إسرائيل تسعى لإقناع لاجئين سودانيين بالعودة إلى وطنهم

عائلة مهاجرة سودانية في مطعم سوداني جنوب تل أبيب أكتوبر 2020 (أ.ب)
عائلة مهاجرة سودانية في مطعم سوداني جنوب تل أبيب أكتوبر 2020 (أ.ب)
TT

إسرائيل تسعى لإقناع لاجئين سودانيين بالعودة إلى وطنهم

عائلة مهاجرة سودانية في مطعم سوداني جنوب تل أبيب أكتوبر 2020 (أ.ب)
عائلة مهاجرة سودانية في مطعم سوداني جنوب تل أبيب أكتوبر 2020 (أ.ب)

استدعت سلطات الهجرة في وزارة الداخلية الإسرائيلية العشرات من السودانيين طالبي اللجوء السياسي، في محاولة للضغط عليهم، وإقناعهم بالعودة المنظمة إلى وطنهم «بعدما سقط نظام البشير، وأقيم هناك نظام حكم جديد يقيم علاقات مع إسرائيل».
وقال مصدر في الداخلية إن هناك نحو 2445 سودانياً تقدموا بطلبات رسمية للحصول على مكانة لاجئ سياسي في إسرائيل، لكن طلباتهم رفضت. فتوجهوا، بواسطة جمعيات حقوق الإنسان، إلى محكمة العدل العليا في القدس التي أصدرت أمراً، في شهر أبريل (نيسان) الماضي، يلزم الحكومة بإعادة فحص أوضاعهم، والنظر في قرارها رفض طلباتهم. وأمهلت المحكمة الحكومة حتى نهاية السنة الحالية لإتمام إجراءات الفحص، وأوضحت أنه في حال عدم البت ستأمر بمنحهم مواطنة إسرائيلية مؤقتة حتى يبت بأمرهم.
وفي الأسبوعين الأخيرين، تم استدعاء العشرات منهم إلى مكاتب سلطات الهجرة، ولكن اتضح أن الجلسات لم تكرس لفحص جديد، بل لاستجواب ضاغط هدفه دفعهم إلى الهجرة والتنازل عن طلبات اللجوء. وروى أحد اللاجئين أن الموظفين تعاملوا معه كأنهم محققون في الشرطة، وراحوا يوجهون له الأسئلة المتتالية: «السودان بات في سلام، فلماذا لا تعود إليه؟ أي حزب سوداني تدعم؟ أجب بنعم أو لا؟ هل تعرف أن النظام في السودان اليوم يقيم علاقات مع إسرائيل؟ لماذا تترك عائلتك وشعبك؟».
وأضاف: «لم يتيحوا لي الجواب بحرية. حاولت إفهامهم أن السودان لا يعيش في سلام بعد، وأن الخطر ما زال قائماً. أخبرتهم بأن لي عدداً من الأصدقاء صدقوا الروايات عن تغيير الأوضاع، وعادوا فعلاً إلى السودان، واليوم لا نعرف ما هو مصيرهم. فقد اختفت آثارهم، وحتى عائلاتهم لا تعرف ماذا جرى لهم. لكن المحققين لم يسمعوني». وقال آخر، ممن عبروا هذا الاستجواب، إن «الهدف كان واضحاً: الضغط علينا حتى نهاجر من دون أي اعتبار لأوضاعنا، ولما قد يحصل لنا».
ومن جهتها، عدت وزيرة الداخلية الإسرائيلية، إييلت شكيد، هذه الجلسات «طبيعية مهنية»، وقالت إن الوزارة كانت تجري مداولات في طلبات اللجوء حتى عام 2019. ولكن عندما سقط نظام عمر البشير، أوقفت هذه المداولات، في ضوء أن باب الأمل فتح أمام عودة السودانيين. وأضافت: «لقد عاد مئات ألوف السودانيين إلى وطنهم، وهم يعيشون اليوم بأمان. ونحن نتفحص الأمر مع اللاجئين بكل جدية ومهنية وإنسانية، لذلك نفحص مع السودانيين عندنا أن يعودوا هم أيضاً، وبذلك ننفذ قرار المحكمة العليا عندنا».
ورد نمرود أبيجال، مدير برنامج الدعم للاجئين، بنفي ادعاءات الوزيرة، قائلاً إن الجلسات جاءت للضغط عليهم حتى يتنازلوا عن طلبات اللجوء، وهي لا تأخذ بالاعتبار أن اللاجئين يعيشون في وضع سيئ وفقر مدقع، وبلا حقوق في العمل، وعملياً تفتش عن طريقة جديدة للتهرب من واجبها الإنساني، وحرمانهم من حقهم في اللجوء. وقال مركز الدفاع عن المهاجرين: «نبارك قرار المحكمة، وتجاوب الوزارة، ونحن واثقون من أن إجراء فحص جدي مهني فعلاً سيوصل المسؤولين إلى القناعة بأن الأخطار ما زالت قائمة، وأن السودانيين يستحقون الاعتراف بهم بصفة لاجئين سياسيين، ويستحقون تنظيم وضعهم، ومنحهم الإقامة في إسرائيل».
يذكر أن عدد طالبي اللجوء الأفارقة في إسرائيل يبلغ 28 ألفاً، غالبيهم من إريتريا، و6400 من السودان، و300 من الكونغو. ونصف هؤلاء اللاجئين يعيشون في تل أبيب، والبقية يعيشون في البلدات العربية لـ«فلسطيني 48». والسودانيون بغالبيتهم من دارفور، وقد وصلوا إلى إسرائيل عبر سيناء المصرية. وقد قامت الحكومة الإسرائيلية ببناء جدار على طول الحدود لمنع لجوئهم إليها. وفي الشهور الأخيرة، يصل العشرات عبر التسلل من الحدود اللبنانية.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.