أنباء في أنقرة عن «لقاء قريب» بين فيدان ومملوك ببغداد

مسؤول عسكري سابق قال إنه يدشن «عملية تعقبها خطوات أقوى»

TT

أنباء في أنقرة عن «لقاء قريب» بين فيدان ومملوك ببغداد

يلتقي رئيس جهاز المخابرات التركية هاكان فيدان، ورئيس جهاز الأمن الوطني السوري علي مملوك، في بغداد، قريباً، حسب مصادر تركية.
وأكد رئيس دائرة المخابرات العسكرية الأسبق إسماعيل حقي بكين، ما تناقلته تقارير إعلامية تركية بشأن اللقاء المرتقب، الذي جاء الحديث عنه للمرة الأولى على لسان مصادر قريبة من الأمن العراقي، ووصفه بأن سيكون «بداية لعملية جديدة».
ونقلت صحيفة «تركيا» القريبة من حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان، عن بكين أمس (السبت)، قوله: «بسبب تمزق العلاقات التركية - السورية في منتصف عام 2011، بعدما اندلعت الحرب الأهلية في سوريا، تكبد الطرفان، التركي والسوري، خسائر مادية ومعنوية كبيرة».
وأضاف بكين، وهو نائب رئيس حزب «الوطن» التركي اليساري الذي يرأسه دوغو برنتشيك، الذي يبدي تقارباً مع حكومة إردوغان خلال السنوات الأخيرة، وسبق له الكشف لـ«الشرق الأوسط» عن لقاءات بين وفود من الحزب والرئيس السوري بشار الأسد وكبار مساعديه، وكذلك عن لقاءات بين مسؤولين بجهازي مخابرات البلدين بالمناطق الحدودية، وفي إيران، على مدى السنوات الأربع الماضية، أن «العملية التي تم تنفيذها من خلال دول وسيطة مثل روسيا وإيران لسنوات عدة، لم يكن لها معنى كبير».
وتابع أن العملية التي بدأت مع فيدان ستعيد بالتأكيد تنشيط قنوات الدبلوماسية والسياسة، مضيفاً: «سيبدأ عهد جديد»، مشيراً إلى أن النقاط الرئيسية للقاء ستتناول نشاط «حزب العمال الكردستاني»، الذي تنظر تركيا إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية أكبر مكونات «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) على أنها امتداد له في سوريا، وقضية المهاجرين السوريين إلى جانب الأوضاع في المناطق القريبة من الحدود التركية، لا سيما إدلب.
ولفت بكين إلى أنه يجب تقييم لقاء بغداد المرتقب في إطار محاولات تحسين العلاقات مع دول عربية، وأكد أن «خطوات أقوى بكثير ستتبع لقاء بغداد».
ويدافع حزب «الوطن»، الذي يتولى بكين منصب نائب رئيسه، عن إعادة العلاقات بين أنقرة ودمشق إلى ما كانت عليه قبل الاحتجاجات في سوريا 2011.
كانت مواقع إعلامية تركية، تحدثت، أول من أمس، أن فيدان سيلتقي مملوك في بغداد. وسبق أن التقى فيدان ومملوك في موسكو 13 يناير (كانون الثاني) عام 2020، بحضور مسؤولين رفيعي المستوى، وكان ذلك هو أول اتصال رسمي علني بين أنقرة ونظام الأسد منذ اندلاع الثورة السورية، لكن، حسب بكين، فإن لقاء بغداد سيكون مختلفاً وما يعقبه سيؤدي إلى تغير في شكل العلاقات بين أنقرة ونظام الأسد.
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) وقتذاك، بأن لقاء ثلاثياً سورياً - تركياً - روسياً عُقد في موسكو بحضور مملوك وفيدان وعدد من المسؤولين الروس.
وطلب وفد دمشق من تركيا الوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية «سوتشي» الموقعة بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، في سبتمبر (أيلول) 2018، بشأن إدلب فيما يخص إخلاء منطقة «خفض التصعيد» ممن أطلقت عليهم الوكالة مسمى «الإرهابيين» وفتح الطرقات الدولية.
وحسب الوكالة، فإن النظام مصمم على السيطرة على كامل محافظة إدلب وعودة سلطة الدولة إليها.
على صعيد آخر، بدأت سفينة «نينا خاتون» التركية أنشطة مكافحة التسرب النفطي القادم من المياه السورية في البحر المتوسط، قبالة سواحل بلدة صمان داغ التابعة لولاية هطاي جنوب تركيا.
كما أعلن وزير النقل والمواصلات التركي إسماعيل كارا أوغلو، عن وصول سفينة «سعيد أونباشي» التركية لجمع النفط من المنطقة، مؤكداً عدم وجود أي تلوث خطير حتى الآن في سواحل تركيا أو شمال قبرص.
كما أكد نائب الرئيس التركي فؤاد أوكطاي، أنه لا مخاطر جدية في الوقت الراهن على شواطئ تركيا وشمال قبرص، جراء التسرب النفطي من سوريا، مضيفاً أن تركيا تدخلت بشكل مباشر لمكافحة التسرب والتلوث الناجمين عن التسرب، واتخذت التدابير اللازمة لمواجهة خطر وصول التسرب إلى سواحل شمال قبرص.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.