إسرائيل تسعى لإقناع لاجئين سودانيين بالعودة إلى وطنهم

استدعت سلطات الهجرة في وزارة الداخلية الإسرائيلية العشرات من السودانيين طالبي اللجوء السياسي، في محاولة للضغط عليهم، وإقناعهم بالعودة المنظمة إلى وطنهم «بعدما سقط نظام البشير، وأقيم هناك نظام حكم جديد يقيم علاقات مع إسرائيل».
وقال مصدر في الداخلية إن هناك نحو 2445 سودانياً تقدموا بطلبات رسمية للحصول على مكانة لاجئ سياسي في إسرائيل، لكن طلباتهم رفضت. فتوجهوا، بواسطة جمعيات حقوق الإنسان، إلى محكمة العدل العليا في القدس التي أصدرت أمراً، في شهر أبريل (نيسان) الماضي، يلزم الحكومة بإعادة فحص أوضاعهم، والنظر في قرارها رفض طلباتهم. وأمهلت المحكمة الحكومة حتى نهاية السنة الحالية لإتمام إجراءات الفحص، وأوضحت أنه في حال عدم البت ستأمر بمنحهم مواطنة إسرائيلية مؤقتة حتى يبت بأمرهم.
وفي الأسبوعين الأخيرين، تم استدعاء العشرات منهم إلى مكاتب سلطات الهجرة، ولكن اتضح أن الجلسات لم تكرس لفحص جديد، بل لاستجواب ضاغط هدفه دفعهم إلى الهجرة والتنازل عن طلبات اللجوء. وروى أحد اللاجئين أن الموظفين تعاملوا معه كأنهم محققون في الشرطة، وراحوا يوجهون له الأسئلة المتتالية: «السودان بات في سلام، فلماذا لا تعود إليه؟ أي حزب سوداني تدعم؟ أجب بنعم أو لا؟ هل تعرف أن النظام في السودان اليوم يقيم علاقات مع إسرائيل؟ لماذا تترك عائلتك وشعبك؟».
وأضاف: «لم يتيحوا لي الجواب بحرية. حاولت إفهامهم أن السودان لا يعيش في سلام بعد، وأن الخطر ما زال قائماً. أخبرتهم بأن لي عدداً من الأصدقاء صدقوا الروايات عن تغيير الأوضاع، وعادوا فعلاً إلى السودان، واليوم لا نعرف ما هو مصيرهم. فقد اختفت آثارهم، وحتى عائلاتهم لا تعرف ماذا جرى لهم. لكن المحققين لم يسمعوني». وقال آخر، ممن عبروا هذا الاستجواب، إن «الهدف كان واضحاً: الضغط علينا حتى نهاجر من دون أي اعتبار لأوضاعنا، ولما قد يحصل لنا».
ومن جهتها، عدت وزيرة الداخلية الإسرائيلية، إييلت شكيد، هذه الجلسات «طبيعية مهنية»، وقالت إن الوزارة كانت تجري مداولات في طلبات اللجوء حتى عام 2019. ولكن عندما سقط نظام عمر البشير، أوقفت هذه المداولات، في ضوء أن باب الأمل فتح أمام عودة السودانيين. وأضافت: «لقد عاد مئات ألوف السودانيين إلى وطنهم، وهم يعيشون اليوم بأمان. ونحن نتفحص الأمر مع اللاجئين بكل جدية ومهنية وإنسانية، لذلك نفحص مع السودانيين عندنا أن يعودوا هم أيضاً، وبذلك ننفذ قرار المحكمة العليا عندنا».
ورد نمرود أبيجال، مدير برنامج الدعم للاجئين، بنفي ادعاءات الوزيرة، قائلاً إن الجلسات جاءت للضغط عليهم حتى يتنازلوا عن طلبات اللجوء، وهي لا تأخذ بالاعتبار أن اللاجئين يعيشون في وضع سيئ وفقر مدقع، وبلا حقوق في العمل، وعملياً تفتش عن طريقة جديدة للتهرب من واجبها الإنساني، وحرمانهم من حقهم في اللجوء. وقال مركز الدفاع عن المهاجرين: «نبارك قرار المحكمة، وتجاوب الوزارة، ونحن واثقون من أن إجراء فحص جدي مهني فعلاً سيوصل المسؤولين إلى القناعة بأن الأخطار ما زالت قائمة، وأن السودانيين يستحقون الاعتراف بهم بصفة لاجئين سياسيين، ويستحقون تنظيم وضعهم، ومنحهم الإقامة في إسرائيل».
يذكر أن عدد طالبي اللجوء الأفارقة في إسرائيل يبلغ 28 ألفاً، غالبيهم من إريتريا، و6400 من السودان، و300 من الكونغو. ونصف هؤلاء اللاجئين يعيشون في تل أبيب، والبقية يعيشون في البلدات العربية لـ«فلسطيني 48». والسودانيون بغالبيتهم من دارفور، وقد وصلوا إلى إسرائيل عبر سيناء المصرية. وقد قامت الحكومة الإسرائيلية ببناء جدار على طول الحدود لمنع لجوئهم إليها. وفي الشهور الأخيرة، يصل العشرات عبر التسلل من الحدود اللبنانية.