«الرئاسي» الليبي يسعى لتفعيل «المصالحة الوطنية»

المنفي يلتقي وفداً من الأمازيغ تمهيداً لانتخابات ديسمبر

محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي يلتقي وفداً من الأمازيغ (المجلس الرئاسي)
محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي يلتقي وفداً من الأمازيغ (المجلس الرئاسي)
TT

«الرئاسي» الليبي يسعى لتفعيل «المصالحة الوطنية»

محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي يلتقي وفداً من الأمازيغ (المجلس الرئاسي)
محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الليبي يلتقي وفداً من الأمازيغ (المجلس الرئاسي)

يسعى رئيس المجلس الرئاسي في ليبيا، محمد المنفي، إلى إنجاز ملف «المصالحة الوطنية» من خلال بحث العراقيل التي تحول دون إتمام المصالحة مع القيادات المحلية في عدد من المدن والبلدات التي أحدثت الحروب والاشتباكات قطيعة بينها على مدار السنوات العشر الماضية.
وتعهد المنفي، فور توليه رئاسة المجلس في منتصف مارس (آذار) الماضي، بالعمل على التقريب بين الليبيين وإنجاز ملف المصالحة، حيث أمر بعد مضي شهر على مجيئه للسلطة بتأسيس المفوضية العليا للمصالحة الوطنية بقصد جبر الضرر ولتحقيق العدالة بين الليبيين. والتقى المنفي، مساء أول من أمس، وفداً من أمازيغ ليبيا لمناقشة مشاركة مدنهم في مشروع المصالحة الوطنية، الذي تبناه المجلس الرئاسي بهدف تحقيق الاستقرار في البلاد، تمهيداً لإجراء الاستحقاق الانتخابي في ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وضم وفد الأمازيغ كلاً من عميد بلدية كاباو مراد مخلوف، وبلدية يفرن حسين كافو، بجانب رئيس المجلس الأعلى للأمازيغ الهادي برقيق، ورئيس المجلس الأعلى الأباظي، محمد العزابي. وأكد المنفي، وفقاً لمكتب الإعلامي، خلال اللقاء على دور أمازيغ ليبيا «ورغبتهم الصادقة في المشاركة بالمشاريع والبرامج التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار».
وفيما أكد المنفي «وقوفه على مسافة واحدة من جميع الليبيين في كل المناطق»، قدم وفد الأمازيغ الدعوة له لزيارة مناطقهم، «تحقيقاً لمبدأ حق المواطنة، ودعماً لوحدة البلاد». وأكد وفد الأمازيغ، خلال الاجتماع، الذي عقد بديوان المجلس الرئاسي بطرابلس، دعمه للمجلس «في كل الخطوات المتخذة لتوحيد مؤسسات الدولة، ومشروع المصالحة الوطنية، ورغبته في المشاركة الفاعلة في الانتخابات المقبلة».
واحتفل الأمازيغ منتصف الأسبوع الماضي، باليوم العالمي للعلم الأمازيغي؛ وهو علم يُعرف بالرقعة الجغرافية والهوية السياسية لمنطقة (تامزغا) (شمال أفريقيا)، وقالت بعثة الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، في بيان، إن الأمازيغ «يمثلون جزءا لا يتجرأ من ليبيا، ورغم أنه لا توجد إحصائية دقيقة لمتحدثي الأمازيغية، فإنه حسب الإحصاءات الرسمية لعام 2004 قدر عدد الناطقين باللغة الأمازيغية بحوالي ربع مليون نسمة.
لوحت قيادات محلية تنتمي لمكون الأمازيغ في ليبيا، نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، باللجوء إلى استحداث إقليم إداري رابع، وكتابة وثيقة دستورية خاصة بهم، استجابة لما سموها «حقوقهم الضائعة وتهميشهم سياسيا»، معلنين في اجتماعهم بمدينة جادو الجبلية الواقعة شمال غربي البلاد، رفضهم مسودة الدستور التي تم التوافق عليها في منتدى الحوار السياسي، و«مقاطعة الاستفتاء عليها في جميع مناطقهم».
ومن الغرب والشرق إلى الجنوب الليبي، التقى المنفي قيادات محلية وأعيان ومشايخ قبائل لبحث هذا الملف الشائك معهم، وقال أحد القيادات السياسية بمدينة الزنتان، الواقعة بالجبل الغربي، لـ«الشرق الأوسط» إن مدينته تدعم جهود المصالحة الوطنية التي يقودها المجلس الرئاسي وحكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، «سعياً للم الشمل، والقضاء على الفُرقة التي قطعت أوصال العلاقة بين الليبيين».
وتتشكل المفوضية العليا للمصالحة من رئيس وستة أعضاء يُناط بهم جبر الضرر وتحقيق العدالة بين الليبيين بما يكفله القانون. ورأى محمد المُبشر، رئيس «مجلس أعيان ليبيا للمصالحة»، أن المصالحة «ليست كلاماً معسولاً، لكنها تحتاج إلى شجاعة ومصارحة واعتراف بالأخطاء، واعتذار وتعويض جميع الضحايا ومعالجة الآثار الإنسانية بالعدالة».
وسبق لنجلاء المنقوش وزيرة الخارجية بالحكومة، التأكيد في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيرها الجزائري رمطان لعمامرة، عقب ختام اجتماع وزاري لدول الجوار الليبي، منتصف الأسبوع الماضي، على أن المصالحة الوطنية يجب أن تكون «جهداً وطنياً، وأن تخرج من الأراضي الليبية، مع دعم دول الجوار والمنظمات الأممية والإقليمية للاستفادة من تجربتها»، وهو ما أكدت عليه بعثة الاتحاد الأوروبي، ورأت أن المصالحة «عملية محلية تشكل ركيزة بناء الدولة بعد الانتخابات الوطنية المقررة في ديسمبر المقبل، ويلتزم الاتحاد بدعم ليبيا في تحقيق هذا الهدف».
وكان المنفي بحث مع المسؤولين في مؤسسة مجلس شيوخ ليبيا ذات الموضوعات المتعلقة بملف المصالحة، وتم التأكيد خلال اللقاء على رأب الصدع بين أبناء الوطن، «من أجل لم شمل الليبيين على كلمة واحدة، والوصول بالبلاد إلى بر الأمان».
ويرى متابعون أن مسار المصالحة في ليبيا تعترضه جملة من الأزمات السياسية القديمة، بعضها يتعلق بالحروب البينية بين بعض المدن عقب مقتل الرئيس الراحل معمر القذافي، والبعض الآخر يرجع إلى الموقف من «ثورة 17 فبراير» تأييداً أو معارضة، لكنهم أكدوا أن تسوية هذا الملف تحتاج مزيداً من الوقت لإتمامها.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.