تقرير للأمم المتحدة: تنظيم داعش قد يكون ارتكب إبادة بحق أيزيديي العراق

المعلومات أدانت أيضا قوات أمنية وميليشيات عراقية باقتراف جرائم ضد مدنيين

مجموعة من الأيزيديات الناجيات من أسر «داعش» في مخيم بمحافظة دهوك («الشرق الأوسط»)
مجموعة من الأيزيديات الناجيات من أسر «داعش» في مخيم بمحافظة دهوك («الشرق الأوسط»)
TT

تقرير للأمم المتحدة: تنظيم داعش قد يكون ارتكب إبادة بحق أيزيديي العراق

مجموعة من الأيزيديات الناجيات من أسر «داعش» في مخيم بمحافظة دهوك («الشرق الأوسط»)
مجموعة من الأيزيديات الناجيات من أسر «داعش» في مخيم بمحافظة دهوك («الشرق الأوسط»)

أظهر تقرير مفصل لمفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نشر أمس أن تنظيم داعش «قد يكون ارتكب إبادة» بحق الأيزيديين في العراق بهدف «تدميرهم كمجموعة»، وتطرق إلى أعمال وحشية أخرى استهدف مجموعات إثنية أخرى. وقالت مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن تنظيم داعش «قد يكون ارتكب أخطر الجرائم الدولية الثلاث وهي جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية».
ونشرت المفوضية تقريرا مفصلا حول الجرائم والأعمال الوحشية التي ارتكبها المتطرفون و«تتضمن أعمال القتل والتعذيب والاغتصاب والاستعباد الجنسي والإرغام على التحول من دين إلى آخر وتجنيد الأطفال». وبحسب التقرير فإن «كل هذه التجاوزات تبلغ مرتبة انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وبعض هذه التجاوزات قد تشكل جرائم ضد الإنسانية وقد تبلغ مرتبة جرائم الحرب».
ويستند التقرير إلى «مقابلات متعمقة مع أكثر من 100 شخص شهدوا أو نجوا من الهجمات التي شنت في العراق في الفترة بين يونيو (حزيران) 2014 وفبراير (شباط) 2015»، وفق بيان مفوضية حقوق الإنسان.
وأضاف البيان أن «التقرير الذي طلبه مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بناء على مبادرة حكومة العراق في سبتمبر (أيلول) عام 2014. يذكر أعمال القتل الوحشية والمحددة الهدف التي كان ضحيتها مئات الرجال والفتيان الأيزيديين في سهول نينوى في أغسطس (آب) الماضي».
ووفق التقرير فإن النمط الجلي للهجمات «يدل على عزم تنظيم داعش على تدمير الأيزيديين كمجموعة» وهذا «يوحي بقوة» بأن تنظيم داعش «قد يكون ارتكب إبادة جماعية» بحقهم.
ويشير التقرير إلى أنه «جرى في بعض الحالات إخلاء القرى تماما من سكانها الأيزيديين». كذلك، ينقل التقرير عن فتيات ونساء أيزيديات استطعنّ الفرار من الأسر كيف كان يتم «بيعهن علنا أو تسليمهن باعتبارهن هدايا إلى أعضاء في داعش».
ونقل الشهود أنهم سمعوا «فتيات، لا تتجاوز أعمارهن 6 و9 سنوات، يصرخن طلبا للمساعدة بينما كان يجري اغتصابهن في منزل يستخدمه مقاتلو تنظيم داعش». وروت امرأة حامل اغتصبها «طبيب» في التنظيم المتطرف «مرارا وتكرارا على مدى فترة شهرين ونصف الشهر، إنه كان يتعمد الجلوس على معدتها. وقال لها: هذا الطفل سيموت لأنه كافر. أنا أستطيع إنجاب طفل مسلم».
إلى ذلك روى فتيان تتراوح أعمارهم بين 8 سنوات و15 سنة كيف تم فصلهم عن أمهاتهم وأخذهم إلى مواقع في العراق وسوريا. «قد أرغموا على التحول إلى الإسلام وأخضعوا لتدريب ديني وعسكري، كما أٌرغموا على مشاهدة أشرطة فيديو تعرض فيها عمليات قطع رؤوس».
والأيزيدية ديانة قديمة نشأت في بلاد ما بين النهرين منذ أكثر من 4 آلاف عام. ويقول أتباعها إنها أقدم ديانة في العالم وتجد جذورها في الزردشتية. وقد اختلطت على مر الزمان بالمسيحية والإسلام واليهودية وغيرها. وينظر المتطرفون إلى الأيزيديين على أنهم من عبدة الشيطان.
ويدين التقرير أيضا «المعاملة الوحشية» لعدد آخر من المجموعات الإثنية بما في ذلك المسيحيون والتركمان والصابئة والمندائية والكاكائية والأكراد والشيعة.
وينقل التقرير أنه «في غضون أيام في يونيو، هرب آلاف المسيحيين من بيوتهم بسبب الخوف» بعدما تلقوا أوامر من «داعش» بالتحول إلى الإسلام أو دفع ضريبة أو المغادرة.
وفي الشهر ذاته، شن التنظيم المتطرف هجوما ضد سجن بادوش وقسموا السجناء الثلاثة آلاف إلى مجموعات وأطلقوا سراح السنة، و«حملوا نحو 600 من الذكور، ومعظمهم من الشيعة، على سيارات نقل أوصلتهم إلى أحد الوديان حيث أطلق عليهم مقاتلو داعش الرصاص».
وروى الناجون لفريق الأمم المتحدة أن «أجسادا أخرى كانت فوقهم أنقذتهم».
واستهدف مقاتلو التنظيم المتطرف الأشخاص الذين «كانوا يعتبرون مرتبطين بالحكومة»، بحسب التقرير الذي نقل قصة مجزرة في 12 يونيو قتل خلالها ما بين 1500 و1700 طالب عسكري من قاعدة سبايكر العسكرية بعدما أفادت التقارير بأن معظمهم كانوا قد استسلموا.
وروى شرطي سابق لبعثة الأمم المتحدة أنه «عندما قدم بطاقة الشرطة الخاصة به إلى مقاتلي داعش، ذبح أحدهم والده وابنه البالغ من العمر 5 سنوات وابنته البالغة من العمر 5 أشهر. وعندما توسل إلى المقاتلين أن يقتلوه بدلا منهم، قالوا له: نحن نريد أن نجعلك تعاني».
وقال بيان مفوضية حقوق الإنسان إن «فريق التحقيق تلقى معلومات من مصادر كثيرة زعمت أن قوات الأمن العراقية والميليشيات التابعة لها ارتكبت انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان أثناء عمليات الهجوم المضاد التي شنتها ضد داعش». ويقول التقرير إنه «خلال صيف عام 2014 كان يبدو أن الميليشيات مع تحقيق حملتها العسكرية ضد داعش مكاسب ميدانية، تشن عملياتها بإفلات تام من العقاب، مخلفة الموت والدمار في أعقابها».
ويضيف أن أفراد قوات الأمن العراقية والميليشيات التابعة لها قاموا بإعدامات من دون محاكمة فضلا عن التعذيب والاختطاف والتشريد قسرا لعدد كبير من الأشخاص، وبالتالي «ربما يكونون قد ارتكبوا جرائم حرب».
وسيطر تنظيم داعش على مناطق واسعة في العراق إثر هجوم كاسح في يونيو الماضي. ومنذ ذلك الوقت تسعى القوات العراقية بدعم من ميليشيات مسلحة إلى استعادة الأراضي من سيطرة التنظيم المتطرف، ويدعمها منذ أغسطس الماضي تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».