مصر: توقيف «سمكري البني آدمين» يثير ضجة في الوسط الفني

عالج آلام العمود الفقري والرقبة من دون ترخيص مزاولة مهنة

الفنان أمير كرارة أحد الذين خضعوا لجلسات «سمكري البني آدمين»
الفنان أمير كرارة أحد الذين خضعوا لجلسات «سمكري البني آدمين»
TT

مصر: توقيف «سمكري البني آدمين» يثير ضجة في الوسط الفني

الفنان أمير كرارة أحد الذين خضعوا لجلسات «سمكري البني آدمين»
الفنان أمير كرارة أحد الذين خضعوا لجلسات «سمكري البني آدمين»

لا يخلو اللقب الذي اختاره «سمكري البني آدمين» لنفسه ولمركز العلاج الطبيعي الذي أسسه، من طابع فانتازي يرنو لاجتذاب الأنظار والتباهي بقدراته الخاصة في إصلاح أعطاب العمود الفقري، تماماً كما يُصلح «السمكري» أجساد السيارات.
وتعود كلمة «سمكري» للشخص الذي يقوم بإصلاح هياكل المركبات، عبر مُعدات تعمل على تليين صفيح هياكلها، وإعادتها لطبيعتها بعد تعرضها لحوادث على الطريق، في مقاربة وجدها المدعو يوسف خيري ملائمة لطبيعة عمله في مداواة فقرات «البني آدمين» ومفاصلهم، مُستعيناً بعدة تكنيكات استعراضية أبرزها «الطقطقة» ليُعيد فقرات الجسم لوضعها السليم ومن ثم إزالة الآلام العالقة بها، على حد تعبيره في منشورات سابقة.
راج اسم «سمكري البني آدمين» على ساحات السوشيال ميديا ووسائل الإعلام، بعد خبر إلقاء السلطات المصرية القبض عليه وحبسه 15 يوماً على ذمة التحقيقات، وإغلاق المركز الطبي الخاص به، وذلك بتهمة تزوير خانة المهنة في بطاقة هويته لطبيب علاج طبيعي وتزوير شهادة تخرجه في تلك الكلية ذات الطابع الطبي والعلاجي.
وأعلنت النقابة العامة للعلاج الطبيعي في مصر في بيان لها مساء أول من أمس ضبطها لما وصفته بـ«أحد الدخلاء على المهنة الشهير بـ(سمكري البني آدمين)»، مؤكدة أن تلك الخطوة جاءت في إطار جهودها لمحاربة الدخلاء والأدعياء ومنتحلي صفة اختصاصي العلاج الطبيعي، وذلك بالتعاون مع أجهزة الدولة التنفيذية والنيابة العامة.
وما إن ذاع خبر القبض على المتهم حتى راجت مقاطع فيديو له وهو يمارس «مهاراته» في العلاج الطبيعي مع عدد من الفنانين، أبرزهم الفنان أمير كرارة، ومنة فضالي، وهبة مجدي، وفناني فريق «مسرح مصر» الذين أعرب كثير منهم عن عدم معرفته بشكل شخصي، وأنه من تواصل معهم في مواقع التصوير لتعريفهم بنشاطه العلاجي.
كما واكبت تلك المقاطع شهادات أكثر درامية كالتي خرجت على لسان المطربة «ساندي» التي ذكرت أنها كادت تُصاب بالشلل الرباعي بسبب خطأ ارتكبه «سمكري البني آدمين» خلال علاجها. ودوّنت عبر حسابها على «تويتر» بأن يوسف خيري «شخص محتال وليس طبيب علاج طبيعي».
وقالت: «لقد تسبب لي في إصابة كادت تؤدي بي إلى شلل رباعي، لأن الغضروف لمس النخاع الشوكي، ولو قُطع لكنت قد أصبت بالشلل لا قدر الله. تحذير يا جماعة مش أي حاجة الفنانين أو الإنفلونسرز يعلنوا عنها تعملوها... أرجوكم».
وأثارت حالة التنصل والغضب التي أبداها كثير من الفنانين تجاه «سمكري البني آدمين» بعد القبض عليه، جدلاً في الوسط الفني المصري، بعدما عكف خيري على الترويج لنفسه ومركزه الطبي بنشر صوره مع الكثير من الفنانين المعروفين لاجتذاب مزيد من الزبائن الذين يطمئنون بعد مشاهدة تلك الصور ومقاطع الفيديو.
«يحدث الكثير من الأزمات في الوسط الفني بسبب قبول عروض مجانية مقابل التقاط صور مع أصحابها» حسب وصف الناقد المصري محمد عبد الرحمن، الذي يضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «فكرة قبول أي عروض من هذا النوع مثيرة للريبة، لا سيما في وقت قد يعتذر فيه الفنانون عن حضور فعاليات خيرية والترويج لها، فيما يقبلون بنشر صورهم التي يتم بها الترويج لأنشطة كما في حالة سمكري البني آدمين».
وعن تنصل بعض الفنانين من فكرة الترويج للمتهم يقول عبد الرحمن: «ليس مطلوباً نشرهم لصورهم معه على صفحاتهم الشخصية لإعلان دعمه، فالمتهم هنا يقوم بشكل تلقائي بتصوير كل تلك الجلسات ونشرها على صفحاته لترويج سلعته وتوسيع حجم أعماله وتحقيق مصداقية نشاطه، وهذا يعيدنا لفكرة أن الكثير من القضايا المرتبطة أخيراً بالوسط الفني تقع بسبب قلة خبرة الفنانين في التعامل وإدراك تأثير مواقع التواصل الاجتماعي، وتقديم العنصر المادي على عناصر كثيرة مما يضعهم في مواقف مُحرجة كالتي حدثت في هذه القضية».
وفي شهر يوليو (تموز) الماضي، تم القبض على طبيب مزيف بالفيوم (جنوب غربي القاهرة) وذلك بعدما انتحل صفة طبيب اختصاصي باطنة وأطفال وأمراض الجهاز الهضمي والكبد لمدة 12 عاماً، حيث طلبت الإدارة الصحية بمركز سنورس إفادة من نقابة الأطباء بالفيوم وإدارة العلاج الحر بمديرية الصحة للاستفسار عن موقف الطبيب المزيف إذا ما كان مقيداً لديهم من عدمه، حيث ردّت النقابة بأن المذكور غير مقيد لديهم في نقابة الأطباء.



«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
TT

«الجميلات النائمات»... معرض قاهري يعيد تشكيل الجسد بصرياً

مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)
مدارس فنية متنوعة تداخلت في لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

يطمح الفنان المصري هشام نوّار إلى إعادة تشكيل الجسد بصرياً عبر معرضه «الجميلات النائمات» متشبعاً بالعديد من الثيمات الأيقونية في الفن والأدب والتاريخ الإنساني، خصوصاً في التعامل مع الجسد الأنثوي، بما يحمله من دلالات متعددة وجماليات عابرة للزمان ومحيّدة للمكان.

يذكر أن المعرض، الذي يستضيفه «غاليري ضي» بالزمالك (وسط القاهرة) حتى 5 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، يضم ما يزيد على 50 لوحة تتنوع خاماتها بين استخدام الألوان الزيتية على القماش بمساحات كبيرة، وبين الرسم بالألوان في مساحات أقل.

ويعدّ الجسد بمفهومه الجمالي والفني هو محور المعرض، والجسد الأنثوي تحديداً هو الأكثر حضوراً، بينما تبقى الوضعية الرئيسية التي اختارها الفنان، وهي فكرة «تمثال الكتلة» المصري القديم، وتوظيفه على هيئة فتاة نائمة هي الأكثر تعبيراً عن الفكرة التي يسعى لتقديمها، واضعاً ثيمتي الجمال، ممثلاً في الجسد الأنثوي، والنوم ممثلاً في وضعية واحدة تجسد المرأة، وهي نائمة في وضع أشبه بالجلوس، في إطار مشبع بالدلالات.

اللونان الأصفر والأحمر كانا لافتين في معظم الأعمال (الشرق الأوسط)

وعن المعرض، يقول هشام نوار: «الفكرة تستلهم تمثال الكتلة المصري القديم، فمعظم الشخصيات التي رسمتها تعود لهذا التمثال الذي ظهر في الدولة المصرية القديمة الوسطى، واستمر مع الدولة الحديثة، ويمثل شخصاً جالساً يضع يديه على ركبته، وكأنه يرتدي عباءة تخبئ تفاصيل جسده، فلا يظهر منه سوى انحناءات خفيفة، ويكون من الأمام مسطحاً وعليه كتابات، وكان يصنع للمتوفى، ويكتب عليه صلوات وأدعية للمتوفى».

ويضيف نوار لـ«الشرق الأوسط»: «تم عمل هذا التمثال لمهندس الدير البحري في الدولة الحديثة، الذي كان مسؤولاً عن تربية وتثقيف ابنة حتشبسوت، فيظهر في هيئة تمثال الكتلة، فيما تظهر رأس البنت من طرف عباءته، ومحمود مختار هو أول من اكتشف جماليات تمثال الكتلة، وعمل منها نحو 3 تماثيل شهيرة، هي (كاتمة الأسرار) و(الحزن) و(القيلولة)».

حلول جمالية بالخطوط والألوان (الشرق الأوسط)

وقد أهدى الفنان معرضه للكاتب الياباني الشهير ياسوناري كاواباتا (1899 - 1972) الحائز على نوبل عام 1968، صاحب رواية «منزل الجميلات النائمات» التي تحكي عن عجوز يقضي الليل بجوار فتاة جميلة نائمة بشرط ألا يلمسها، كما أهداه أيضاً للمثال المصري محمود مختار (1891 – 1934) تقديراً لتعامله مع فكرة «تمثال الكتلة».

وحول انتماء أعماله لمدرسة فنية بعينها، يقول: «لا يشغلني التصنيف، ما يشغلني معالجة خطوط الجسد البشري، كيف أجد في كل مرة حلاً مختلفاً للوضع نفسه، فكل لوحة بالنسبة لي تمثل الحالة الخاصة بها».

الفنان هشام نوار في معرضه «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

ويشير نوّار إلى أنه لم يتوقع أن يرسم كل هذه اللوحات، وتابع: «الفكرة وراء الجميلات النائمات الممنوع لمسهن، لكن تظل المتعة في الرؤية والحلم الذي يمكن أن يحلمه الشخص، حتى إن ماركيز قال إنه كان يتمنى أن يكتب هذه الرواية».

«يؤثر التلوين والتظليل على الكتلة، ويجعلها رغم ثباتها الظاهر في حال من الطفو وكأنها تسبح في فضاء حر، هنا تبرز ألوان الأرض الحارة التي احتفى بها الفنان، وتطغى درجات الأصفر والأحمر على درجات الأخضر والأزرق الباردة»، وفق الكاتبة المصرية مي التلمساني في تصديرها للمعرض.

أفكار متنوعة قدّمها الفنان خلال معرض «الجميلات النائمات» (الشرق الأوسط)

وتعدّ مي أن هذا المعرض «يكشف أهمية مقاومة الموت من خلال صحوة الوعي، ومقاومة الذكورية القاتلة من خلال الحفاوة بالجسد الأنثوي، ومقاومة الاستسهال البصري من خلال التعمق الفكري والفلسفي؛ ليثبت قدرة الفن الصادق على تجاوز الحدود».

وقدّم الفنان هشام نوّار 12 معرضاً خاصاً في مصر وإيطاليا، كما شارك في العديد من المعارض الجماعية، وعمل في ترميم الآثار بمنطقة الأهرامات عام 1988، كما شارك مع الفنان آدم حنين في ترميم تمثال «أبو الهول».