداع، مما سيجعل جدة التاريخية قلباً نابضاً في المنطقة، وعنصراً مهماً مؤثراً في تحسين جودة الحياة للسكان، ومثالاً للتنوع والشمولية، ومنصة لالتقاء الأجيال، وموقعاً ثقافياً جاذباً للكبار والصغار.
وفي الوقت الذي تحظى فيه المملكة بنهضة ثقافية في كل المسارات الإبداعية، يسعى المشروع لأن تكون جدة التاريخية بشكلها الجديد حاضنة للفنانين محفزة للإبداع المحلي، ويلتقي ارتباط جدة بالتاريخ والتراث مع روحها العصرية المتطلعة إلى المستقبل، وهذا يجعلها الموقع النموذجي الذي يجتمع فيه جيل الروّاد بالأجيال الجديدة.
وسيجعل التصور الجديد من جدة التاريخية مكاناً حاضناً للإبداع، يُتيح لروّاد الأعمال والفنانين والمبدعين الإنتاج والابتكار بتلقائية وطبيعية، ضمن مجتمع إبداعي وفني خلّاق، وفي محيط طبيعي تتوفر فيه واجهات بحرية مطورة. وتنبع استثنائية جدة التاريخية في غِناها بالمباني التراثية التي يمتلك كل واحد منها قصة تاريخية خاصة به، ما يجعل من المنطقة منارة إشعاع ثقافي لا مثيل لها في العالم.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».