اليمن يطلب حزماً دولياً لوقف تصعيد الحوثيين وإرغامهم على السلام

وسط هجمات عنيفة في مأرب أجبرت مئات الأسر على النزوح

مقاتلون تابعون للحوثيين خلال تجمع مسلح في صنعاء (إ.ب.أ)
مقاتلون تابعون للحوثيين خلال تجمع مسلح في صنعاء (إ.ب.أ)
TT
20

اليمن يطلب حزماً دولياً لوقف تصعيد الحوثيين وإرغامهم على السلام

مقاتلون تابعون للحوثيين خلال تجمع مسلح في صنعاء (إ.ب.أ)
مقاتلون تابعون للحوثيين خلال تجمع مسلح في صنعاء (إ.ب.أ)

وسط استمرار الهجمات الحوثية على مناطق متفرقة من محافظة مأرب (شرق صنعاء) وثقت تقارير إنسانية نزوح مئات العائلات هربا من القصف الحوثي والصاروخي لا سيما في جنوب المحافظة، فيما طالبت الحكومة الشرعية المجتمع الدولي بموقف حازم لوقف التصعيد وإرغام الميليشيات على السلام.
هذه التطورات جاءت في وقت بدأ فيه المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرع مهمته رسميا على أمل أن ينجح في تحقيق ما أخفق فيه المبعوثون الثلاثة السابقون، لجهة إحلال سلام مستدام يطوي صفحة الأزمة اليمنية المتفاقمة للسنة السابعة.
وذكرت المصادر الرسمية أن رئيس الحكومة معين عبد الملك ناقش في الرياض أمس (الأحد) مع السفير الفرنسي لدى بلاده جان ماري صفا، «المستجدات الجارية في إطار الموقف الدولي الموحد للوصول إلى حل سياسي، ودعم المبعوث الأممي الجديد لإنجاز مهمته بما يؤدي إلى إحلال السلام ووضع حد لمعاناة اليمنيين، والتنسيق المشترك في هذا الجانب بما في ذلك الضغط على ميليشيا الحوثي الانقلابية وداعميها في طهران لوقف هجماتها على المدنيين والنازحين في مأرب واستهداف الأعيان المدنية في المملكة العربية السعودية».
ونقلت وكالة «سبأ» أن عبد الملك «جدد حرص الحكومة الشرعية على السلام وحقن دماء اليمنيين، وأشار إلى ما قدمته من تنازلات في سبيل ذلك يقابلها في كل مرة تعنت ورفض ميليشيا الحوثي بتوجيهات من داعميها في إيران. واتهم رئيس الحكومة اليمنية طهران بأنها «كانت ولا تزال سبب أساسي في الدمار والخراب الذي لحق باليمن وما يعانيه من نزيف مستمر في الدماء ومن الكارثة الإنسانية الأسوأ في العالم.
وقال عبد الملك إن «التصعيد العسكري للحوثيين واستهداف المدنيين والنازحين والأعيان المدنية في المملكة العربية السعودية، مؤشر على مضي هذه الميليشيا في حربها وعدم انصياعها لخيار السلام، ما يتطلب موقفا دوليا حازما وواضحا».
ووفق ما ذكرته المصادر الرسمية أشار عبد الملك إلى التطورات الجارية على صعيد استكمال تنفيذ اتفاق الرياض، وعودة الحكومة بكامل قوامها لممارسة مهامها في الداخل، والخطط القائمة للاهتمام بالوضع الاقتصادي والخدمي، وتخفيف معاناة المواطنين، والدعم الدولي المطلوب للإسهام في إنجاح عمل الحكومة، مؤكدا أن الأخيرة ماضية بالتوازي مع معركتها العسكرية لاستكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، في خطتها لتنفيذ الإصلاحات ومكافحة الفساد وبناء مؤسسات الدولة والحفاظ عليها.
ونسبت وكالة «سبأ» للسفير الفرنسي أنه جدد «موقف بلاده الداعم والمؤيد للحكومة اليمنية الشرعية، وحرصها على إنجاح مهمة المبعوث الأممي الجديد، بما يؤدي إلى الحل السياسي وإنهاء الحرب».
على الصعيد الميداني، أفادت مصادر ميدانية باستمرار الميليشيات الحوثية في تصعيدها الذي استأنفته منذ نحو أسبوع في مختلف جبهات محافظة مأرب، مع استمرار تدفق النازحين هربا من القذائف والصواريخ لا سيما من القرى في مناطق مديرية رحبة.
وتقول المصادر إن قوات الجيش والمقاومة الشعبية أفشلت محاولات هجومية لميليشيا الحوثي المتمردة المدعومة من إيران، غرب محافظة مأرب، عندما حاولت مجاميع من عناصر الميليشيا الحوثية، التقدم باتجاه مواقع في جبهة المشجح.
وبحسب ما نقله الموقع الرسمي للجيش، أسفر الاستهداف «عن مصرع وجرح عدد من تلك العناصر، فيما لاذ من نجا منهم بالفرار، بالتزامن مع قيام مدفعية الجيش، باستهداف تعزيزات الميليشيا القادمة إلى منطقة المواجهات، وتدمير عدد من الآليات القتالية والعربات، ومصرع من كان على متنها».
وذكر الموقع العسكري أن مقاتلات تحالف دعم الشرعية استهدفت بعدة غارات مواقع وتجمعات متفرقة للميليشيا المتمردة، في محيط محافظة مأرب، وكبدتها خسائر في الأرواح والعتاد.
في السياق نفسه كان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي أجرى اتصالا هاتفيا بمحافظ مأرب سلطان العرادة للوقوف على التطورات الميدانية والعسكرية، بما في ذلك قصف الحوثيين للأعيان والمنازل والأسر والأبرياء ومناطق النزوح.
ونقلت المصادر الرسمية أن هادي «أشاد بانتصارات الجيش والمقاومة في معارك التحرير التي تستهدف استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، وأكد على قدرة وتلاحم الشعب في جميع المحافظات، وفي مقدمها مأرب، على تحقيق النصر على ميليشيات الحوثي الإيرانية، بدعم وإسناد من دول تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية».
في غضون ذلك تواصلت عمليات نزوح الأسر هربا من الهجمات الحوثية بالصواريخ والقذائف في جنوب مأرب، حيث أفادت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في مأرب (حكومية) بأن رصدت انتهاكات جسيمة نفذتها ميليشيا الحوثي بحق النازحين والمجتمع المضيف في مديرية رحبة.
وطبقا لبيان الوحدة التنفيذية فإن مديرية رحبة تعرضت إلى عمليات قصف ممنهجة ومتعمدة من قبل الحوثيين، ونتج عن القصف إصابات في أوساط النازحين والمجتمع المضيف وتدمير ممتلكاتهم ومساكنهم، في حين بلغ عدد الأسر النازحة أكثر من 260 أسرة، في وقت دمرت فيه قذائف الميليشيات عشرات المنازل.
وأدى القصف الحوثي - بحسب البيان - على المناطق السكنية إلى إحراق وتدمير 28 منزلاً ومقتل مدنيين اثنين بينهم مسن يبلغ 75 عاما، وإصابة 9 مدنيين بينهم 5 نساء وطفل.
كما تسبب القصف على مناطق النازحين والمدنيين إلى مقتل مدنيين اثنين وإصابة 12 شخصاً بينهم أربع نساء، وفق ما ذكرته الوحدة المعنية بشؤون النازحين، التي دعت إلى توثيق كل الانتهاكات بحق النازحين من المدنيين والنساء والأطفال قانونيا ورفع قضايا جنائية ضد مرتكبيها ومحاكمتهم وإدراجهم ضمن قوائم مجرمي الحرب، وإلى تعويض النازحين وحمايتهم من أي انتهاكات أخرى قد ترتكب بحقهم.
وشهدت الأيام الماضية قيام الميليشيات الحوثية بتكثيف هجماتها على محافظة مأرب بخاصة في جبهة مديرية رحبة جنوب المحافظة في مناطق الكسارة والمشجح في الغرب مع استمرار الهجمات في المناطق المتاخمة من محافظة الجوف المجاورة.
وفي خُطبه الأخيرة كان زعيم الميليشيات الحوثية طلب من أنصاره الدفع بالمزيد من المقاتلين باتجاه مأرب حيث يرى أن السيطرة عليها ستمكنه من تعزيز الموارد المالية للإنفاق على المجهود الحربي وشراء الولاءات، إضافة إلى الأهمية الاستراتيجية لموقع المحافظة التي تجاور شبوة وحضرموت النفطيتين.



كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
TT
20

كيف سترد إدارة ترمب على الحوثيين هذه المرة؟

زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)
زعيم الحوثيين استغل أحداث غزة لتجنيد آلاف اليمنيين (أ.ف.ب)

غداة التهديد الحوثي الأخير بعودة الهجمات الحوثية المزعومة ضد إسرائيل، تصاعدت التساؤلات اليمنية عن الطريقة التي ستتخذها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد الجماعة المدعومة من إيران.

ويرى سياسيون يمنيون أن الولايات المتحدة سترد بطريقة أشد ردعاً على هجمات الحوثيين، إذا ما نفَّذت الجماعة تهديدها بالعودة إلى قصف السفن في البحر الأحمر وخليج عدن؛ حيث تزعم أنها في موقف الدفاع عن الفلسطينيين في غزة.

ويبدو أن زعيم الجماعة المدعومة من إيران، عبد الملك الحوثي، يسعى لاختبار ردة الإدارة الأميركية الجديدة؛ إذ هدد، مساء الجمعة، بأن جماعته ستعود لمهاجمة السفن بعد 4 أيام، إذا لم تسمح إسرائيل بإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، ضمن ما نصّت عليه المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار.

وكانت إسرائيل وحركة «حماس» توصلتا، بوساطة قطرية ومصرية وأميركية، إلى اتفاق لوقف النار وتبادل الأسرى بدأ سريانه مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي. ومنذ ذلك الحين، توقف الحوثيون عن هجماتهم ضد السفن وباتجاه إسرائيل، مع تهديدهم بالعودة إليها في حال فشل الاتفاق.

وتقول الحكومة اليمنية إن هجمات الحوثيين البحرية، وباتجاه إسرائيل، تأتي تنفيذاً لتوجيهات إيرانية، وإنها لم تساعد الفلسطينيين في شيء، أكثر من استدعائها لعسكرة البحر الأحمر وإتاحة الفرصة لإسرائيل لتدمير البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية تتزود بالوقود جواً (الجيش الأميركي)

ومع توقُّع أن تكون إدارة ترمب أكثر حزماً من سابقتها في التعاطي مع التهديدات الحوثية، كان قد أعاد تصنيف الجماعة «منظمة إرهابية أجنبية» ضمن أولى قراراته، إذ بدأ سريان القرار قبل أيام بالتوازي مع إدراج 7 من كبار قادة الجماعة على لائحة العقوبات التي تفرضها وزارة الخزانة.

السيناريوهات المتوقعة

مع تهديد زعيم الجماعة الحوثية بالعودة إلى مهاجمة السفن، يتوقع سياسيون يمنيون أن ردة الفعل الأميركية ستكون أقوى. وقد تصل إلى الدعم العسكري للقوات اليمنية على الأرض. وهذا يعني نهاية المسار السياسي الذي تقوده الأمم المتحدة بناء على خريطة الطريق التي كانت توسطت فيها السعودية وعمان في نهاية 2023، وتعذر تنفيذها بسبب التصعيد الحوثي البحري والإقليمي.

ويتوقع البراء شيبان، وهو زميل في المعهد الملكي البريطاني لدراسات الدفاع، أن واشنطن سترد هذه المرة، وقد تكون بوتيرة ضربات أعلى، كما ستشدد الرقابة على كل الأفراد والكيانات الذين لا يزالون يقومون بأي تعاملات مالية أو لوجستية مع الحوثيين، بما في ذلك دخول النفط الذي يُعتبَر أحد أبرز الموارد الذي استخدمته الجماعة خلال الفترة الماضية.

صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)
صاروخ باليستي سماه الحوثيون «فلسطين2» واستخدموه لمهاجمة إسرائيل (إعلام حوثي)

وفي حال حدوث ذلك، يرى شيبان أن ذلك قد يدفع الحوثيين إلى التصعيد العسكري، وهو ما سيكون له تبعات على خريطة الطريق والمشاورات الذي كانت قد دشنتها الرياض مع الحوثيين منذ عام 2022.

من جهته، يتوقع المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر، رداً أميركياً على أكثر من مسار، ومن ذلك أن يكون هناك رد عسكري جوي وبحري على الأهداف الحوثية، إلى جانب استهداف البنية التحتية للجماعة، مثل الموانئ والمنشآت العسكرية.

ويضيف: «ربما قد نرى المزيد من العقوبات الاقتصادية على الحوثيين، مثل تجميد الأصول وتحديد التجارة، بهدف تقليل قدرتهم على الحصول على الأسلحة والموارد. إلى جانب اللجوء إلى البحث عن شريك عسكري في اليمن، بهدف دعمه عسكرياً وتعزيز قدرته على مواجهة الجماعة».

ويخلص الطاهر في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى القول إن «رد واشنطن سيكون معتمداً على سياق الحادثة ونتائجها، بالإضافة إلى التطورات السياسية والاستراتيجية في المنطقة».

وفي سياق التوقعات نفسها، لا يستبعد الباحث السياسي والأكاديمي اليمني فارس البيل أن يقود أي هجوم حوثي ضد السفن الإدارة الأميركية إلى خلق تحالف جديد يضم إسرائيل لتوجيه ضربات أكثر فاعلية ضد الجماعة وقادتها، وربما بالتزامن مع استهداف القدرات النووية لطهران.

مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
مجسمات لصواريخ ومسيرات وهمية يعرضها الحوثيون في شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

ويجزم البيل في حديثه لـ«الشرق الأوسط» بأن أميركا تبدو الآن أكثر تصميماً على توجيه ضربات قوية ضد الحوثي في حال أعاد هجماته.

وفي اتجاه آخر، يرى الباحث السياسي اليمني رماح الجبري في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تبحث عن أي قصف إسرائيلي أو غربي لمناطق سيطرتها؛ كون ذلك يحقق لها أهدافاً كثيرة. من بينها التصوير لأتباعها أن أي تحرك عسكري يمني أو حرب اقتصادية ضدها انتقام إسرائيلي، وأن الصف الوطني الذي يقوده مجلس القيادة الرئاسي يخدم مصالح تل أبيب.

ويبدو أن الجماعة (بحسب الجبري) تريد أن تستعجل اختبارها لرد الإدارة الأميركية الجديدة، مستغلةً الظروف الحالية التي تتجاذب تنفيذ بقية خطوات اتفاق الهدنة في غزة بين حركة حماس وإسرائيل، دون أن تكترث للرد الأميركي المتوقَّع؛ كونها لا تأبه لأي أضرار يتعرض لها السكان في مناطق سيطرتها.

وعيد أميركي

في أحدث التصريحات الأميركية بشأن الموقف من الجماعة الحوثية، كانت القائمة المؤقتة بأعمال الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفيرة دوروثي شيا، توعدت الحوثيين، خلال إيجاز في مجلس الأمن الدولي بشأن اليمن.

وقالت إنه تماشياً مع الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس ترمب بشأن إعادة إدراج الحوثيين على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، تتخذ الولايات المتحدة خطوات ملموسة للقضاء على قدرات الحوثيين.

وأضافت أن بلادها ستتخذ خطوات لوقف الدعم الإيراني لأنشطة الحوثيين الإرهابية، وذلك بموجب المذكرة الرئاسية الخاصة بالأمن القومي التي أصدرها الرئيس ترمب، وأعاد من خلالها فرض القدر الأقصى من الضغط على إيران.

ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)
ضربات إسرائيلية أحدثت حرائق ضخمة في الحديدة اليمنية (رويترز)

وتوعدت السفيرة شيا باتخاذ إجراءات ضد الحوثيين، في حال استأنفوا هجماتهم المتهورة في البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة وضد إسرائيل.

وقالت إن كل دولة عضو في مجلس الأمن تتحمل مسؤولية الوفاء بالتزاماتها بموجب القرارات الصادرة عن المجلس، بما في ذلك القرارات التي تتعلق بالحظر المفروض على إمداد الحوثيين بالأسلحة والمواد والتدريبات ذات الصلة أو بالمساعدات المالية.

ودعت القائمة المؤقتة بأعمال المندوب الأميركي في الأمم المتحدة إلى التحرك باتجاه تعزيز آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش الخاصة باليمن، وحضت الدول الأعضاء على القيام بدورها وزيادة التمويل للتخطيط طويل الأمد الخاص بالآلية وتوظيفها للأفراد وبنيتها التحتية الحيوية والضرورية لتعزيز القدرة على تفتيش جميع الحاويات غير المكشوفة، وبنسبة مائة في المائة.

ووصفت الحوثيين بأنهم يواصلون سعيهم إلى أخذ مضيق باب المندب والتجارة الدولية كرهينة، ولم يبدوا أي رغبة أو قدرة على التمييز بين أهدافهم، وشددت بالقول: «حري بنا ألا نقبل بأي شكل من الأشكال مزاعمهم بشأن أي أساس مشروع لهجماتهم».

الهجمات والضربات السابقة

يُشار إلى أن الجماعة الحوثية تبنَّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة واحتجاز طاقمها لأكثر من عام ومقتل 4 بحارة.

وتلقت الجماعة نحو ألف غارة نفذتها واشنطن بمشاركة بريطانيا في بعض المرات للحد من قدراتها، في حين شنت إسرائيل 5 موجات انتقامية جوية على موانئ الحديدة ومطار صنعاء، ومحطات كهرباء، رداً على إطلاق الجماعة نحو 200 صاروخ وطائرة مسيرة باتجاه إسرائيل خلال 14 شهراً.

السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)
السفينة البريطانية «روبيمار» الغارقة في البحر الأحمر إثر قصف صاروخي حوثي (أ.ف.ب)

وباستثناء إسرائيلي واحد قُتِل جراء انفجار مسيرة حوثية في شقة بتل أبيب في يونيو (حزيران) الماضي، لم تكن لهذه الهجمات أي تأثير قتالي باستثناء بعض الإصابات، والتسبُّب في الضغط على الدفاعات الجوية الإسرائيلية.

غير أن الضرر الأكبر لهذه الهجمات الحوثية كان على الصعيد الاقتصادي مع تجنُّب كبرى شركات الملاحة المرور عبر باب المندب وسلوكها مساراً أطول عبر طريق الرجاء الصالح، وهو ما أدى إلى تراجع حركة السفن في البحر الأحمر إلى أكثر من 50 في المائة، وأصبحت مصر أكبر الخاسرين لفقدها نحو 7 مليارات دولار من عائدات قنوات السويس.

ومع عدم نجاح هذه الضربات الغربية والإسرائيلية في الحد من قدرات الجماعة الحوثية على شن الهجمات، كان الموقف الرسمي لمجلس القيادة الرئاسي اليمني والحكومة التابعة له معارضة هذه الضربات، لجهة أنها غير فاعلة في إنهاء التهديد الحوثي، وأن البديل الأنجع دعم القوات اليمنية الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها ومؤسسات الدولة المختطفة، باعتبار ذلك هو الحل العملي.