البعثة الأممية في السودان تدعو لإصلاح القطاع الأمني

فولكر: أبلغت المجتمع الدولي بضرورة تمويل الترتيبات الأمنية

TT

البعثة الأممية في السودان تدعو لإصلاح القطاع الأمني

قال رئيس البعثة الأممية لدعم الانتقال في السودان، فولكر بيرتس، إنه أبلغ مجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي بالأهمية القصوى لتوفير الدعم المالي، واللوجيستي لتنفيذ ملف الترتيبات الأمنية في اتفاقية «جوبا» لاستكمال السلام، ودعم الانتقال الديمقراطي، مؤكداً أن إصلاح القطاع الأمني «لا يمكن أن يؤجل إلى ما بعد قيام الانتخابات».
جاء ذلك خلال اختتام المشاورات التقنية والفنية لتفعيل الوقف الدائم لإطلاق النار في كل أنحاء السودان، والتي احتضنتها العاصمة الخرطوم أمس، وعرفت مشاركة واسعة من أعضاء اللجنة العسكرية العليا المشتركة، وممثلي حكومات ولايات دارفور.
وأضاف فولكر أن المشاورات حول تفعيل اللجنة الدائمة، التي ترأسها البعثة، جاءت «عملية ومثمرة تساعد في تنفيذ البند على أرض الواقع»، مؤكداً التزام البعثة الأممية بلعب دور أكبر بدعم مجهودات اللجان القطاعية. ومشيراً إلى أن تفعيل لجنة وقف إطلاق النار «ليس كافياً لتحقيق السلام في مسار دارفور، ولذلك يجب أن يكمل ذلك بملف الترتيبات الأمنية، بما في ذلك القوات المشتركة وآلية الرصد، والمتابعة لحفظ الأمن وحماية المدنيين».
كما أكد فولكر أن إدماج القوات العسكرية في جيش واحد «أمر مهم لإصلاح القطاع الأمني والعسكري، لكن يجب على السودانيين في الوقت ذاته الاتفاق على خريطة طريق لإعداد الدستور، ولا يمكننا الانتظار إلى ما بعد الانتخابات لإجراء هذه الإصلاحات المهمة».
في سياق ذلك، قال رئيس البعثة الأممية «يونتامس» إن السلام في السودان «يكتمل بمعالجة المسببات الأساسية للصراع، وهذا يتطلب التعاون والتنسيق التام بين الحكومة الانتقالية وأطراف السلام في اتفاقية «جوبا»، مشيراً إلى أنه يجري محاولات مع حركتي عبد العزيز الحلو، وعبد الواحد النور لحثهما على الدخول في عملية السلامة الشاملة. وأوضح فولكر أن بعثة «يونتامس» سياسية تعمل على تقديم الدعم الفني والخبرات لمساعدة السودانيين في مرحلة الانتقال نحو نظام ديمقراطي، وليست لديها قوات لحماية المدنيين.
من جانبه، قال رئيس اللجنة العسكرية العليا المشتركة لتنفيذ الترتيبات الأمنية، اللواء علاء ميرغني: «إننا نتطلع للمزيد من الدعم، وتقديم كل العون من البعثة الأممية في تنفيذ وقف إطلاق النار الدائم. ونأمل أن تعمل البعثة على استقطاب الدعم اللوجيستي والمالي لدفع عملية السلام، من خلال رعاية وتبني استكمال البروتوكول الأمني، الموقع في اتفاق السلام بين الأطراف السودانية».
بدوره، قال عضو اللجنة العسكرية العليا المشتركة عن حركة العدل والمساواة، سليمان صندل، إن من أولويات اللجنة في هذه المرحلة «الحفاظ على الأمن في دارفور»، موضحاً أن «الأمر المهم الذي يواجهنا في الوقت الحالي معالجة قضايا اللاجئين والنازحين، وهذا لن يتم دون تطبيق الترتيبات الأمنية».
ودعا صندل بعثة «يونيتامس» إلى التواصل مع الأمم المتحدة، ومتابعة الخطوات التي ستجري بالداخل مع رئيس مجلس السيادة الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، ووزير المالية جبريل إبراهيم، فيما يتعلق بتوفير الأموال اللازمة لتمويل البروتوكول الأمني، المتفق عليه في عملية السلام، مؤكداً أن أطراف السلام من حركات الكفاح المسلح «لديها نوايا صادقة وإرادة حقيقية لتنفيذ ملف الترتيبات الأمنية بالكامل، مع بقية الشركاء في السلطة الانتقالية بالبلاد».
وخلصت الورشة إلى تعزيز آلية الضبط واللجان القطاعية لتفعيل وقف إطلاق النار الدائم في كل المناطق التي تشهد نزاعات.
وتترأس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لمساعدة الانتقال في السودان، المعروفة اختصاراً بـ«يونتامس»، اللجنة الدائمة لإطلاق النار، مستعينة بمسؤول عسكري رفيع من دولة الهند في رئاستها.
وكان وزير الدفاع السوداني، ياسين إبراهيم ياسين، قد أشار خلال مشاركته في الجلسة الافتتاحية للورشة أول من أمس، إلى أن عدم توفر التمويل يقف حائلاً أمام تنفيذ بروتوكولات الترتيبات الأمنية في اتفاقية «جوبا» للسلام.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».