السيسي يدعو لتطوير «العمل الإنساني» في مصر

تفقد قافلة إنسانية لرعاية مليون أسرة

السيسي خلال مشاركته في احتفالية لصندوق «تحيا مصر»، بالعاصمة الإدارية الجديدة أمس (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال مشاركته في احتفالية لصندوق «تحيا مصر»، بالعاصمة الإدارية الجديدة أمس (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يدعو لتطوير «العمل الإنساني» في مصر

السيسي خلال مشاركته في احتفالية لصندوق «تحيا مصر»، بالعاصمة الإدارية الجديدة أمس (الرئاسة المصرية)
السيسي خلال مشاركته في احتفالية لصندوق «تحيا مصر»، بالعاصمة الإدارية الجديدة أمس (الرئاسة المصرية)

دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، منظمات المجتمع المدني في مصر، إلى تطوير «العمل الإنساني»، وتوسيع قطاعات الخدمات الإنسانية.
وحضر السيسي، أمس، احتفالية نظمها صندوق «تحيا مصر»، بالعاصمة الإدارية الجديدة، بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي، تزامناً مع اليوم العالمي للعمل الخيري، في إطار تكثيف جهود وإجراءات الحماية الاجتماعية التي تتخذها الدولة لتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين، بالتنسيق ما بين القطاع الحكومي وغير الحكومي ومنظمات المجتمع المدني.
تضمنت الاحتفالية عرض قافلة إنسانية لرعاية مليون أسرة على مستوى الجمهورية. وقال السيسي: «نجحنا في الفترة الماضية في توفير السكن اللائق ودعم الغارمات بمساهمة من صندوق (تحيا مصر) ومنظمات المجتمع المدني، بالإضافة إلى مبادرة أطفال بلا مأوى، لكننا لا نزال نطمح لتحقيق مزيد من الخير».
وأكد أن هناك تنسيقاً بين أجهزة الدولة ومنظمات المجتمع المدنية لتنظيم العمل الخيري في مصر. وأضاف: «لم نصل بعد إلى مبلغ 100 مليار جنيه، التي كنا نطمح لحشدها لصندوق (تحيا مصر)»، داعياً رئيس الوزراء مصطفى مدبولي إلى العمل على حشد المزيد من الموارد لصالح الصندوق؛ سواء من خلال تبرعات المواطنين أو غيرها من الموارد لزيادة قدرة الصندوق على العمل الخيري.
ولفت السيسي إلى أن عمل صندوق «تحيا مصر» ومنظمات المجتمع المدني لم يقتصر على توزيع السلع والمساعدات، وإنما امتد أيضاً لإقامة مشروعات صغيرة ومتناهية الصغر.
ونوه السيسي بمساهمة الصندوق مع منظمات المجتمع المدني في تخفيف الأعباء عن الغارمين والغارمات وأطفال بلا مأوى، لكنه طالب بمزيد من العمل في هذا الصدد، مشدداً على أنه «كلما زادت قدرتنا المالية؛ زاد العمل». وطالب الرئيس المصري منظمات المجتمع المدني والمشاركين في العمل الخيري في مصر بتخفيف الظروف الصعبة للمصريين وتطوير حياتهم، وتحويلها من حياة صعبة إلى حياة أكثر استقراراً.
وشدد الرئيس السيسي على أن توافر القدرة المالية للدولة والصندوق سيعزز القدرة على العمل الخيري، ما يحدث فارقاً ملموساً في حياة المواطنين.
وطلب الرئيس من أمين صندوق «تحيا مصر» اللواء محمد أمين نصر بتوفير الصندوق لنحو 10 آلاف سيارة جديدة، لإحلالها بدلاً من القديمة.
وفيما يتعلق بجهود الدولة لمواجهة جائحة فيروس كورونا المستجد، طالب السيسي بالتوسع في توزيع مستلزمات الوقاية، مشيراً إلى أن «الأمور مرت بسلام خلال الموجات الأولى والثانية والثالثة، ونحن على أعتاب الموجة الرابعة». وأكد أهمية الاستجابة لحملة التطعيم باللقاحات المضادة للفيروس، التي تنفذها وزارة الصحة والسكان. وجدد السيسي، الشكر لصندوق «تحيا مصر» والقائمين عليه، مشيراً إلى أن هذا الصندوق تحت مسؤوليته المباشرة، وأن أي مبالغ مالية يجرى صرفها من الصندوق تتم تحت إشرافه واقتناعه الشخصي.
وطمأن المصريين بوجود مجلس أمناء للصندوق «قوي ويباشر عمله بعناية»، مؤكداً أن أموال الصندوق في أيادٍ أمينة، ويتم إنفاقها بناء على تخطيط ودراسات وتصور دقيق؛ للتخفيف من معاناة المواطنين.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.